[color=#6D5423]الاقتصاد والطب.. أخلاقيات المهنة هل تغلب عليها المصلحة التجارية؟
د. حاتم الجبلي: مع انطلاقة الأسواق المالية ونشاطها الكبير في دول الخليج العربية أصبح لهذه الأسواق دور اقتصادي حيوي، أدخلها ضمن دائرة الأمن الاجتماعي والاقتصادي لاسيما وأن أغلب المقيمين في الخليج صاروا مستثمرين في تلك الأسواق، تحولت الأسواق الخليجية وما تضمه من أسهم الشركات المدرجة لتصبح نوعية الاستثمارية الأولى وأخذت تستقطب من خلال الإدراجات الجديدة والاكتتابات الأولية وزيارة رؤوس مال الشركات المدرجة السيولة المالية وعودة الأموال المهاجرة، وارتفع حجم التداول اليومي ليصبح بقيمة حجم التداول خلال عام كامل قبل سنوات قليلة، إذ قفزت تداولات السوق السعودي إلى عشرات مليارات الريالات يومياً، وسوق دبي وأبو ظبي مثلاً إلى نحو مليار دولار يومياً..
حسين شبكشي: أعتذر عن التقرير الخاطئ هنا وأرحب مباشرةً بضيوف الملف الساخن من جدة المهندس صبحي بترجي رئيس مجموعة مستشفيات السعودي الألماني، أهلاً بك مهندس صبحي هذا التقرير..
صبحي عبد الجليل بترجي: مرحباً أخ حسين الله يحييك.
حسين شبكشي: الله يسلمك، أبدأ معك بالسؤال التقليدي الذي بدأت به الحلقة الملف الساخن اليوم، هل يجوز الجمع بين الاتجار بالطب والجانب الاقتصادي من مهنة الطب؟
صبحي عبد الجليل بترجي: طبعاً وبكل وضوح يعني هذا هو المستقبل في الواقع، المستقبل: التخصيص في جميع الخدمات، سواء كانت خدمات إنسانية أو خدمات أي نوع آخر من الخدمات..
حسين شبكشي: لكن هناك الذي لا يخفى عليك أن هناك الاتهامات الكثيرة التي توجه للقائمين على الطب الخاص بأنها مهنة باتت استغلالية وباتت تؤذي ولا تحاسب، ما رأيك في ذلك؟
صبحي عبد الجليل بترجي: لأ هذا.. إذا كان هذا الكلام صحيح فمعناه ألا تقدم الخدمة بمقابل، يعني إن كان هناك فيه إساءة من بعض الإخوة في القطاع الخاص وهذا لا يعني أن الخدمة بالمقابل كمبدأ خاطئ يعني فيه فرق بين الاثنين ولا ما تشاركني برأيي؟
حسين شبكشي: للمزيد من الآراء في هذا الموضوع أدعو ضيفي من القاهرة الدكتور حاتم الجبلي العضو المنتخب لمستشفى دار الفؤاد، دكتور حاتم مرحباً بك في التقرير.
د. حاتم الجبلي: أهلاً وسهلاً.
حسين شبكشي: متى تحول الطب إلى صناعة؟ يعني الآن بات من الدارج أن تستخدم كلمة صناعة الطب، صناعة مهن الطب، الصناعة الطبية، متى تحولت يعني في العالم العربي تحديداً؟
د. حاتم الجبلي: والله هو حالياً في مرحلة بداية، ما أقدرش أقول أنها يعني تتورط إلى درجة كبيرة، لكن هي نقدر نقول أنه منذ بداية التسعينات مثلاً بدأت تتحول إلى صناعة خدمية، وطبعاً هي رح تلعب دوراً كبيراً جداً في الاقتصاد أو نمو الاقتصاد في الدول العربية، خاصةً في دولة زي مصر وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي، إنما دعني أرجع بس إلى النقطة اللي حضرتك قلت التجارة بالطب الحقيقة يعني هو تعبير قاسي شوي على الأطباء وقاسي شوي على أصحاب المهنة لأننا إحنا نقدم خدمة طبية مقابل عائد مادي متواضع للغاية، وبالتالي أرجو أن الفكرة التي هي لدى الكثيرين أن الطب تجارة مربحة هي تجارة..
حسين شبكشي: دكتور حاتم هذا لا يوجه حصرياً لمهنة الطب، أنت تعرف أنه في تهمة الاتجار بالتعليم والاتجار بالمحاماة ففي أكثر من مجال توجه إليه التهم؟ والاتهامات لا تأتي من فراغ يعني؟
د. حاتم الجبلي: هو طبعاً الاتهام يأتي من أن يسدد مستخدم الخدمة عائد أو قيمة لا تعادل قيمة مستوى الخدمة التي أتوقعها، هنا بيت القصيد ويجب على الأطباء والمسؤولين عن القطاع الصحي في دول العالم العربي أن يطوروا أنفسهم ويلتزموا حالياً بسبل الاعتماد المتعارف عليها عالمياً، وهذا هو الأسلوب الأمثل لكي يؤمن المواطن الذاهب إلى مؤسسة طبية خاصة من أنه سيحصل على أرفع مستوى من الخدمة مراقب وله معايير محددة الجودة، وهي مشكلة طبعاً كبرى لكن في طريقها إلى اختراق النظام الصحي في الدول العربية، وأنا أرى أن هناك تجربة ناجحة جداً في المملكة العربية السعودية خاصةً في المنطقة الغربية، وهناك اتجاه قوي في مصر أيضاً للالتزام بمعايير الجودة في الخدمات الطبية، هو طريق طويل ودائماً نقول الطريق الطويل يبدأ بخطوة ونحن في الخطوة الأولى وهي نقطة مشجعة.
حسين شبكشي: جميل، أعود إلى ضيفي من جدة المهندس صبحي تبرجي، مهندس صبحي اسمح لي أن أسألك باعتبارك صاحب تجربة يطلق عليها تجربة فريدة في مجال الامتياز الطبي، يعني فتحت في أكثر من بلد داخل المنطقة العربية يعني حتى التجربة قد تكون نوعاً ما غريبة لأنه لا توجد مثيلات لهذه التجربة مثلاً في الغرب أو الشرق الأقصى بحيث تتحول مستشفى أو كيان طبي إلى ما يشبه حلقات الماكدونالدز هذا ما شبه ببعض الكتابات الاقتصادية مؤخراً في تجربة السعودي الألماني، تفضل.
صبحي عبد الجليل بترجي: أنا بدي أعود لما ذكره الدكتور حاتم الجبلي لو بنبذة بسيطة مشكلة الطب تحديداً أن مستخدم الخدمة هذه لا يستطيع تقييم هذه الخدمة، يعني هو يستطيع أن يقيّم خدمات فندقية لأنه يتعامل معها يومياً، هو يستطيع أن يقدم خدمة سيارة، خدمة استهلاكات كاميرا إلى آخره، أما كم عملية قلب يعمل مستخدم الخدمة في حياته؟ يجهل كثير من نوعية الخدمة المقدمة له وبالتالي يشك وبالتالي يشعر أنه هو مهضوم أو هُضم، في الواقع حتى إحنا في المستشفى.. في مجموعة مستشفيات السعودي الألماني نثبت للكل أن المادة ليس هدفنا الأول وأننا إحنا لسنا مبالغين، الآن عملنا لوحات في جميع المستشفيات أننا إحنا مستعدين نرد لك فلوسك يا مراجعنا إن ما عجبتك الخدمة مستعدين نرجع لك فلوسك، فتخلصنا في الواقع وتمكنا من إرضاء جزء كبير من مراجعينا بهذا المبدأ، أما من ناحية انتشار خدماتنا ففي الواقع هذا شيء مرغوب ليش؟ لأنه لما تحوّل هذه المهنة إلى صناعة، وبالتالي ليش.. كلمة صناعة معناها ستاندرد معناها نظم نوعية محددة..
حسين شبكشي: مهندس صبحي أدعوك لفاصل قصير نلتقط فيه الأنفاس ونعاود التقرير.
[فاصل إعلاني]
حسين شبكشي: عدنا ونواصل التقرير، أعود إلى ضيفي من جدة المهندس صبحي تبرجي، مهندس صبحي أرجو تكملة السؤال الخاص بانتشار المجموعة، تفضل.
صبحي عبد الجليل بترجي: أيوة، إحنا كنا نقول أن في الانتشار تحت اسم تجاري واحد، تحت خدمة متميزة بمعنى أن هذا الانتشار يشبه الانتشار الصناعي، وبالتالي يستقبل الخدمة في صنعاء، يستقبل نفس الخدمة في الرياض، يستقبل نفس الخدمة في أديس أبابا، أو يستقبل نفس الخدمة في مدينة حايل في شمال جدة، سواء المدينة كانت صغيرة أو كبيرة أو دولة نامية أو مدينة كبيرة فبالتالي موضوع صناعة الطب تؤخذ من ناحية الصناعة ومن ناحية الجودة النوعية، مش من ناحية أن الإنسان كيف يعمل صناعة في أرواح البشر؟ مش هذا الغرض، الغرض منه الجودة والنوعية وتقديم الخدمات..
حسين شبكشي: وما هو السقف المحاسبي الأخلاقي الذي تتبعه الصناعة في الطب؟ إذا أنت تفضلت منذ لحظات وقلت لي ما في معايير يقيس بها الزبون عملية القلب أو عملية الزايدة أو عملية الغضروف بينما يستطيع أن يفعل ذلك في السيارات والملابس وغير ذلك، ما هو السقف الأخلاقي المحاسبي الذي يجب أن يتبع هناك؟
صبحي عبد الجليل بترجي: هو في الواقع هذا هو دور إشرافي رقابي حكومي يجب أن يكون، يعني إحنا مثلاً في المنطقة الغربية عندنا في السعودية، عندنا تجربة فريدة من نوعها، فيه نظام للجودة خلقته لجنة مكونة من سمو الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز يشرف عليها جهاز من القطاع الخاص ومن الجهاز الحكومي، وتحديد نظام متكامل مبني على نظام الجودة النوعية في الولايات المتحدة وهو يطبق ويشرف عليه والآن إن شاء الله وزارة الصحة حسبما فهمنا من معالي الوزير أنه أُعجب بهذا النظام وسيطبقه على المملكة كلها، فهذه في الواقع خطوة رائدة جداً وسوف تنتشر في العالم العربي، سوف يكون هناك نظام نوعي يعطي للمريض حقه وفي نفس الوقت يعطي لمقدم المهنة حقه في نفس الوقت.
حسين شبكشي: وما بالك فيمن يقول أن هذه العملية مجرد ماركات في الأخير يعني ما بين الألماني هنا والأميركي هنا والفرنسي هناك والروسي؟ في الإمارات في تجربة شهيرة بالاستعانة بالخبرات الطبية الروسية؟ هل في الأخير نحن لا ننتج جودة عربية محلية مطلوبة؟
د. حاتم الجبلي: سيدي الفاضل أنت أثرت نقطة في منتهى الأهمية، وهي نقطة تحديد العلاقة بين الشريك الأجنبي وبين الشريك المحلي، إذا كانت القضية قضية مكيجة فده عيب الشريك المحلي ولا يعاب عليه الشريك الأجنبي، أنت صاحب المال وأنت الذي تحدد ماذا تريده من هذا الشريك، إن أراد ووافق على شروطك أهلاً وسهلاً، إن لم يوافق فأنت المخطئ، قبل أي شخص ثاني، طبعاً أحد المشاكل التي تواجه الخدمات الصحية الخاصة في العالم العربي هو ضعف الشفافية نظراً لأن معظم هذه المؤسسات مؤسسات أسرية وعائلية، إنما أعتقد وطبقاً لكلام المهندس صبحي بترجي أن ظهور المؤسسية في ملكية قطاع الخدمات الطبية هو أمر محمود جداً لأنه يفرض على هذه المؤسسات نظراً لتعدد الملكية فيها ونظراً لدخولها البورصة مستقبلاً قواعد شفافية واضحة جداً، ضمن هذه القواعد بقا هو العلاقة بينها وبين المؤسسات الأجنبية، وأنا أنصح كل واحد أنه هو قبل ما يذهب إلى أي مؤسسة أنه يسأل عن علاقة هذه المؤسسة بالشريك الأجنبي ومدى صدقها ومدى التزامها، كذلك مسؤولية الدولة كمان اللي هي مسؤولة عن الرقابة وتلعب دوراً مهماً في الرقابة أنها تشرح للمواطن أن العلاقة ده بين المؤسسة ده وبين المؤسسة المحلية علاقة واضحة وعلاقة أصيلة وعلاقة إيجابية..