جميلة هي الحياة وتزداد جمالاً بتناقضاتها فلولا الحزن ما كنا لنعرف للسعادة قيمة ولولا المر ما كنا لنعرف للحلو لذة.. وتلك هي سنة الحياة وحكمة الخالق – عزّ وجل – والمؤمن من رضي بمكتوبه.
فيما هناك من التناقضات والتحولات ما لا يقنع بها حتى من ليس على ملة, كديدن ضمائر بعض مسؤولي الأجهزة الحكومية المعنية بخدمة المواطن. حيث تغط تلك الضمائر في سبات عميق لا تصحو منه إلا في مواسم معينة, كحين علمها بقرب زيارة الأمير الفلاني لدائرتها مثلا, فترى خُشُب الأمس وقد نفضت غبارها واستنفرت جهودها – كالبليد الذي لا ينشط إلا بفترة الامتحانات – فهذا المسؤول " أبو زعيط" يشرف بنفسه على ردم حفرة – عمرها عام – تقع بمدخل المدينة, قد ذهب ضحيتها الكثير آخرهم شاب (جامعي) قضى نحبه إثر حادث مروري بعكس ما جاء بتقرير الجهة المعنية التي حملت الشاب الخطأ بنسبة تفوق نسبته المئوية بشهادة الثانوية. وعلى ردم أخرى تسببت بعطب "وانيت" العم (يحيى) قبل خمسة شهور فتوقف بذلك مصدر دخله وقوت عياله وما كان يكفيهم مذلة السؤال!. وذاك المسؤول "أبو معيط" أيضا يتجول كل ساعة أو ساعتين يومياً بأقسام دائرته محفزاً موظفيها ومتلمساً حاجات المراجعين بابتسامة غير معهودة. ومن فوقهم جالب تعاسة الماضي وقد تحول بإيعاز من قرينه إلى صاحب سعادة حاضر بكل همة وأمانة, يتفقد هنا, ويعقب هناك! ولا همّ له إلا ترقيع وترميم مدينته بأي وسيلة كانت, ولو اضطر لشمر عن ساعديه وردم ورقع بنفسه وقد تصل الأمور لأبعد من ذلك.. المهم تمام التلميع (قبل زيارة صاحب المقام الرفيع). وتوها يا توها الحفرة ردموها.. ونام يا حبيبي نام.. إلى حين زيارة أخرى! ويا غافل لك الله.
![]()