توريون، المدينة العاشقة لكرة القدم
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

لم يكن اختيار مدينة توريون الواقعة في شمال المكسيك ضمن المدن التي ستحتضن نهائيات كأس العالم تحت 17 سنة المكسيك 2011 FIFA عبثا، ذلك أن هذه المدينة الصغيرة الواقعة في شمال المكسيك والتي لا يتجاوز عدد سكانها مليون ونصف المليون نسمة "شغوفة" جدا بكرة القد وتعشقها حد الجنون!

فهذه المدينة تمتلك فريقا قويا ومهما في البطولة المحلية "سانتوس لاجونا" وهو أحد أنجح الفرق المكسيكية في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، حيث تمكن "الأخضر والأبيض" من الفوز بلقب الدوري ثلاث مرات، كما يتواجد دائما في منافسات كوبا ليبرتادوريس.

هذا الأمر رفع من درجة ولع أبناء هذه المدينة بالساحرة المستديرة، فقد باتت كرة القدم متنفسا للمواطنين للتمتع بالأداء الساحر الذي يقوم به نجوم الفريق مما ينسيهم درجات الحرارة العالية التي قد تتجاوز أربعين درجة خلال ساعات النهار.

يقول عشاق هذا الفريق "عندما تحين مباراة لفريقنا (سانتوس لاجونا) فهذه المدينة تستعد منذ الصباح الباكر وتكتسي باللون الأخضر (شعار الفريق) ونبدأ بالزحف نحو الملعب واتخاذ الأماكن فوق المدرجات والبدء بعملية التحفيز للاعبينا في سبيل تحقيق الفوز".

الحقيقة أن الأجواء التي تشهدها مدينة توريون تشجع على متابعة كرة قدم مميزة، خصوصا وأن الفريق المحلي قام بانشاء ملعب متطور جدا يتسع لأكثر من 30 ألف متفرج ويتميز بالمدرجات العالية و"الشرفات" التي تجعل من أمر المشاهدة فريدا من نوعه، وتجد في جنبات الملعب أربعة ملاعب تدريبية تساعد على ديمومة هذا الفريق من خلال الاعتناء بالفئات العمرية الشابة.

شهد تاريخ هذا النادي وجود العديد من أشهر اللاعبين المحليين الذين مروا على المنتخب الوطني المكسيكي، ولكن لعل أهمهم الهداف المميز بورجيتي صاحب الهدف الشهير "الفريد من نوعه" في مرمى الحارس جيانلويجي بوفون عندما تعالدت المكسيك وإيطاليا 1-1 خلال نهائيات كاس العالم كوريا/اليابان 2002 FIFA، فقد حفز وجود هذا النجم الكثير من المشجعين لمواصلة الحضور للمدرجات، ليصبح رمزا لها تقديرا لانجازاته. يقول عشاق الفريق "كان لوجود بورجيتي في سانتوس أكبر الأثر في مواصلة الحضور للملعب والتشجيع، وعندما حانت لحظة الوداع سالت دموعنا حزنا على فراقه".

كل شيء يوحي هنا ببيئة مناسبة جدا لممارسة كرة القدم، لكن تأكدنا من كل ذلك خلال الجولة الأولى من منافسات المجموعة الرابعة للبطولة، حيث توافدت الجماهير تباعا لمشاهدة مباراتي "نيوزيلندا وأوزبكستان" ثم "أمريكا والتشيك" محفزين النجوم الصغار على تأدية أفضل العروض وهو ما ساهم بالتأكيد في تصاعد المستوى الفني وتسجيل هذا العدد الكبير (8) أهداف في كلا المبارتين، حتى أن تواجد هذا الجمهور أسعد مدرب منتخب التشيك كاسابلار رغم الهزيمة القاسية التي تلقاها فريقه على يد أمريكا "أنا حزين للخسارة لكن ما يدخل السرور في نفسي أننا قدما عرضا هجوميا مع منافسنا أبهج الجمهور ولبى طموحاتهم".

أما مدرب المنتخب الأمريكي كابريرا فقد قدم شكره للجمهور الكبير " صحيح أن الجمهور اختار تحفيز منتخب التشيك خلال المباراة، لكن مع صافرة النهاية وقف الجميع وشجع المنتخب الفائز "أمريكا" وهذا إن يدل على وعي كبير وروح عالية من قبل المتابعين الذين قدروا مجهود فريق بأكمله فكانت التحية عقب الفوز، ونأمل أن نستمر على هذا النحو في إرضاء رغبتهم".

يبدو أن الجميع كان على ثقة كاملة بعشق هذه المدينة الكبيرة لكرة القدم، ولذلك فإنها ستشهد خلافا لمباريات هذه المجموعة، مباراة قوية وختامية للمجموعة الثالثة بين الأوروجواي وإنجلترا، كما ستكون مسرحا للقاء بطل هذه المجموعة الرابعة في الدور الثاني مع أحد المنتخبات التي تحتل المركز الثالث، وتختتم توريون إستضافتها للبطولة بأهم اللقاءات، مواجهة الدور نصف النهائي الثانية يوم السابع من يوليو/تموز المقبل.