لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: عيد أم .. أم فتنة ؟

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ذكريات الماضي
    تاريخ التسجيل
    02 2011
    المشاركات
    2,834

    U28 عيد أم .. أم فتنة ؟

    عيد أم .. أم فتنة؟



    تنبع مشكلة كثير من الأعياد المبتدعة المخترعة - لدى بعض الناس - من أنها تحمل معنى جميلاً، لكنها في الوقت نفسه أعياد تخالف الشرع وتتعارض مع هدى الكتاب والسنّة.

    فالناس متفقون على وجوب البر بالأم ووجوب تكريمها ورعاية حقوقها؛ لأنه أمر فطري وإن قصّر فيه بعضهم، وهذا هو المعنى الجميل الذي من أجله يتبع كثير من الناس الغرب في الاحتفال بما يُسمى عيد الأم.
    لكن تخصيص يوم محدد في العام للاحتفال بالأم يتعارض مع تحديد الشرع لأعياد المسلمين بعيدين لا ثالث لهما، في الحديث: عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَلأَهْلِ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَال:َ "قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ وَلَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ يَوْمَيْنِ خَيْراً مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ "، أخرجه أحمد في المسند رقم (13164)، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4381، ولا بد من بيان لهذه المشكلة؛ لأنها تمثل شبهة كبيرة لدى من لا يقتنعون بوصف ما يسمى بعيد الأم بالبدعة.

    موجة الاحتفالات الغربية بما يسمى: (يوم كذا) :
    كثر في الغرب تخصيص أيام بعينها في السنة للاحتفال بشيء يرغبون في تذكير المجتمع به؛ لأنهم يشعرون بأهميته، أو لأنهم يشعرون بإهمال في حق جانب أو شخص أو فئة اجتماعية، فيبحثون عن مناسبة لتذكير المجتمع بها، وهذا هو المنطلق والأساس لفكرة الأعياد والأيام التي كثر تخصيصها في الغرب، مثل: يوم المرأة، وكان الاحتفال به قبل أيام، ويوم الطفل، ويوم عيد الأم، ويوم عيد العمال... إلخ.

    وهم في هذا لا ينطلقون فيما يبتدعونه من دين أو شرع، وإنما يخترعون هذه الأعياد بمحض أهوائهم ونظرتهم وحاجاتهم
    الاجتماعية، فعيد العمال نابع من رغبتهم في مراعاة لحقوق العمال وإنصافهم، وعيد المرأة؛ لأنهم يرون المرأة مسلوبة الحقوق مظلومة في مجتمعاتهم، ويوم الطفل لأن الطفل يتعرض في الغرب لأمراض اجتماعية كثيرة، كالضرب والاستخدام في العمل قبل بلوغه سن مناسبة، والتعدي بالسرقة والبيع وانتهاك العرض.

    وعيد الأم كذلك نبع من علل وأمراض في مجتمعات ليس لديها شرع صحيح تقوم عليه كما في الإسلام، ففي المجتمعات الغربية قصور كبير في علاقاتهم الاجتماعية، ولا سيما علاقة الأبناء بالأمهات، ولعلاج هذا القصور ابتدعوا عيداً يعالجون به تقصيرهم وإهمالهم وعقوقهم، في يوم واحد في السنة، ولتذهب الأمهات بعده إلى دار المسنين أو غيره.. وهكذا ظهرت هذه البدعة لتلبي تلك الرغبة المحدودة.

    يقال: إن فكرة الاحتفال بعيد الأم موروثة عن الإغريق، حيث كان لهم احتفال في الربيع بآلهة تسمى الأم ريا، وكان اسم العيد (هيلا ريا)، وللإنجليز احتفال قديم باسم (أحد الأمهات) كان يقيمون في احتفالاً لمريم _عليها السلام_، ثم تطور إلى تقـديم الهدايا للأمهات بعد عام 1600م، وفي الولايات المتحدة كرّمت الكنيسـة في 1908م الآنسـة "آنا جافرس" (1864م- 1948م) لجهودها في الدعوة لتكريم الأم باحتفال عام رسمي؛ لتعالج ما رأته ظاهرة في المجتمع من إهمال لحقوق الأم وتنكّر لفضلها ومكانتها، ووافق الكونجرس الأمريكي في عام 1913م على جعله عيداً رسمياً في مايو من كل عام، وانتشر الاحتفال بعد ذلك في دول ومجتمعات كثيرة، واختارت كل دولة اليوم الذي تحتفل به لهذه المناسبة.

    سرطان البدع:
    وانتقلت مع نزعة تقليد الغرب التي انتشرت في العالم العربي فكرة الاحتفال، وبدأ ذلك في مصر حينما شكت امرأة للكاتبين الصحافيين مصطفى أمين وأخيه علي عقوق أبنائها، فعرضا ذلك على القراء، واقترحا إقامة يوم لتكريم الأم كما في كثير من دول الغرب، ووافقهما كثير من القراء، وعارضه بعضهم. ثم عرضا على القراء اختيار اليوم، واتفقوا معهم على 21 مارس؛ لأنه بدء الربيع ليكون مبعث البهجة والسرور، وانتشر بعد ذلك شيئاً فشيئاً إلى باقي الدول العربية.
    ثم توسـع الأمر بعد ذلك إلى أن أصـبح احتفالاً رسمياً له طقوسـه ومراسـمه منذ عام 1956م، وترصـد له وسـائل الإعلام البرامج والأغاني والأفلام وصفحات الجرائد والمجلات، ويتم إعداد حفل لاختيار الأم المثالية، وتوسّـع الأمر فصارت المدارس تحتفل به، لكن من هي الأم التي سيكرمونها في المدرسة؟ لما لم يجدوا أماً من النسب يحتفلون بها تكون معهم في مكان العمل جعلوا ناظرة المدرسة هي موضع الاحتفال، وعلى مستوى كل فصل يُشجع التلاميذ على أن يأتي كل واحد وواحدة بهدية لمدرسة الفصل باعتبارها أمه الثانية.

    وهكذا تتولد البدع ويتفرع بعضها من بعض، حتى يصبح أمر الاحتفال بالأيام وبالأشخاص ممجوجاً ثقيلاً لكثرته؛ لعدم وجود حدود تحكمه، فما يكاد الناس يودّعون عيداً أو مولداً أو يوم ذكرى حتى يأتيهم بعد أيام يوم احتفال مبتدع آخر، وهذه الفوضى نتيجة حتمية لكل من تخطى حدود الشرع الحكيم.

    المخالفات الشرعية في الاحتفال بعيد الأم:
    المعاني الجميلة والأشياء التي تحتاج إلى تقدير كثيرة، ولا يختلف أحد في أنها تستدعي الذكر والإشادة والاحتفال، ولكن هل يعني ذلك أن نقوم بعمل احتفال خاص لها دون اهتمام بمراعاة حدود الإسلام وضوابطه في الاحتفال والأعياد؟! الجواب لا؛ لأن في ديننا ضوابط وأحكاماً يجب أن نسير عليها، والشر كل الشـر في مخالفتها، قال - _عز وجل_ : "ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" [18: سورة الجاثية]، فمهما كان في هذا الاحتفال من معان جميلة فإنها لا تُخرجه عن كونه بدعة؛ لأنه أولاً وقبل كل شيء ليس من أمر الإسلام، قال _عليه الصلاة والسلام_: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه أحمد ومسلم. وثانياً لأنه من بدع النصارى واليهود، قال شيخ الإنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي "وما هم عليه من الهدى والعمل هو من سبيل غير المؤمنين، والذين لا يعلمون" (اقتضاء الصراط المستقيم، ص 16).

    وقد يستنكر بعض الناس وصف الاحتفال بعيد الأم بالبدعة، وذلك لأنهم لا يعرفون أسباب هذا الوصف، وهنا نبين أسباب وصفه بالبدعة، وأدلة عدم جواز الاحتفال به:
    أولًا: ليس هناك دليل على تخصيص الأم باحتفال؛ لأنها قامت بتربية أولادها وتعبت في تنشئتهم، ولو كان هذا حقاً لما تركه الرسول _صلى الله عليه وسلم_، ولبيـّنه للناس، كيف وهو الذي عرفنا قدر الأم ومنزلتها وحقوقها.

    ثانياً: ليس هناك دليل على تخصيص يوم محدد بعينــه لهذا الاحتفال، فالإسلام وصى بتكريم الأم، ورفع من قدرها ومكانتها، ونبه على حقوقها، ومع ذلك لم يأمر بتخصيص يوم معين لتكريمها والاحتفال بها، عن هشام بن محمد بن سيرين قال: "أتى علي - رضي الله عنه - بمثل النيروز، فقال: ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز. قال: فاصنعوا كل يوم نيروزاً. قال: أسامة كره - رضي الله عنه- أن يقول النيروز"، قال البيهقي: "وفي هذا كراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصاً به".

    ثالثاً: ليس هناك دليل على تخصيص 21 مارس أو غيره من الأيام من كل عام للاحتفال بهذا اليوم، إنما هو محض أهواء - كما سبق أن بينا - لا أساس لها في الشرع.

    رابعاً: أن في الاحتفال بهذا اليوم موافقة لاحتفال المجوس وغيرهم بعيد النيروز وهو عيد وثني، يحتفلون به في 21 من شهر مارس الشمسي، وهو بدء فصل الربيع.

    خامساً: أن تعظيم هذا اليوم تحول إلى عقيدة تربت عليها أجيال حتى رأوها من واجبات البر بالأم، وهذا من النتائج التي يُـنهى عن البدع من أجلها. والمتأمل في واقع كثير من مجتمعات المسلمين اليوم يجد هذا الأمر واضحاً، فمن جهة الأبناء من لم يشارك في الاحتفال بتقديم هدية ونحو ذلك نُظر إليه بعين التقصير وشعر بالذنب والإثم. واعتقد كثير من الأمهات بوجوب تكريمهم في هذا اليوم، حتى صار كثير منهن يحزنّ إذا لم يقدم لهن الأبناء الهدايا أو ما يعبـّر عن الاحتفال بهذا اليوم، وقد يتسبب ذلك في حدوث بعض الإعراض والغضب من إحداهن على لم يحتفل من أبنائها بها في هذا اليوم، وهذا من أخطر فتن الاحتفال بهذا اليوم ومخاطره، حيث تحولت العادة إلى عبادة، وشعر الناس بالإثم في تركها، والحرج في إهمالها، قال شيخ الإسلام فيما أصله مباحاً لكن جعله بعض الناس مستحباً أو واجباً: "المباحات إنما تكون مباحة إذا جعلت مباحات، فأما إذا اتُخذت واجبات أو مستحبات كان ذلك ديناً لم يشرعه الله... ولا دين إلا ما شرعه الله، ولهذا عظم ذمّ الله في القرآن لمن شرع ديناً لم يأذن الله به... فهذا أصل عظيم تجب معرفته والاعتناء به"، (مجموع الفتاوى، 11/ 450)، فإذا كان هذا في المباح؛ فكيف بما أصله بدعة عن اليهود والنصارى؟!

    سادساً: أن في الاحتفال به موافقة لليهود والنصارى في أعيادهم، وهذا ما يخالف مقصود الشرع، حيث شرعت لنا في الإسلام كثير من العبادات على وجه وكيفية قُصد بها من ضمن ما قصد مخالفة الكفار، والبعد عن التشبه بهم، وموافقتهم؛ سواء في الوقت، أو في المكان، أو في المناسبة، أو في الكيفية، أو في الجهة، وخذ مثلاً: تغيير القبلة لمخالفة الكفار، وورد النهي عن اتخاذ الناقوس كالنصارى للإعلام بوقت الصلاة .. وغير ذلك كثير. وفي موافقتهم واتباعهم فيما يبتدعون في الدين خطر كبير، قال _تعالى_: "وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا" [115: سورة النساء].

    قال أبو الحسن الآمدي في كتاب (عمدة الحاضر وكفاية المسافر): "فصل: لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود. نص عليه أحمد، واحتج بقوله _تعالى_: "والذين لا يشهدون الزور"، قال : أعيادهم".

    سابعاً: أنه عيد ليس له أصل في شرعنا ولا في شرعهم، ولا نزل به أمر في كتاب من كتب الأنبياء _عليهم السلام_، بل لم يؤثر عن أحد في كتاب لا في الصحيح ولا في الضعيف من الأحاديث والروايات، قال شيخ الإنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي "فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك"، (مهذب اقتضاء الصراط المستقيم، ص 178)، فإذا كان تقليـدهم فيما قد يكـون له أصـل في شرعهم منهي عنه بشدة، فالنهي عما ليس له أصل بل هو من محض أهوائهم أشد وأعظم، قال _عز وجل_: "وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ" [120: سورة البقرة]، قال ابن كثير - رحمه الله تعالى-: "فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى، بعد ما علموا من القرآن والسنّة، عياذاً بالله من ذلك، فإن الخطاب للرسول والأمر لأمته" (تفسير ابن كثير، 1/ 163).

    شريعة الإسلام أحسن الشرائع وأقومها:
    ما أجمل شريعة الإسلام وما أقومها، ففي الإسلام لا نحتاج إلى تلك الأعياد والأيام الغـربية وغيرها؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - أغنانا في شريعة الإسلام بما يلبي حاجاتنا كلها، وبين لنا كل ما نحتاج إليه من أحكام، "وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" سورة الأعراف "وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ" [6: سورة النمل]، ولذلك لا تظهر لدينا تلك الأمراض والعلل التي تظهر في حياة الغرب، وما ظهر لدينا منها فهو لغفلة بعضنا وحَيـْدته عن هدى الإسلام، وعلاجه يكون بتمسكنا واعتصامنا بالكتاب والسنّة، لا باستيراد حلول من اليهود والنصارى، بل علاج ما لديهم من أمراض لن يكون إلا بالالتزام بشريعة الإسلام لو آمنوا.

    فالإسلام ينشئ المجتمعات ابتداءً على مراعاة الحقوق، مما يمنع ظهور الأمراض الاجتماعية، وانظر إلى الأم كيف كرّمها الإسلام أحسن تكريم فجعل البر بها والتذكير بحقوقها حقاً مشروعاً طوال السنة كلها، ومن عدل الإسلام أنه لم يهدر حق الأب أو يهمله، لكنه – سبحانه - وزع الحقوق بالعدل بينهما، قال – تعالى-: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا" [23: سورة الإسراء]، فهنا ذكر الله _تعالى_ حق الوالدين معا، وهي آيات يحفظها كثير من عامة الناس، ويستمعون إليها كل حين. أما نسبة حق الأم إلى حق الأب؛ فمن منا لا يعرف حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَال:َ "أُمُّكَ ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:" أُمُّكَ ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " أُمُّكَ ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " ثُمَّ أَبُوكَ "، أخرجه البخاري، رقم (5971)، وغيره كثير من الأحاديث.

    علاج هذه المشكلة:
    لقد استفحل أمر هذا العيد، دعك من وسائل الإعلام، فقد صار أمراً يراه الناس ديناً، حتى صار إنكاره تطرفاً وتشدداً، مما يستوجب التنبيه والتذكير بشتى الوسائل؛ حتى تزول هذه البدعة وأشباهها من حياة المسلمين، ويبقى لهم دينهم العظيم القائم على كتاب "لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" [سورة فصلت].

    والعلاج يبدأ من بيوتنا، حيث يبين كل واحد، وخصوصاً في المجتمعات التي ابتليت بهذه البدعة، بالرفق واللين لأمه وأهله كيف قدّر الإسلام الأم وأعلى منزلتها بما لا تحتاج معه إلى غيره، وأن عيد الأم بدعة ليست من الإسلام، وأنها من عمل غير المؤمنين، وفي تقليدهم شر وضلال، قال _سبحانه_: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّـقُونَ" [153: سورة الأنعام].

    المصدر : موقع المسلم

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية البحار الكبير

    قضية ورأي
    تاريخ التسجيل
    06 2009
    المشاركات
    5,393

    رد: عيد أم .. أم فتنة ؟

    شرح حديث : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

    قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد رواه البخاري ومسلم.

    وفي رواية لمسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد

    هذا الحديث حديث عظيم جدا، وعَظَّمَه العلماء، وقالوا: إنه أصل في رد كل المحدثات والبدع والأوضاع المخالفة للشريعة.

    فهو أصل في رد البدع في العبادات، وفي رد العقود المحرمة، وفي رد الأوصاع المحدثة على خلاف الشريعة في المعاملات، وفي عقود النكاح، وما أشبه ذلك.

    ولهذا جعل كثير من أهل العلم هذا الحديث مستمسكا في رد كل محدثة، كل بدعة من البدع التي أحدثت في الدين، ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يحرص على هذا الحديث حرصا عظيما، وأن يحتج به في كل مورد يحتاج إليه فيه في رد البدع والمحدثات، في الأقوال والأعمال والاعتقادات؛ فإنه أصل في هذا كله.

    قَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: "عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .

    وفي رواية لمسلم -وقد علقها البخاري في الصحيح أيضا-: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .

    قال -عليه الصلاة والسلام-: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .

    قال: من أحدث ولفظ "من" هذا للاشتراك، وجوابه فهو رد والحدث في قوله: أحدث هو كل ما لم يكن على وصف الشريعة، على وصف ما جاء به المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، لهذا قال فيه: من أحدث في أمرنا .

    والأمر هنا هو الدين، كقوله -جل وعلا-: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .

    فمن أحدث في الدين ما ليس منه فهو مردود عليه، وقوله هنا: ما ليس منه لأنه قد يُحْدِث شيئا باعتبار الناس، ولكنه سنة مهجورة، هجرها الناس، فهو قد سَنَّ سنة من الدين، وذَكَّر بها الناس، كما جاء في الحديث أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: ومن سَنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة .

    فإذن قوله أولا: من أحدث هذا فيه المحدثات في الدين، ودل عليها قوله: في أمرنا هذا يعني: في ديننا هذا، وما عليه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو شريعته.

    قال: ما ليس منه وهذه هي الرواية المشتهرة في الصحيحين وفي غيرهما، وروي في بعض كتب الحديث: ما ليس فيه فهو رد يعني: ما ليس في أمرنا، فهذا يدل يعني هذه الرواية تدل على اشتراط العمل بذلك الشيء، ولا يُكْتَفَى فيه بالكليات في الدلالة.

    قال: فهو رد يعني: فهو مردود عليه كما قال علماء اللغة: رد هنا بمعنى مردود، كسد بمعنى مسدود، ففعل تأتي بمعنى مفعول، يعني: من أتى بشيء محدث في الدين لم يكن عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مردود عليه كائنا من كان، وهذا فسرته الرواية الأخرى: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .

    فأرجعه إلى الأعمال، والعمل هنا المراد به الدين أيضا، يعني: من عملا عملا يتدين به من الأقوال أو الأعمال أو الاعتقادات ليس عليه أمرنا فهو رد، يعني: مردودا عليه.

    وهذا فيه إبطال كل المحدثات، وإبطال كل البدع، وذم ذلك، وأنها مردودة على أصحابها، وهذا الحديث -كما ذكرت لك- أصلٌ في رد البدع في الدين، والأعمال التي في الدين -يعني أمور الدين- منقسمة إلى عبادات وإلى معاملات، والمحدثات تكون في العبادات وتكون في المعاملات.

    فهذا الحديث دَلَّ على إبطال المحدثات وإبطال البدع؛ لأن كل محدثة بدعة، يعني: كل محدثة في الدين بدعة، والعلماء والعلماء تكلموا كثيرًا عن البدع والمحدثات، وجعلوا هذا الحديث دليلا على رد المحدثات والبدع.

    فالبدع مذمومة في الدين، وهي شر من كبائر الذنوب العملية؛ لأن صاحبها يستحسنها، ويستقيم عليها تقربا إلى الله -جل وعلا.

    إذا تبين هذا الشرح العام للحديث، فما المراد بالبدع والمحدثات ؟

    هذه مما اختلف العلماء في تفسيرها، والمحدثات والبدع منقسمة إلى: محدثات وبدع لغوية، وإلى محدثات وبدع في الشرع.

    أما المحدث في اللغة: فهو كل ما كان أُحْدِثَ، سواء أكان في الدين، أو لم يكن في الدين، وإذا لم يكن في الدين فإن هذا معناه أنه لا يدخل في هذا الحديث، وكذلك البدع.

    ولهذا قسم بعض أهل العلم المحدثات إلى قسمين: محدثات ليست في الدين، وهذه لا تُذَم، ومحدثات في الدين، وهذه تذم.

    مثل المحدثات التي ليست من الدين: مثل ما حصل من تغير في طرقات المدينة، وتوسعة عمر الطرقات، أو تجصيص البيوت، أو استخدام أنواع من البسط فيها، واتخاذ القصور في المزارع، وما أشبه ذلك مما كان في زمن الصحابة وما بعده، أو اتخاذ الدواوين، أو ما أشبه ذلك، فهذه أحدثت في حياة الناس فهي محدثة، ولكنها ليست بمذمومة؛ لأنها لم تتعلق بالدين.

    كذلك البدع، منها بدع في اللغة يصح أن تسمى بدعة، باعتبار أنها ليس لها مثال سابق عليها في حال من وصفها بالبدعة، وبدع في الدين، وهذه البدع التي في الدين كان الحال على خلافها، ثم أُحْدِثَتْ.

    مثاله: قول عمر -رضي الله عنه- لما جمع الناس على إمام واحد، وكانوا يصلون أشتاتا في رمضان، جمعهم في التراويح على إمام واحد قال: نعمت البدعة هذه .

    فسماها بدعة باعتبار اللغة؛ لأنها في عهده بدعة، يعني: لم يكن لها مثال سابق في عهد عمر، فتعلقت باللغة أولا، ثم بالمتكلم ثانيا.

    إذا تبين هذا فالمقصود بهذا الحديث المحدثات والبدع في الدين، والبدعة في الدين دَلَّ الحديث على ردها، ودل على ذلك آيات كثيرة وأحاديث كثيرة، كما قال -جل وعلا-: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ .

    فسماهم شركاء؛ لأنهم شرعوا من الدين شيئا لم يأتِ به محمد -عليه الصلاة والسلام-، لم يأذن الله به شرعا.

    وقد قال -جل وعلا-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا .

    وقال -جل وعلا-: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .

    والآيات في هذا المعنى كثيرة، ويصلح أن يكون منها قوله -جل وعلا-: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .

    وقد جاء -أيضا- في الأحاديث ذم البدع والمحدثات، كما كان -عليه الصلاة والسلام- يقول في الجمعة وفي غيرها: ألا إن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

    وقد جاء -أيضا- في السنن من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- أنه قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم موعظة بليغة، وَجِلَتْ منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع. .. الحديث.

    وفيه قال -عليه الصلاة والسلام-: إنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ؛ فإن كل محدثة بدعة .

    والعلماء -علماء السلف- أجمعوا على إبطال البدع، فكل بدعة في الدين أُجْمِعَ على إبطالها إذا صارت بدعة في الدين، دخل العلماء في تعريف البدعة، ما هي التي يحكم عليها بأنها رَدّ؟ لأن هذا الحديث دل على أن كل محدثة رد من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد .

    فالبدعة في الدين عُرِّفَتْ بعدة تعريفات، يهمنا منها تعريفان لضيق المقام:

    أولها: التعريف المشهور الذي ذكره الشاطبي في الاعتصام، وهذا التعريف جيد؛ لأنه جعل البدعة طريقة ملتزمة، وأن المقصود من السلوك عليها مضاهاة الطريقة الشرعية، وشرح التعريف والكلام عليه يطول، فتراجعونه في مكانه.

    لكن يهمنا من التعريف هذا شيئين:

    الأول: أن البدعة ملتزم بها؛ لأنه قال طريق في الدين، والطريقة هي الملتزم بها، يعني: أصبحت طريقة يطرقها الأول والثاني والثالث، أو تتكرر، فهذه الطريقة يعني ما التُزِم به من هذا الأمر.

    والثاني: أنها مُخْتَرَعة، يعني: أنها لم تكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم.

    والثالث: أن هذه الطريقة تُضَاهَى الطريقة الشرعية من حيث إن الطريقة الشرعية لها وصف ولها أثر، أما الوصف فمن جهة الزمان والمكان والعدد، وأما الأثر فهو طلب الأجر من الله -جل وعلا.

    فتحصل لنا أن خلاصة ما يتصل بتعريف الشاطبي للبدعة يتعلق بثلاثة أشياء:

    أن البدعة يُلْتَزَم بها، الثاني: أنها مخترعة، لم يكن عليها عمل سابق، وهذه توافق الرواية الثانية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد والثالث: أنه تُضَاهَى بها الطريقة الشرعية، من حيث الزمان والمكان والوصف والأثر، يعني: العدد الذي هو الوصف مع الزمان والمكان، والأثر وهو طلب الأجر من الله -جل وعلا- بذلك العمل.

    وعرَّفَه غيره بتعريف أوضح، وهو تعريف السمني، حيث قال: إن البدعة ما أُحْدِثَ على خلاف الحق المُتَلَقَّى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قول أو عمل أو اعتقاد، وجُعِلَ ذلك دينا قويما وصراطا مستقيما.

    وهذا التعريف -أيضا- صحيح، ويتضح لنا منه أن البدعة أحدثت على خلاف الحق، فهي باطل، وأنها تكون في الأقوال، وفي الأعمال، وفي الاعتقادات، وأنها مُلْتَزَمٌ بها؛ لأنه قال في آخره: جعل ذلك دينا قويما وصراطا مستقيما.

    إذا تقرر ذلك فمن المهمات في معرفة البدعة أن البدعة تكون في الأقول والأعمال والاعتقادات، إذا كان القول على غير وصف الشريعة، يعني: جُعِلَ للقول طريقة من حيث الزمان والمكان، أو من حيث العدد، تُعُبِّدَ بقول ليس وصف الشريعة، وجُعِلَ له وصف من حيث الزمان أو المكان أو العدد، وطُلِبَ به الأجر من الله -جل وعلا.

    أو الأعمال، يُحْدِثُ أعمالا يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- ويجعل لها صفة تُضَاهَى بها الصفة الشرعية على نحو ما ذكرنا، أو يعتقد اعتقادات على خلاف الحق المُتَلَقَّى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

    فهذه كلها من أحدثها -بمعنى: من أنشأها- فهي مردودة عليه، ومن تبعه على ذلك فهو -أيضا- عمله مردود عليه، ولو كان تابعا؛ لأن التابع -أيضا- محدث بالنسبة لأهل زمانه، وذاك محدث بالنسبة لأهل زمانه، فكل من عمل ببدعة فهو محدث لها.

    لهذا يتقرر من هذا التأصيل أن البدعة مُلْتَزَمٌ بها، في الأقوال أو الأعمال أو الاعتقادات، فلا يقال إنه من أخطأ مرة في اعتقاد ولم يلتزم به أنه مبتدع، ولا يدخل فيمن فعل فعلا على خلاف السنة إنه مبتدع، إذا فعله مرة، أو مرتين أو نحو ذلك، ولم يلتزمه.

    فوصف الالتزام ضابط مهم كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كلامه أن ضابط الالتزام مهم في الفرق بين البدعة ومخالفة السنة، فنقول: خالف السنة في عمله، ولا نقول إنه مبتدع، إلا إذا إلتزم مخالفة السنة، وجعل ذلك دينا يلتزمه.

    فإذن من أخطأ في عمل من الأعمال في العبادات، وخالف السنة فيه، فإنه -إن كان يتقرب به إلى الله- فنقول له: هذا الفعل منك مخالف للسنة.

    فإن التزمه بعد البيان، أو كان ملتزما له، دائما يفعل هذا الشيء، فهذا يدخل في حيز البدع، وهذا ضابط مهم في الفرق بين البدعة ومخالفة السنة.

    مما يتصل -أيضا- بهذا الحديث، والكلام على البدع والمحدثات يطول، لكن ننبه على أصول فيها، مما يتصل به من الفرق بين مُحْدَث ومُحْدَث، أن هناك محدثات لم يجعلها الصحابة -رضوان الله عليهم- من البدع؛ بل أقروها، وجعلوها سائغة، وعُمِلَ بها، وهذه هي التي سماها العلماء -فيما بعد- المصالح المرسلة، والمصالح المرسلة للعلماء فيها وجهان من حيث التفسير، ومعنى المصالح المرسلة أن هذا العمل أرسل الشارع حكمه باعتبار المصلحة، فإذا رأى أهل العلم أن فيه مصلحة فإن لهم أن يأذنوا به لأجل أن الشارع ما عَلَّق به حكما، وهذا يأتي بيان صفاته.

    قال العلماء: المصالح المرسلة تكون في أمور الدنيا، لا أمور العبادات، وفي أمور الدنيا، في الوسائل منها التي يُحَقَّقُ بها أحد الضروريات الخمس، يعني: أن الشريعة قامت على حفظ ضروريات خمس معلومة لديكم: الدين، والنفس، والمال، والنسل، والعقل.

    هذه الخمس وسائل حفظها -هذه من المصالح المرسلة- وسائل حفظ الدين مصلحة مرسلة، لك أن تُحْدِثَ فيها ما يحفظ دين الناس، مثل تأليف الكتب، تأليف الكتب لم يكن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأُحْدِثَ تأليف الكتب، تأليف الردود، جمع الحديث ما كان، نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُكْتَب حديثه، ونهى عمر أن يُكْتَب حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم كُتِب.

    هذا وسيلة لم يكن المُقْتَضِي لها في هذا الوقت قائما، ثم قام المقتضي لها، فصارت وسيلة لحفظ الدين، صارت مصلحة مرسلة، وليست بدعة.

    فإذن من المهمات في هذا الباب أن تُفَرِّق ما بين البدعة، وما بين المصلحة المرسلة؛ فالبدعة في الدين، متجهة إلى الغاية، وأما المصلحة المرسلة فهي متجهة إلى وسائل تحقيق الغايات، هذا واحد.

    الثاني: أن البدعة قام المقتضي لفعلها في زمن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ولم تُفْعَل، والمصلحة المُرْسَلَة لم يقمْ المقتضي لفعلها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم.

    فإذن إذا نظرنا -مثلا- إلى جمع القرآن، جَمْعُ القرآن جُمِعَ بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، في عهده -عليه الصلاة والسلام- لم يُجْمَع، فهل نقول جمع القرآن بدعة؟

    العلماء أجمعوا -من الصحابة ومن بعدهم- أن جمع القرآن من الواجبات العظيمة التي يجب أن تقوم بها الأمة، هنا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قام المقتضي للفعل؛ لأن الوحي يتنزل، فلو نُسِخَ القرآن كاملا لكان هناك إدخال للآيات في الهوامش أو بين السطور، وهذا عرضة لأشياء غير محمودة.

    فكان من حكمة الله -جل وعلا- أنه ما أمر نبيه بجمع القرآن في كتاب واحد في حياته -عليه الصلاة والسلام-؛ وإنما لما انتهى الوحي بوفاة المصطفى -عليه الصلاة والسلام- جمعه أبو بكر، ثم جُمِعَ بعد ذلك.

    وفي أشياء شتى من إنشاء دواوين الجند، ومن استخدام الآلات، ومن تحديث العلوم، ومن الاهتمام بعلوم مختلفة، وأشباه ذلك من فتح الطرقات، وتكوين البلديات والوزارات، وأشباه هذا في عهد عمر -رضي الله عنه-، وفي عهد أمراء المؤمنين فيما بعد ذلك.

    إذن فالحاصل من هذا أن المصلحة المرسلة مُحْدَثَة، ولكن لا ينطبق عليها هذا الحديث: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد لأن هذه ليست في الأمر؛ وإنما هي في وسيلة تحديث الأمر، فخرجت عن شمول هذا الحديث من هذه الجهة.

    ومن جهة ثانية أنها إحداث ليس في الدين؛ وإنما هو في الدنيا لمصلحة شرعية تعلقت بهذا العمل.

    سمَّاها العلماء مصالح مرسلة، وجُعِلَتْ مطلوبة من باب تحقيق الوسائل؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات، فهي واجبة ولا بد من عملها؛ لأن لها حكم الغايات.

    العبادات قسم من الشريعة، والمعاملات قسم من الشريعة، فالعبادات إحداث أمر في عبادة على خلاف سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- محدث وبدعة في الدين.

    وكذلك في المعاملات، إحداث أوضاع في المعاملات على خلاف ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو أيضا مردود؛ لأنه مُحْدَثٌ في الدين.

    مثاله: أن يُحَوِّلَ -مثلا- عقد الربا من كونه عقدا محرما إلى عقد جائز، فهذا تبديل للحكم، أو إحداث لتحليل عقد حَرَّمه الشارع، أو يبطل شرطا من الشروط الشرعية التي دَلَّ عليها الدليل، فإبطاله لهذا الشرط مُحْدَثٌ أيضا، فيعود عليه بالرد.

    أو أن يُحَوِّلَ -مثلا- عقوبة الزنا من كونها رجما للمُحْصَن، أو الجلد والتغريب لغير المحصن، إلى عقوبة مالية، فهذا رد على صاحبه، ولو كانت في المعاملات؛ لأنها إحداث في الدين ما ليس منه، وهذا يختلف عن القاعدة المعروفة أن: الأصل في العبادات التوقيف، والأصل في المعاملات الإباحة وعدم التوقيف.

    هذا -يعني- فيما يكون في معاملات الناس، أما إذا كان هناك شرط شرعي أو عقد، شرط شرعه الشارع، وأمر به واشترطه، أو عقد أبطله الشارع، فلا يدخل فيه جواز التغيير؛ وإنما جواز التغيير، أو التجديد في المعاملات، وأنها مبنية على الإباحة والسعة، هذا فيما لم يدل الدليل على شرطيته، أو على عقده، أو على إبطال ذلك العقد، وما شابه ذلك.

    وعلى هذا قال -عليه الصلاة والسلام- في حديث بريرة المشهور: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط .

    فهذا الحديث يأتي في جميع أبواب الدين، يأتي في الطهارة، وفي الصلاة، وفي الزكاة، والصيام، والحج، وفي البيوع والشركات، والقرض، والصرف، والإجارة إلى آخره، النكاح والطلاق، وجميع أبواب الشريعة، كما هو معروف في مواضعه من تفصيل الكلام عليه .




    شرح معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله ورعاه

    منقول جزى الله من قام بهذا التفريغ خير الجزاء وغفر الله لنا وله
    المصدر: شبكة المنهج
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية حسن المدخلي
    تاريخ التسجيل
    01 2008
    الدولة
    ~في وادي لاصدى يوصل~
    المشاركات
    8,484

    رد: عيد أم .. أم فتنة ؟

    الكل كان يطلق عليه بالامس
    يوم الام وليس بعيد الام .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية 00ابوفيصل00
    تاريخ التسجيل
    02 2011
    المشاركات
    1,345

    رد: عيد أم .. أم فتنة ؟

    حلو الموضوع
    الله يوفقك

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية خزامى

    المنتدى العام
    تاريخ التسجيل
    08 2008
    المشاركات
    24,219

    رد: عيد أم .. أم فتنة ؟

    الام وجودها عيد بين ابناءها وبرها يكون الى بعد وفاتها اطال الله اعمار امهاتكم ورحم الله موتانا
    تقديري واحترامي
    أمي لا تغَضبي إنْ لمْ أدونكِ في قصَيدة !
    إنْ لمْ أتوجكِ على ” عرشُ أبيـاتِي ” ،
    إن لمْ أُشيَّدُ مِن أجلكِ صرُوحاً مِن المَعاني الشاهِقه
    أمي لا تحَزنيْ إنْ كتبتُ عن كُل الأشياءِ إلا أنتِ ،
    فَ ( مَقامُكِ ) لا تبلُغهُ كُل أساطيرُ اللُغاتْ .. .
    أمي كُل قصيدة سَ أكتُبها لكِ سَ أتأمَّل قامتُها
    المُتقزَّمة بِ إزدراءْ / وكُل القوافِي تغدُو أمامكِ فقيرةْ
    .. أخبرِيني بِ أيُّ لغةٍ أكتبُكِ .. ؟
    وأصنعُ لِ أجلكِ لُغة مُنفرَدة مُستخلصَة من عبقُ الجنَّة

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ذكريات الماضي
    تاريخ التسجيل
    02 2011
    المشاركات
    2,834

    رد: عيد أم .. أم فتنة ؟

    تسلمي اختي ع المرورررر

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية رديمة

    *¨`*:{سيدة المكان}:*¨`*
    رحمها الله رحمة الأبرار
    تاريخ التسجيل
    10 2003
    الدولة
    منتديات صامطة
    المشاركات
    31,152

    رد: عيد أم .. أم فتنة ؟

    طرح مميز و اختيار موفق بارك الله فيك وفي نقلك
    يعطيك العافيه يالغاليه
    ونترقب المزيد من جديدك الرائع

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    بارك الله فيك حفيدي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ذكريات الماضي
    تاريخ التسجيل
    02 2011
    المشاركات
    2,834

    رد: عيد أم .. أم فتنة ؟

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •