من أهم أسباب الهم والغم والقلق التي تنتاب الناس اليوم: الأمور والمصاعب المالية، وهي كذلك من أهم أسباب الشقاء الزوجي، وانهدام الأُسر، وإن اهتمام المربين والمعلمين والمصلحين الاجتماعيين بهذا الأمر لا يتناسب أبداً مع أهميته، بل يكاد يكون شبه مهمل، يعتقد كثير من الناس أن ازدياد الدخل يزيد في السعادة، وأن امتلاك منزل فخم، وسيارة فارهة، وساعة ثمينة، ومجوهرات غالية، وقضاء إجازة ممتعة... وما إلى ذلك يجعل الإنسان سعيداً. وهذا ليس بصحيح، لأن الشعور بلذة قصيرة، ومتعة مؤقتة شيء، والسعادة شيء آخر. وهذا -بالطبع- يختلف عن امتلاك الإنسان ما يؤمن به (احتياجاته) من المطعم والملبس والمسكن والدواء..إلخ.
إن ازدياد الدخل يحل المشكلات إذا تعامل معه الإنسان بحكمة، ولكن في كثير من الأحيان يقابل ازديادُ الدخل ازدياداً في الإنفاق وازدياداً في المتاعب المالية، والسبب الحقيقي للمتاعب المالية لدى ذوي الدخل المتوسط ليس هو عدم وجود المال الكافي للإنفاق بل عدم وجود المعرفة الكافية بكيفية إنفاق مايحصلون عليه من مال.
نصائح عملية
الخطوات الثلاث الأولى في تحصيل اللياقة المالية هي:
التخطيط، والتسجيل، والتحليل.
● والمراد بالتخطيط: أن تضع لنفسك ميزانية تتضمن احتياجاتك في حدود دخلك، وأن تسير على أساسها. فتكتب -مثلاً- في رأس ورقة دخلك الشهري، ثم تكتب تحته النفقات مثل: أجرة البيت، تكاليف الصيانة، فواتير الكهرباء والهاتف، والطعام والملابس، تكاليف السيارة، والأطباء والأدوية...إلخ، وتسعى جــاهداً ألا يتجاوز إنفاقك دخلك بأي حال.
● سجل نفقاتك بأكثر ما تستطيعه من الدقة لستة أشهر -مثلاً- ثم ارجع إلى سجلاتك في آخر كل أسبوع بالدراسة والتحليل لتعلم فيما أنفقت دراهمك.
● يجب أن نعلم: (أين؟ وكيف؟ ولماذا؟) أنفقنا أو ننفق أموالنا، فالكرم شيء والإسراف شيء آخر، والتدبير في المعيشة مختلف عن الشح.
● كن حكيماً في إنفاقك: أولاً بعدم شراء ما لا تحتاج إليه حاجة حقيقية (إذ كثيراً ما تكون حاجاتنا وهميةً نابعةً من إغراء الدعاية وخداع النفس)، وثانياً بشراء أفضل ما تريد بأحسن الأسعار.
● رتب أولويــــاتك في الإنفاق، مثلاً: الحصـــــول على تعليم وتدريب جيدَيْن أهم من شراء سيارة جديدة، وشــــراءُ بيتٍ أفضلُ من قضاء إجازة في الخارج.
● لا تقترض إلا عند الضرورة القصوى، وسدد في أسرع وقت ممكن.
● علم أولادك الاقتصاد في الإنفاق والتدبير في المعيشة، وشيئاً من الخشونة في الحياة فإنّ النعم لا تدوم، وربهم على المسؤولية المالية، واشرح لهم أساليب الدعاية والإعلان في التلفاز وغيره لغسيل أدمغة المشاهدين حتى لا يتأثروا بها، ومن المفيد - حسب عمر الطفل - أن يُعوَّد على التوفير، وأن يكتب قائمة بما يحتاج إلى شرائه مهما كان قليلاً، وأن يعرف دخله الشهري من المصروف الذي يأخذه من أهله، وكيف ينفق هذا الدخل.
إن الدرس الذي يتعلمه الطفل في ســـــنٍ مبكرة من عمره قد يجنبه تجــــربة مُرَّةً يــــدفع ثمنها باهظاً في كبره.
● لا تأكل خارج المنزل إلا عند الضرورة، ولا تشتر طعاماً جاهزاً من السوق إلا وقت الحاجة.
● فكر أن تشتري بالجملة، لا من (السوبر ماركت) القــــريب، خــــاصة المواد التي لا تتلـف بســـــرعة، ولا تـــذهب إلى (السوبر ماركت) وأنت جائع!.
● اشــــتر وِفْــقَ خطةٍ مســــبقة حتى لا تقع في مصيدة الإعلانات وإغراء فنّ العرض.
● اشتر ما ستحتاج إليه قبل أن تحتاج إليه، مثلاً: اشتر ألبسة الشتاء القادم في تنزيلات نهاية موسم الشتاء الحالي، وتجنب (الشراء الانفعالي) الذي يكون نتيجة عاطفة آنية، أو شهوة عارضة.
● مراكز التسوق ليست أماكن مناسبة للنزهة والتـــــسلية، لأنك غــالباً ماتغــــادرها وقد اشـــــتريت ما لا تحتاج إليه.
● لا تستخدم البطاقات الائتمانية (الفيزا- الماستركارد) إذا لم يكن في رصيدك ما تسدد به في نهاية الشهر. ادفع نقداً، وإلا امتنع عن الشراء إلى أن تتمكن منه.
● اجعل الادخار عادة لك على قدر استطاعتك، وحاول أن تستثمر ما تدخر استثماراً حلالاً مناسباً.
● كن حذراً من (مصيدة الإجازة). إن متعة الإجازات متـــعة وقتية تزول بزوالها، لكن المال الذي ينفــــــق فيها لا يعود إلينا بعد عودتنا إلى بلادنا.
● لا تستعمل الهاتف النقال إلا إذا عجزت عن استعمال الهاتف الثابت.
● أدِّ زكاة مالك، وأنفق منه في وجــــوه الخـــير يُنْفقِ اللّهُ عليك، وتجــــدْ بركة ذلك في الدنيا قبل ثواب الآخرة.
بارك اللّه لك في عمرك ورزقك، وجعل يدك هي العليا دائماً، وجعلك من أغنيــــاء النفــــس وأغنياء المال، إذ "نعم المال الصالح للمرء الصالح" (رواه أحمد)
-------------------------------------------------* مستشار في مكتب
التربية العربي بدول الخليج
</B></I>