نحن نتبادل الكلمات والحروف والعبارات كوسائل للتعبير عن المعانى وكأدوات لكشف كوامن النفوس .. ونتصور ان الحروف يمكن ان تقوم بذاتها كبدائل للمشاعر ويمكن ان تدل بصدق على ذواتنا ومكنوناتنا
والحقيقة ان الحروف تحجب ولا تكشف .. وتضلل ولا تدلل .. وتشوه و لا توضح .. وهى ادوات التباس اكثر منها ادوات تحديد
...يقول الحبيب ..لحبيبته : أحبك
وهو يقصد بذلك التعبير عن حالة وجدانية خاصة جدا وذاتية وجديدة عليه فلا يجد الا كلمة هى صك مستهلك تهرأ من كثرة الاستعمال.. كلمة أصبحت ماركة مسجلة لاردا أنواع البضائع كلمة حولتها الاغانى المبتذلة والهزليات المسرحية الى مبولة أو بالوعة أو فى احسن الاحوال الى منشفة لتجفيف ما ينضح من العرق فى حالات فسيولجية عديدة ومتناقضة
ولكنه لايجد غيرها
فأذا حاول ان يستخرج من قاموس الحروف ومعجم العبارات كلمات أخرى فأنه لا يجد الا المجاز والاستعارة والبيان والبديع وضرب ..الامثلة
فيقول لحبيبته انه يحبها كما تحب الوردة ندى الفجر أو كما تحب ظلمة الليل شعاع الشمس أو كما تحب صغار العصافير ..أعشاشها و هو كلام فارغ آخر يترجم الحالة الخاصة الفريدة الى سلسلة من البدائل المزورة ويحول الشعور البكر الى ثرثرة جوفاء لاتدل على شىء
و لو أنه صمت لكان صمت ..أبلغ
وللصمت المفعم بالشعور حكم أقوى من حكم الكلمات.. وله اشعاع وله قدرته الخاصةعلى.. الفعل والتأثير
د مصطفى محمود
الروح والجسد