شهـــر رمضـــان الكريـــم في الأردن
حلول شهر رمضان الكريم تغيرا في حياة الأردنيين يتمثل في تزايد الأنشطة الدينية والتزام الجميع بحرمة رمضان واختفاء مظاهر الانفتاح الاجتماعي.
ومع مطلع شهر رمضان أقبل الأردنيون على زيادة مشترياتهم وهو ما نشط الحركة التجارية ورفع أسعار المواد التموينية الرمضانية بنسبة 15% حسب بعض التجار.
وفي رمضان يزداد التواصل الاجتماعي بين الأردنيين، فمن العادات الرمضانية قيام رب الأسرة بدعوة أرحامه لتناول وجبة الإفطار التي تحتل فيها وجبات المنسف وشوربة العدس والعصائر والتمور والقطائف دور الصدارة.
وتشهد المدن الأردنية عامة والعاصمة عمان خاصة أزمة سير خانقة وازدحاما كبيرا في اللحظات التي تسبق الإفطار. أما خلال الإفطار فتتوقف الحياة كليا في الشوارع وكأن الأردن في حالة حظر تجوال ما تلبث أن تنتهي بعد الإفطار لتعود الحياة من جديد.
وقد دفعت هذه الأجواء المطاعم والفنادق على السواء إلى ابتداع أساليب لجذب الزبائن إليها من خلال تقديم وجبات إفطار وسحور شرقية بأسعار مشجعة لمواجهة الكساد في هذا الشهر وتقديم فقرات ثقافية وغنائية شرقية تتسم بالطابع المحافظ.
لكن ما يلفت الانتباه في شهر رمضان هو الافتقاد التدريجي لظاهرة المسحراتي وهو الشخص المتبرع في كل حي، الذي يحمل طبلته متجولا في السراديب والأزقة ليوقظ النائمين لتناول السحور بعباراته المشهودة مع دق على الطبلة "يا نايم وحد الدايم... وحدوه". ويتذكر كبار السن تلك اللحظات قائلين "ما أحلى تلك الأيام".
وإذا كان هذا هو الحال مع شهر رمضان من عادات وتقاليد خاصة فإن للحكومة الأردنية دورا قانونيا في فرض الاحترام لحرمة رمضان حيث تغلق المقاهي طيلة النهار والنوادي والبارات طيلة الشهر وتحرص على زيادة البرامج الدينية في وسائل الإعلام الرسمية.
فيما بدأت وزارة الأوقاف الأردنية منذ حلول شهر رمضان بتطبيق برامج دينية خاصة وحملة خيرية تجاه الفئات الأكثر فقرا في الأردن.
وقال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور أحمد هليل إن الخطة تتضمن توزيع موائد الرحمن وطرود الخير ومشروع إفطار الصائم في المساجد الرئيسية في المحافظات وتوفير طرود بمواد غذائية متنوعة لتوزيعها على الشرائح الأكثر فقرا.
كما تتضمن الخطة تنظيم المسابقة الهاشمية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وترتيله وتفسيره بمشاركة 35 دولة عربية وإسلامية وبث فترة السحور على الهواء مباشرة من الجامع الحسيني الكبير وسط العاصمة.
ويقول أحد أئمة الجامع الحسيني إن أعداد المصلين طيلة شهر رمضان تتضاعف مرات عن باقي الأيام ويمتلئ المسجد الذي يتسع لحوالي أربعة آلاف مصل يشكل الشباب نسبة كبيرة منهم فيها.
ويرى إسلاميون أن هذا دليل على صحوة إسلامية بينما يقول الدكتور همام سعيد أحد قادة جبهة العمل الإسلامي إن التحدي الأكبر هو إدامة هذا الزخم الإسلامي على مدار السنة وربط الصحوة الإسلامية بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المسلمين.
ويشعر الأردنيون بألم أكثر لما يكابده الشعب الفلسطيني من معاناة ولما يحدث في العراق آملين أن يكون شهر رمضان الكريم حافزا للعرب والمسلمين على المستويين الرسمي والشعبي للعمل من أجل تخليص الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية من الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء الاحتلال الأميركي للعراق.
المأكولات الأردنية
لكل شعب من الشعوب موائده وأكلاته التي يتميز وينفرد بها عن سواه حيث تعتبر تلك الموائد عنواناً لكل شعب أو بلد بحيث تختلف عن غيرها، أو كما يقال، فإن مائدة أي شعب هي هويته التي تعرفه للعالم فينفرد كل شعب بطعامه الذي يميزه عن غيره. ولم يحد الأردنيون عن هذه القاعدة فقد أجادوا بل أبدعوا كثيراً في الطبخ وعرفوا بأكلاتهم الشهية الممتدة عبر أزمان بعيدة.
وبرغم كثرة الشعوب والأمم التي استوطنت الأردن قديماً من عرب، أنباط ورومان وغيرهم من الأجناس فإنهم لم يخلفوا وراءهم أي نوع من الأطباق التي جاءوا بها، إلا أنه يمكن القول أنه نتيجة التفاعل والاختلاط بين شعوب منطقة بلاد الشام فقد نقل الأردنيون العديد من الأكلات والوجبات من إخوانهم في فلسطين وسوريا ولبنان وحتى بعض دول الخليج العربي وأضافوها إلى ما عندهم فأصبحت وجبات رئيسة في موائدهم اليومية وهي مازالت حتى الآن.
وماذا كان عندهم؟
إن طبيعة الأردنيين الأوائل من البدو الرحل الذين كانوا يمتهنون رعي الماشية والإبل كانت تفرض عليهم أن يستمدوا غذاءهم الأساسي من الألبان والأجبان والحليب ومشتقاته، ثم مع مرور الوقت والأزمان وتغير الظروف الاقتصادية اجتهد الأردنيون وطوروا تلك المأكولات وأضافوا عليها أشياء جديدة غير معروفة في السابق، ولذلك يمكن القول بأن المأكولات الشعبية الأردنية هي نتاج الظروف والبيئة المحيطة، حيث تجد المطبخ يحتوي على ما تنتجه الأبقار والأغنام والأشجار المثمرة بأنواعها المختلفة بالإضافة إلى الأراضي المزروعة بأصناف الحبوب والبقوليات كافة.
جولة في عمّان
تنتشر في العاصمة عمان -كما في كل المدن الأخرى- المطاعم على اختلاف أنواعها الراقية والشعبية كلها تعج بالحركة والزبائن الأردنيين والعرب والأجانب يتذوقون المأكولات الأردنية، وقد بدأنا جولتنا للتعرف على أهم تلك المأكولات في وسط عمان أو ما يطلق عليه قاع المدينة حيث الحركة المكتظة والنشطة للباعة والمتسوقين وفي منطقة «سقف السيل» حيث المطاعم المنتشرة هنا وهناك تقدم وجباتها للزبائن، دخلنا أحدها وقد قابلنا المعلم حسن بابتسامة بشوشة وبعد أن قدمنا له أنفسنا رحب بنا وقدم لنا القهوة العربية وجلسنا معه مطولاً حيث دعانا لوجبة غداء وكانت عبارة عن «المقلوبة» لكننا اشترطنا عليه لقبول دعوته أن يحدثنا عن كل ما يتعلق بأكلة المقلوبة المشهورة في الأردن فوافق دون تردد، كونه أمضى ثلاثين عاماً في طبخ الأكلات الأردنية جميعها، وبعد أن تناولنا الغداء وحمدنا الله شكرنا المعلم حسن على حُسن ضيافته وبدأنا بسؤاله:
المقلوبة
كيف جاءت المقلوبة للأردن؟ ومم تتكون؟
- المقلوبة من الأكلات الأردنية الشعبية المشهورة جداً وهي مفضلة لدى سيدات البيوت لسهولة تحضيرها وسرعة طبخها، وجاءت هذه الأكلة أصلاً من فلسطين حيث اشتهر بها أهل الساحل البحري على شواطئ المتوسط والذين كانوا يعتمدون في طعامهم على صيد السمك وحيث كانت تسمى «الصيادية» أي مقلوبة السمك ثم دخلت المطبخ الأردني منذ زمن بعيد وأضافوا عليها الدجاج واللحم بدل السمك وسميت مقلوبة. ويضيف المعلم حسن: لأنه يتم وضع اللحم أو السمك أو الدجاج مع الخضار المشكلة في قاع الوعاء الذي تطبخ فيه، ومن ثم وضع الأرز بالأسفل والخضار واللحم في الأعلى لذلك سميت مقلوبة. ويقول المعلم حسن إنهم كانوا في الماضي يضيفون الباذنجان أو الزهرة، وفي أحيان أخرى القرع الأصفر لكن مع التطور أصبح الناس يستخدمون البطاطا والجزر والفول الأخضر والموجود من أنواع الخضار الأخرى ويتم تقديم اللبن الرايب والسلطات العربية بأنواعها بجانب طبق المقلوبة، وميزتها أنها تزين بالخضار الملونة المطبوخة فيها أصلا.
المسخن
تابعنا مسيرنا باتجاه الساحة الهاشمية بالقرب من المدرج الروماني الذي يحكي تاريخ الأردن وعمان منذ آلاف السنين ولفت انتباهنا لافتة كبيرة معلقة أمام أحد المطاعم تقول «تذوقوا المسخن الأردني الأصلي» وعند مدخل المطعم تحدثنا إلى مديره السيد عصام العلي واستقبلنا وقدم لنا القهوة العربية ثم عصير البرتقال الطبيعي وحدثنا عن مطعمه الذي يقدم الوجبات الأردنية كافة لزبائنه سواء داخل الصالة أو خدمة التوصيل إلى البيوت، ويعمل به أكثر من خمسة وعشرين شخصاً يوحدهم زي أنيق وابتسامة دائمة كلٌّ في مجاله، وعبر السيد عصام عن سروره لأن الكثير من الإخوة العرب والخليجيين والذين يزورون الأردن خلال فصل الصيف يقصدون مطعمه. بجانب ذلك وبسبب قرب المطعم من المدرج الروماني والآثار التاريخية المحيطة به فإن عدداً كبيراً من زواره من السياح الأجانب الذين يزورون الأردن على مدار السنة، بعد ذلك قدم لنا كبير الطهاة أحمد رمزي، حيث سألناه عن المسخن، فقال لنا:
إن المسخن يعتبر من المأكولات المحببة لدى الأردنيين وجاء من فلسطين حيث اشتهر به سكان مناطق الجبل، رام الله وجنين وما حولهما، وهذه المناطق تشتهر بزراعة الزيتون وهم يعتمدون في طعامهم على الزيت بشكل كبير حيث يدخل في معظم أكلهم، وسمي «المسخن» والذي هو عبارة عن لحم الدجاج لأنه كان يحضر في الطابون «الفرن» المبني من الطين والقش حيث كان يتم طبخه كاملاً داخل الطابون ويضاف له الخبر المغطس بزيت الزيتون البلدي ويتكون المسخن كله من الدجاج وليس اللحم، وفيما بعد أصبح يستعاض عن الزيت بخبز التنور «الشراك» الواسع، كونه لا يحتاج إلى كميات كبيرة من الزيت. ويضيف الطاهي أحمد أن الطابون لايمكن أن يحرق الطبق كأفران الغاز الموجودة حالياً ويحافظ على طعم ومذاق الأكل، ويتم تقديم المسخن على صوانٍ مجورة حيث يتم تقطيع الدجاج بشكل نصفي مع رش السماق والصنوبر على الوجه ويقدم بحالة ساخنة وإلى جانبه سلطة اللبن مع الخيار، وأصبح المسخن يقدم كوجبة رئيسة سواء لأفراد الأسرة أو ضيوفها ورواد المطاعم حيث يتلذذون بتناولها، وخصوصاً في فصل الشتاء حيث تنخفض درجة الحرارة في الأردن أحياناً دون الصفر.
وقدم لنا رئيس الطهاة دعوة لتناول طعام الغداء «المسخن» إلا أننا شكرناه واعتذرنا بسبب ضيق الوقت وارتباطنا بموعد آخر على أن نلبي دعوته في وقت لاحق.
أتــــمنى أنكم استمتعتم في المملكة الأردنية الهاشمية![]()
نراكم في رحلات أخرى إن شاء الله على متن طائراتنا
نعتـــز بخدمتـــكم :D
الكـــابتـــن هلووووول>>>> أقصد مناحي بن مطلق قاتل الفنان نفخه ضاحك: