جــــــــفلَ المـــُحِبُّ عــــن الديارِ وبانا
فبقيــــــتُ أندُبُ في الضُّحى السُّكانا

أرضٌ يُـــــعانِقُها السّـــــحابُ ولم تكُنْ
ترضـــــى بيــــــــــومٍ أن يخيبَ رجانا

فــــلقد فَقَدْتُ مع الرحــــيلِ شواهِداً
تُحْـــيِّ الكلـــــــــــيمَ وتُسْعِدُ الولهانا

فـــــــبأرضِ خوبةَ ذكـــــرياتُ أحِـــبّةٍ
مــــــــلأوا الفؤادَ محــــــــــبّةً وحنانا

أشتــــــــــقْتُ رؤيةَ من يُقَبِّلُ حقلَهُ
يجْنِـــــي الثِّمارَ يُقلِّمُ البُـــــــــسْتانا

ويَفـــُــــــيضُ من نبعِ العيونِ سواقِياً
لِيُـــــــــفيقَ في سفحِ الجِبالِ جِنانا

ويُســــــــــــامِرُ الأزهارَ وقتَ بزوغِها
يــــشْدو لـــــــها ويغرِّدُ الألـــــــحانا

ياويلَ من ســـــــــلبَ العشيرَ ديارَهُ
نزعَ الحيـــــاةَ عن الديارِ نفــــــــــانا

شــــــــــــقَّ القلوبَ الآمناتِ بِجُرْمِهِ
وأزالَ بالّلـــــــهبِ المُقيـــــــتِ أمانا

حتّــــــــى تناثرَ في المدائنِ جمعُنا
ورمـــــــــى النُّزوحُ الإلْفَ واستحيانا

أرضٌ يُبــــــــــادِلُها الجمالُ وسامَةً
بحـــــــــقولِها لثمَ الهوى الأشجانا

عِشْـــــــــــــنا نُغَرّدُ كالطّيورِ بِأُفْقِها
صُبحاً ويخــفِق في السفوحِ صدانا

وتســيرُ للمرعى الفسيحِ شياهُنا
ومعـــــــاً نُقَلِّبُ في الفِساحِ صِبانا

ونُـــــــــدِلُّ في بَرْدِ الغديرِ كفوفَـنا
ونَبُــــــــلُّ من بينِ الشِّفاهِ ظمـانا

آهٍ لِــــــــــــــدارٍ قد تفرّقَ شملُها
جــــــــــرفَ الزمانُ فتونها فتفانى

وهي التي عاشَ الربيعُ يُجِــــلُّها
ويبُـــــــثُّ فيها بهجـــــــةً أزمــانا

بالفُلِّ والكاذي النّدِيِّ تنفّــــسَتْ
روضاتُـــــــــــــها وتضوَّعَتْ وديانا

واليــومَ تلهَثُ في القيودِ حقولها
ومعَ الـــــــــغروبِ تُناظِرُ الشُّطآنا

فــــــلعلَّ وفداً من قوافِلِ أهلِهـا
حـــنّوا وأطْروا في العشيِّ مكانا

لَكِنّــــــــــــها بقيتْ تُعاقِرُ صَمْتَها
تُزْجي الهـــمومَ وتنشُدُ السُّلْوانا

يُثْـــــــري الغرابُ نحيبَها ويُحِدُّها
بنعـــــــــيقِ صوتٍ يُقْلِقُ الوجدانا

ياأرضَ خوبَةَ من بجُرْمٍ مـــسّكي
ومن الذي مسحَ المُنــى وأهانا

وهـــبَ الحقولَ الباسِماتِ لِغُرْبَةٍ
رســــمَ الطلولَ العابِساتِ عيانا

جـــــعلَ البيوتَ العامِراتِ أرامِـلاً
تلِـــــــدُ السّكونَ وتنشُجُ الأحزانا

تلكَ القـــــلوبُ الحائراتُ تفرّقتْ
ألـــــــها نصيبٌ أن ترى الأوطانا


منقول