الشاعر " حسن أبو علة " :
ليس هناك شيء اسمه قصيدة النثر
والحداثة هدفها تحطيم روح الشعر
لقاء أجراه الأستاذ " نايف كريري
نقلاً عن ملحق الأربعاء بجريدة المدينة
يرجع الشاعر حسن أبو علة ضعف الثقافة العربية في مقابل الثقافة الغربية في الوقت الراهن الى قلة المهتمين بالثقافة العربية ولضعف أغلبهم عن النهوض بمثل هذه المهمة، بيد أنه لم يخفِ تفاؤله بنهضة ثقافية عربية تكون ذات أثر واضح في العالم بأثره، وأنحى أبوعلة بالسلب والتبكيت على نهج الحداثة الذى طغى على المشهد الثقافي العربي الحالي واصفاً الحداثة بأنها لا تسمن ولا تغني من جوع وأن الشعر المطروح باسم الحداثة الآن لا يمت إلى عالم الشعر الحقيقي بصلة مطلقاً، نافياً بشكل استئصالي أن يكون هناك شيء اسمه ''قصيدة النثر''.. في هذا الحوار تطرقنا مع الشاعر حسن أبو علة الى الكثير من القضايا بدءاً بالتعليم بوصفه كان معلماً وقضايا الشعر والأدب والثقافة العربية وضرورة التحديث وحتمية المحافظة، وما إلى ذلك من القضايا التى أثرناها مع أبوعلة في هذا الحوار..
* قضيت قرابة الأربعين عاماً في مجال التعليم العام، فما هي انطباعاتك عن مخرجات التعليم الحالية من طلاب ومناهج؟
*الحقيقة هناك فرق بين التعليم في الماضي والحاضر على مستوى الطلاب وحتى على مستوى المعلمين، فقد كان هناك اهتمام من قبل الطلاب وأحسب ذلك أن الطالب مطمئن على مستقبله حيث ان التعليم قليل ومرغوب ولم تكن هناك وسائل من هذه الكماليات والترفيهيات والأشياء التي نراها اليوم، ولهذا كانت نوعية المدرس جيدة ويبذل في نفس الوقت جهده وبالتالي كان التلميذ يخشى المدرس والتعليم مصلحة لا يحمل عليها الإنسان في الأكثر إلا بالإكراه وكذلك يقول ابن خلدون في مقدمته وكذلك مصلحة الحكم والتنظيم لا يحمل عليها الناس إلا بالإكراه، أما اليوم فنعم حصل تقدم في التقنية والوسائل التعليمية إلاّ أن اختلاف الطلاب والأداء كذلك سيء ونحن بحاجة إلى آليات تحث الناشئة على التحصيل الجيد ليكونوا إيجابيين أمام التعليم.
*هل كان اهتمام الطالب هو السبب أم أن هناك أمورا أخرى؟
نعم الطالب عليه مؤثرات خارجية وبالتالي يكون لها تأثير، وأمر آخر التعليمية تحتاج منا إلى إصلاح وإلى إعادة نظر، فمثلاً منهج اللغة العربية وهو تخصصي فلو أننا نهتم بالتقليل من التشعبات الكثيرة في هذه المادة ونركز على الإعراب والتذوق الأدبي ولو بكتاب واحد أو على الأقل نحاول أن ننقش حركات الإعراب على ألسنة الناشئين نقشاً كما ينقش على الحجر وكذلك الأمر في سائر المناهج، فهذه قد تمكن الطالب من الازدياد في تحصيله.
وكذلك الأمر بالنسبة للمدرس نفسه فهو بحاجة إلى لفت نظر فتعمل له الدورات والندوات والتدريبات حتى يكون أدائؤ جيداً، فكيف يستطيع المدرس أن يحبب المادة إلى قلب الطالب ويغرسها في نفسه غرساً، فهذا الذي نريده منه.
* هل أجدت التحديثات الجديدة في حقل التعليم، كالتقييم المستمر للصفوف الأولى، وتقليص الاختبارات وغير ذلك؟
**على ما قضيته في التعليم في جميع المراحل الثلاث ومر عليّ آلاف من التلاميذ وحتى أنني في وقت من الأوقات طبقت نظرية على الطالب وهي تقول لابد من نقش حركات الإعراب على لسان الناشئة لأن الناشئ يقرأ النص خطأ ويلحن فيه وربما قرأ القرآن خطأ وما تولد هذا إلاّ من المنهج لأن المنهج يعتمد على الطريقة الاستقرائية والنظرية تحاول أن تغرسه في الإعراب مباشرة وطبقت هذا مدة سنة والغريب أنه خلال أربعة أشهر أو حولها لم أجد تلميذاً من تلامذتي يتكلم بالعامية أبداً في الفصل حتى شكا إليّ بقية المدرسين، وقد كانت طريقة رائعة حققت نجاحاً وهي موجودة لدي سترى النور قريباً إن شاء الله.
* هل حقق الأدب في الفترة الحالية والماضية إطلالات على المستقبل المضيء للأمة واستشرافا لمستقبلها؟
**بالنسبة لأندية الأدب عندنا في المملكة استطاعت بعض الشيء وأتمنى منها المزيد فهناك أمور لم تقصر فيها لكن هي بحاجة إلى وجود كوادر قادرة على إدارة هذه الأندية وتنهض بالأدب نهضة عربية صرفة ولا بأس من الأخذ من الجهات الأخرى، ولا تكاد تجد منها إلاّ القليل الناشط مثل مكة وأشعر أنه خمد وجازان يشتعل فترة ثم يخبو وأما نادي أبها وجدة نشيطة ولكنها تمثل تيارا آخر واتجاها آخر معاكسا للتراث والثقافة وعملهم غير جيد وأهل هذا الاتجاه معروفون ومتى كانت بدايته فكل هذا معروف، ثم أنه كان في بداية القرن أفضل أيام طه حسين والعقاد والرافعي وقد كنا نقرأ لهم بنهم وشغف وتشتعل الحوارات والمناقشات حول الأدب وقضاياه وحول هؤلاء الناس فمثلاً قضية الانتحال التي أثارها طه حسين ثم اصطدم بالرافعي ولم نكن وقتها معاصرين لكن كنا نقرأ نتاج ذلك فتشتعل الحوارات في داخل الفصل ونحن في المرحلة الثانوية حول هل الأدب للفن أم الفن للحياة؟ ويصل إلى الاشتباك بالأيدي حتى أن المدرس يفض النزاع باستخدام العصا، وما وجدنا في مثل الأيام مثل هذا.
* ما دور الكتاب العربي الحالي وهل حقق، ما كان يحققه في الماضي؟
**دور الكتاب العربي في هذا الوقت قل فالقنوات الفضائية ساهمت إلى حد كبير في صرف الناس عن القراءة خاصة منها التي تنقل برامج حية مباشرة وهذه تصرف الناس ونحن بحاجة إلى معالجة هذه الناحية على الأقل أن نزاحم هذه القنوات بالكتب وبالأمور التي تدفعهم للقراءة وبإمكاننا هذا فلابد من تفعيل البرامج الثقافية في القنوات وتكون برامج ثقافية هادفة غير الموجودة حالياً وهي الحداثة التي لا تسمن ولا تغني من جوع وربما أنشدوا من كلامهم ما يقولون أنه شعر وهو بعيد عن الشعر تماماً.
* التحولات الثقافية العربية والعالمية، كيف تراها، وهل أثرت الثقافة العربية على العالمية أم أنه كان العكس؟
**بالعكس الثقافة العربية ما تزال ضعيفة لأن رجالها لم يقوموا بها أو أن الذين يقومون بها غدوا قلة، ونحن نعرف أن الغلبة للأكثر والغربيون هم كذلك ولعلنا إذا نهضنا في المستقبل نستطيع أن نغزوهم بثقافتنا ونؤثر عليهم فثقافتنا قوية وهي دسمة وتراثها متكئ على أساس متين من الدين، وأنا متفائل بنهضة قوية قادمة.
* برأيك هل فشل التنوير العربي وما علاقة التنوير بالماركسية وهل هو موروث منها ومن الرائد في هذا المجال؟
**هذا التنوير الذي جاءوا به قناعتي أنه ليس تنويراً لأنه لا يتكئ على الأساس الديني وعندنا في القرآن الكريم (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) وتلاحظ معي أنه أخفق لأنه كان يتكئ على مبادئ اشتراكية وماركسية وأفيون الشعوب، أرأيت الناس وقد عادت في هذا الزمن إلى الدين بنفسها لحاجتها إليه والإنسان جبل على العبودية وأن هناك إلهاً، والتنوير يقصد به تحرر الإنسان من القيود ويجعلون الديانة قيوداً وهذا خطأ وبالتالي أخفق، لكن نستطيع أن نقول انه كمن وضع حجراً في بركة آسنة فقد كانت الناس نائمة لا تعلم واستيقظ الناس وانتبهوا ما هذا؟..ما هذا؟ وبالتالي عاد الناس إلى الدين.
* الكتاب الأخير ''حكاية الحداثة'' للدكتور عبد الله الغذامي، ذكر فيه أننا على مشارف عصر ما بعد الحداثة وهذا ما ينادي به الآن، هل فشلت الحداثة لدينا، وما رأيك في تهجمه في كتابه على زملائه في الفكر أمثال: البازعي والسريحي؟
**قد جعل الله بأس القوم بينهم هذا أمر، ثانياً: أن اتجاه الحداثة وجد عام 1948م عندما ضاعت علينا فلسطين والهدف منه خلق ثقافة تجر إلى الانبطاح للصهاينة والصلبان والانصهار في بوتقتهم وهذا موجود في كتبهم وهم يقولون ذلك، ناجي علوش الذي قدم للسياب يعترف بهذا الكلام لأن هذا ما حدث إلاّ عام ثمانية وأربعين عن طريق التشكيك في التراث العربي والإسلامي سلب مناقب العرب والمسلمين بطريقة شعوبية والإشادة بالغرب ورولان بارت الذين عافوا الحداثة وبدأوا يتنكرون لها بدأت من مجلة شعر إلى اليوم وهم يطبلون ولكن الحمد لله توقفت موجتهم في عرض البحر وفشلوا لأنه ليس لديهم شيء وأخفقوا، ثم أن هجومه على السريحي والبازعي يدل على عدم اقتناعهم بما هم فيه وإلاّ هم جماعة واحدة بعضهم كان يؤيد بعض وانقسموا على أنفسهم.
* هل نستطيع أن نقول إن بواكير الحداثة في المجتمع السعودي بدأت من محمد حسن عواد؟
**هي تقريباً هكذا إلاّ أنها لم تكن بهذه الصورة فلم يستفحل أمرها إلاّ مع هؤلاء الجدد أمثال الغذامي والسريحي فقد ترعرعت في عهدهم.
* ما رأيك في قصيدة النثر أو قصيدة التفعيلة، وهل استطاعت أن تسلب الأضواء من القصيدة العمودية؟
**ليس هناك شيء اسمه قصيدة النثر الشعر شعر والنثر نثر وهذه التفعيلات التي يأتون بها هي نثر لأن كلام الناس كله على تفعيلات فأنت لو اعترضت كلام العرب لوجدت فيه كثيرا من التفعيلات،هل يستبعد أن تجد واحدا يقول لصاحبه في المقهى:اشرب شاي، هذا على تفعيلتين فعلن فعلن، انظر إلى اللوحات المكتوبة فمثلاً: وزارة الدفاع مستفعلن فعل، كلية الشريعة مستفعلن فعل، وهكذا كل كلام الناس على تفعيلات وهذا الذي يأتي بالتفعيلة لا يصنع شيئاً إنما يأتي بشيء من الشارع ما عانى فيه وحك رأسه ولا عصر ذهنه، فالقصيدة العربية لا بد أن يكون لها أساس أساسها البيت هذا البيت كلام موزون مقفى ناشئ عن معاناة لا يوجد في النثر البتة وإن وجد لم يكن مقصوداً إليه، والشعر لا بد أن يكون كلاماً موزوناً مقفى مقصوداً إليه ناشئ عن معاناة وقائماً بنفسه تام المعنى هذا بيت ثم انسج ما شئت عليه وما خرج الشعر العربي عن هذه القاعدة البتة، ولما جاءوا إلى الموشح جعلوا البيت فيه عدة اشطر فهو إما شطرين أو ثلاثة أو ستة أو سبعة .
بينما البيت في التفعيلة ليس قريبا من الموشحات لأن البيت ناقص ولا يوجد بيت في التفعيلة ، فالشعر إما أن يكون قائما على تفعيلات بيت كما قلنا سابقاً أو فهو نثر، وهؤلاء بهذا الكلام يريدون أن يقولوا ان القرآن شعر بدليل قوله تعالى(تبت يد أبي لهب) مستفعلن مستفعلن وهذا الذي ورد في القرآن جاء من طبيعة اللغة العربية وأنها تفعيلات وكلام العرب كله قائم التفعيلات.
* ما هو الإطار الفكري لاتجاهك الشعري وما هي الأهداف الفكرية التي تسعى إليها من وراء إبداعك الشعري؟
**أريد أن أرسخ في الناس ماهية الشعر العربي وشكل القصيدة العربية والمعاني التي يجب أن يطرقها الرجل العربي، وأمر آخر أن المعاني مطروحة ومشتركة بين الأمم ولا بأس من الأخذ من المعاني الأخرى فأنا أشارك في إحياء الشعر وغيري أناس كثر.
* هل بينك وبين الأندية الأدبية خصام، وكيف تقيم عملها وخدمتها للثقافة والأدب، وهل اللائحة التي كتبت لها قبل 30عاماً غير مفعلة؟**لا يوجد شيء من ذلك، وهي تحتاج إلى تفعيل أكثر مما هي عليه الآن .
منقول
أنا شخصيا أحد طلاب هذا الرجل الفاضل وذلك بمدرسة ثانوية محافظة بيش
وله من الفضل الكثير علي ّ أنا ..
.
.
وعلى ألأدب السعودي خاصة ...
حيث أنه شارك في العديد من اللقاءات الأدبية خارج المملكة كان آخرها بدولة ألأمارات العربية المتحدة عام 84م تقريبا إن لم تخن الذاكرة ...
للجميع إحترامي
موضوع أكثر من رائع
.
.
دمتم بخير
المرجع
http://www.azaheer.com/vb/showthread.php?t=18671