بيت في أعلى الجنة
الأمنية العظمى التي يطمع إليها كل مسلم أن يكرمه الله
سبحانه بدخول الجنة والنجاة من النار , وقد بين الرسول
صلى الله عليه وسلم أن هذا التكريم له ثمن غال ,
فقال عليه الصلاة والسلام :
[ ألا إن سلعة الله غالية , ألا إن سلعة الله الجنة ] .
فكيف بك إذا جاءتك البشارة بدخول الجنة والفوز
بأعلى الدرجات فيها
إنها بشارة عظيمة يرقص لها القلب طربا وفرحا
فلمن تكون تلك البشارة ؟ !
تأمل هذا الحديث النبوي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ،
وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ،
وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ] .
الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: النووي - المصدر: تحقيق رياض الصالحين
- الصفحة أو الرقم: 264خلاصة حكم المحدث: صحيح
فالبيت الأول في أطراف الجنة جزاء المؤمن
الذي يترك المراء والجدال ولو كان يرى نفسه أنه على حق ,
لأن الحوار الهاديء والنقاش بإسلوب الحكمة يثمر الوصول إلى الحقيقة
ولكن المسألة إذا تطورت إلى جدال عقيم
وخصومة نكراء انقلب إلى تمسك كل ذي رأي برأيه ,
فلا بد من حسم الجدال حرصا على تآلف القلوب ,
وأولى الناس بالبشارة النبوية المذكورة من الجهال الذين أمرنا الله
سبحانه بالإعراض عنهم ,
فقال عز وجل :
{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا }.
وأما البيت الآخر الذي ورد في البشارة النبوية فهو بيت في وسط الجنة ,
وهو لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ,
فالكذب آفة خطيرة من آفات اللسان ,
ومن تساهل في قليلة تدرج إلى كبيرة , وهذا ما أكده النبي
صلى الله عليه وسلم بقوله :
[ إن الصدق يهدي إلى البر . وإن البر يهدي إلى الجنة .
وإن الرجل ليصدق حتى يكتب صديقا .
وإن الكذب يهدي إلى الفجور . وإن الفجور يهدي إلى النار .
وإن الرجل ليكذب حتى يكتب كذابا ] .
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: مسلم -
المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2607
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فإن أردت المزاح فلا تقل إلا حقا , واحذر من الكذب ولو ظننت أن النجاة فيه ,
فإن فيه الهلاك ومن جاهد نفسه حتى فطمها عن اقتراف هذه الآفة استحق البشارة النبوية ,
وظفر في وسط الجنة .
وأما البيت الثالث المذكور في البشارة فهو بيت في أعلى الجنة ,
في الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدقين
والشهداء والصالحين , وحسن أولئك رفيقا
وهو الجزاء الأوفى لأصحاب الأخلاق الفاضلة
الذين جاهدوا أنفسهم وحفظوا ألسنتهم عن كل فحش ,
حتى أضحى حسن الخلق لديهم ملكة وصفة دائمة يتحلون بها في جميع مجالات حياتهم :
في البيت والعمل والسوق , والحضر والسفر , والمنشط والمكره .