لقد اهتم الإسلام اهتماماً عظيماً برعاية الطفولة و الأمومة , ولقد اهتم الإسلام
اهتماماً عظيماً بسلامة النسل و بكيان الأسرة القوي كلها, اهتماماً لا يدانيه ما
تتحدث عنه منظمات الأمم المتحدة و حقوق الإنسان و المنظمات الصحية العالمية .
واهتمام الاسلام لم يكن فقط من الجانب الأخلاقي ، إنما ضم أيضا الجوانب
الوراثية الجسدية و النفسية .و تستمر هذه الرعاية و العناية في مرحلة الحمل و
عند الولادة و الرضاع و مراحل التربية . و من مظاهر هذا الاهتمام
تحنيك المولود .....
بعض الأحاديث الواردة في التحنيك :
• أخرج البخاري في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها
حملت بعبد الله بن الزبير بمكة . قالت : خرجت و أنا متم فأتيت المدينة فنزلت
قباء فولدت بقباء ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضعه في حجره
ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شئ دخل جوفه ريق رسول
الله صلى الله عليه و سلم ، ثم حنكه بالتمر ، ثم دعا له فبرَّك عليه ......
• و في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال : ولد لي غلام فأتيت به النبي
صلى الله عليه و سلم ، فسماه إبراهيم و حنكه بتمرة . و زاد البخاري :" و دعا
له بالبركة و دفعه إلي " .
التفسير العلمي :
إن مستوى السكر( الجلوكوز ) في الدم بالنسبة للمولودين حديثاً يكون منخفضاً
، و كلما كان وزن المولود أقل كلما كان مستوى السكر منخفضاً .
و بالتالي فإن المواليد الخداج " وزنهم أقل من 5,2 كجم " يكون منخفضاً جداً
بحيث يكون في كثير من الأحيان أقل من 20 ملليجرام لكل 100 ملليلتر من الدم .
و أما المواليد أكثر من 5,2 كجم فإن مستوى السكر لديهم يكون عادة فوق 30 ملليجرام .
و يعتبر هذا المستوى ( 20 أو 30 ملليجرام ) هبوطاً شديداً في مستوى سكر الدم
، و يؤدي ذلك إلى الأعراض الآتية :
1. أن يرفض المولود الرضاعة .
2. ارتخاء العضلات .
3. توقف متكرر في عملية التنفس و حصول ازرقاق الجسم .
4. اختلاجات و نوبات من التشنج .
و قد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة مزمنة ، و هي :
1. تأخر في النمو .
2. تخلف عقلي .
3. الشلل الدماغي .
4. إصابة السمع أو البصر أو كليهما .
5. نوبات صرع متكررة ( تشنجات ) .
و إذا لم يتم علاج هذه الحالة في حينها قد تنتهي بالوفاة ، رغم أن علاجها
سهل ميسور و هو إعطاء السكر الجلوكوز مذاباً في الماء إما بالفم أو بواسطة الوريد .
المناقشة :
إن قيام الرسول صلى الله عليه و سلم بتحنيك الأطفال المواليد بالتمر بعد أن
يأخذ التمرة في فيه ثم يحنكه بما ذاب من هذه التمرة بريقه الشريف فيه حكمة
بالغة . فالتمر يحتوي على السكر " الجلوكوز " بكميات وافرة و خاصة بعد
إذابته بالريق الذي يحتوي على أنزيمات خاصة تحول السكر الثنائي "
السكروز " إلى سكر أحادي ، كما أن الريق ييسر إذابة هذه السكريات ، و
بالتالي يمكن للطفل المولود أن يستفيد منها .
و بما أن معظم أو كل المواليد يحتاجون للسكر الجلوكوز بعد ولادتهم مباشرة ،
فإن إعطاء المولود التمر المذاب يقي الطفل من مضاعفات نقص السكر الخطيرة التي ألمحنا إليها .
إن استحباب تحنيك المولود بالتمر هو علاج وقائي ذو أهمية بالغة و هو إعجاز
طبي لم تكن البشرية تعرفه و تعرف مخاطر نقص السكر " الجلوكوز " في دم المولود .
و إن المولود ، و خاصة إذا كان خداجاً ، يحتاج دون ريب بعد ولادته مباشرة إلى
أن يعطى محلولاً سكرياً . و قد دأبت مستشفيات الولادة و الأطفال على إعطاء
المولودين محلول الجلوكوز ليرضعه المولود بعد ولادته مباشرة ، ثم بعد ذلك تبدأ أمه بإرضاعه .
إن هذه الأحاديث الشريفة الواردة في تحنيك المولود تفتح آفاقاً مهمة جداً
في و قاية الأطفال ، وخاصة الخداج ( المبتسرين ) من أمراض خطيرة جداً
بسبب إصابتهم بنقص مستوى سكر الجلوكوز في دمائهم . و إن إعطاء
المولود مادة سكرية مهضومة جاهزة هو الحل السليم و الأمثل في مثل
هذه الحالات . كما أنها توضح إعجازاً طبياً لم يكن معروفاً في زمنه
صلى الله عليه و سلم و لا في الأزمنة التي تلته حتى اتضحت الحكمة
من ذلك الإجراء في القرن العشرين .
م ن ق و ل
تحيـــــــــــــــــــاتي