السلامُ عليكم ...
موضوع صعوبة اللغة العربية نتداوله نحنُ فيما بيننا و يروج له الكسالى الذين أكلَ عقولهم العجز والكـسل و ليس لهـُم همّ البحث والتعب و إنما يريدون كل شيء بالنسبة لهم قوالــِب جاهزة وهذا أمرٌ محال خصوصاً عند اللغة العربية .
اللغة العربية مثلها مثل أي اللغات الأخرى أو العلوم الأخرى تقول هذه العبارة :
( أنا أَعطي إذا أُعطيت ) ما معناه أنكم إذا لم تعطوني شيئاً فلن أعطيكم أنا أيضاً )
العرب قديماً أعطوها العزة و وصفوا غير العرب ( بالعجــَم ) تحقيراً لهم لأنهم لا يتحدثون العربية التي كانوا يرونها أعظم لغة ومن لا يتحدث بها فهو ( أعجم ) لسانـه ميــْت و غير مفهوم إلخ ..
كل هذه كانت أوصاف الذي لا يتحدث العربية عند العرب , ولذلك أصبحت العربية لغة العالم بلا منازع , يتكلمونها من حدود الصين شرقاً إلى حدود المحيط الأطلسي غرباً .حتى ( مالطا ) التي هي تقع تحت إيطاليا لديهم لغة ( عربية مالطية ) مما يدُل على العظمة التي وصلت إليها العربية بسبب اعتزاز العرب بها .
و ما يجعـَل القرآن مستحيل الترجمة إلى اللغات الأخرى هو التراكيب الفريدة التي تحتوي عليها اللغة العربية وهذا مما يميز العربية لا يصعبها .
اللغات الأخرى لغات عقيمة وليست هناك لغة في هذا العالم لها مميزات العربية حتى اللغة العبرية واللغة الآرمية ( لغة سيدنا عيسى عليه السلام ) اللتان هما أختا اللغة العربية وتشتركان معها في الكثير من المزايا لكـن العربية تسبقهما بمراحـِل , وهذا ما يرجح كفة اللغة على كفة شعبها الكسول الذي يدعي صعوبتها .
المشكلة أننا دائماً نتداول أن العربية هي لغة القرآن و الإسلام و إلى آخره لكن هذه النظرة لها وجهان أحدهما يضيف للغة و الآخـَر يسيء إليها .
الوجـْه الأول : هو أن الأعاجم المسلمين يرون اللغة العربية كحــُلم يراودهم يتمنون تحقيقه و يسعون لتحقيقه بجميع الوسائـِل فأينما وُجــِد الإسلام , وجـِدت اللغة العربية لأنها لغة الدين الأولى , وهذا هو سبب وجود مايزيد عن 400 مليون شخص أعجمي غير عربي يتحدث العربية إما كلغة ثانية أو كلغة تعليم ديني . ( المصدر إحصاءات مجمع اللغة العربية )
الوجه الآخــَر الذي يسيء للغة : صحيح أن القرآن هو أعظم كتاب ظهـَر على هذه الأرض بسبب تراكيبه اللغوية العجيبة و فصاحته الفريدة وبلاغته الرهيبة إلا أن تخصيص اللغة بوصفها لغة القرآن مع أنه تخصيص جميل ومشرّف للغة العربية لكن هذا يهضمُ حق النصارى العـَرب . بلادَ الشامْ وصعيد مصر مليئتان بالنصارى " هـُم عرب أصلاً " ولم يــُعربوا و حتى كتابهم ( الإنجيل ) يقرؤونه بالعربية وليس بالعبرية ولا بالآرامية " المنقرظة " بنسبة 99% . ومن هؤلاء النصارى الكثير من الشعراء و الادباء والمثقفين الذين ربــّما يعطون الأدب العربي أكثر مما يعطيه المسلمون ( كالأخطل الصغير بشارة الخوري ) و أبناء جيله من شعراءِ الشامْ المحدّثين في الشعر , لأن المسلمين ينتظرون من القرآن أن يحفــَظ لغتهم بينما هــُم لا يحركون ساكناً .
نستطيع يا خــُزامى تقسيم اللغة العربية حالياً إلى قسمين أساسيين " لغة أدبية " تشمل الأديان و لغة محكية تشمــَل اللهجات .
المحافظة على اللغة العربية لا يــُحتم على المتحدّث بها أن يتحدث باللغة الأدبية و إنما أن يــُفصـّح لسانه في اللغة المحكية بحيثُ يفهمه الجميع وهذه الطريقة تكون بإستعارت المفردات الفصيحة التي لو نظرتِ إليها في اللهجات لوجدتها كثيرة .
للمثال كلمة : يريد .. , في جازان نقول : يشا , في اليمن : يشتي , في مجمل السعودية : يبي و يبغى , في الشام : بدّو , في العراق ودول الخليج : يريد في مصر والسودان " عايز " في ليبيا " يبي " وفي الجزائر والمغرب " يبغي "
لو نظرتِ إليها جميعاً لوجدت جميعها فصيحة و لكـِن بسبب احتكار الكــُتب على " يريد " و الأدب على " يريد و يبغي " يكون تفصيح اللسان باستعمال هاتين الكلمتين إن أردت قول " يشا " بالجيزاني لأحد غير جيزاني . هل رأيت كيف الأمر بسيط .
مثلاً أنا في الجامعة عندي عرب من كــُل مكان , هل تتوقعون مني أن أستعمل لهجتي معهم أو أنهم يستعملون لهجتهم معي ؟ لا .. أنا أتحدث باللهجة العربية المــُفصــّحة و جميعنا كذلك .
ولهجتي المفصــّحة هي كما شرحتها لك , أولاً لا أتحدث بلهجة أحــَد وثانياً أتجنب : إحراج عدم وضوح كلامي , وثالثاً : للبعض أن يتجنبوا إحراج الظهور وكأنهم من العصر الجاهلي .
التحدّث بالعربية العامية المفصــّحة " هو أن تتحدث بلهجة عامية واضحة جداً لجميع المستمعين إليك و المتحدثين معك .
شكراً قلبها وطــَن على إتاحة الفــُرصة