نهى تعني الصباح , والصباح يعني نهى .

لاأفهم كيف مرّ ستمائة صباح دون أن تتصل بي يومياً أو أتصل بها، لتسألني أو أسألها: إنتِ وين ؟

وبَعد ، وبينما تقصّ عليّ أحداث أمسها ، ألتقط زجاجة العطر من حقيبتي الطويلة وأرشّ عليها كيفما اتفق ، فيتسلّل رذاذه إلى الحكايات في فمها ! فلا تتذمّر وتستمرّ ، ثم تقطع حديثها فجأة لتقول أنيّ إنسانة غريبة بلا يوميّات تحكيها. وتسألني خمسة أسئلة في وقتٍ واحد فأجيب عن واحد وأضحك مقابل البقية كعادتي حين لاأجد ماأقوله , فتضحك وتكمل ثرثرتها !

وحين نصل لمبنى الآداب ، حيث من المفترض أن ننفصل ، نميل لـ (نأخذ لفّة) أُخرى لا إرادية ، فـ تقطع كلامها - ويبدو أنها عادة لاشفاء منها - لتقول أنيّ قصِرتُ فجأة بينما كنت أطول في وقتٍ آخر !

الصباح يعني نهى , ونهى تعني الصباح .

وكلّما تنفستُ الصباح أو قُل رأيتُ غيمة، تذكرت هذه العفريتة النحيلة التي لايملك المرء إلا أن يحبها , رغم أنها لاتفعل شيئاً سوى أن تشتت أفكارك , إلا إنها لعَمري القوت اليومي الذي يُفرغك الإستغناء عنه من الطاقةِ تماماً .

لاحُرمت منك يافراشة .