لاتعذليه فقد أودى به الأرِقُ --- ولا تلومي مُحبّا ضمّه الغَسَقُ!
..طغت عليه بنات الفكر،وانفتقت--- قريحة الشعر؛فالأبيات تستبقُ!
..تناثرت في طروسٍ من صحائفه--- كما تناثر فوق السبسب الغَدِقُ!
..تفتّقت منه أزهار الرُبى وبكت--- بمدمع الشوق في أكمامها الحُدُقٌ
..لاتعذليه ففي أحشائه ألمٌ --- يروي سباسبه ما ضمّه الورقُ
..ولاتقولي:رفيق الليل في كبَدٍ--- فهل تداوي سجين الأحرف الخِرَقُ؟!
..دعيه حتى إذا ما ديمةٌ هطلت--- لينبت الفلّ والريحان والحَبَقُ
..ولاتقولي فتىً تغريه فاتنةٌ --- غيداءُ ينضح منها الطيّبُ iiالعَبِق
..ظريفةٌ كاعبٌ في ثغرها بَرَدٌ --- تبدي سناه لُماها وهي تنفتق
..حوراءُ تنفث سحرا من محاجرها--- ميّاسة القدّ يهواها الفتى iiالنَزِقُ
..دعيه يرفُ لبيت الشعر أرديةً--- يزهو بها، فهو في الظلماء محترقُ
..فمن شواظ ضياءٍ لاح مؤتلقا --- من القريحة ،بيت الشعر يأتلق
..دعيه حتى ينام البدر في غسقٍ --- فقد شواه وحيداً قلبُهُ الحَرِقُ
..دعيه حتى ولو مالاح شاطئه --- فلا يُلامُ إذا ما طمّه الغرقُ
..فتىً يصوغ من الأيام قافيةً --- تدكّ من بزلال الحق قد شرقوا
..فليس في قلبه للعشق خردلةٌ --- وفي سويدائه الآلام iiتصطفق
..لم تُصبِهِ في الهوى ألحاظ غانيةٍ--- كما صبت قبله قوماً فلم iiيفقوا
..يراقب النجم لاعشقا يسامره --- ومابه دَنَفٌ أو قلبه خَفِق
..لم يبق للعشق إلا رسمُ دارسةٍ--- في عُوج أضلاعه والصدر مختنق
..فعوّذيه من الدنيا،فلو بقيت --- لذي ثراءٍ لما أزرى به iiالمَلَق
..فتىً تحسّى كؤوس الشعر مترعةً--- فما تبقّى له من راحها رَمَق
..إذا تثنّت بثوب التيه أحرفه--- فما عليه إذا ما ثوبُهُ خَلِقُ
..لو كان يمشي وفي أسماله تَفَلٌ--- ففي محيّاه يطوي ليلَه الفلقُ
..يفتضّ بكر معانٍ غاب خاطبها--- وردّه عن هواها العيُّ والغَلَقُ
..فهي الصبوح إذا ماشاء صبّحها--- وهي الغبوق إذا ماشاء يغتبق
..إذا نواعس ذات الحسن ترمقه --- بنظرةٍ تجعل الألباب لا تفِق
..فليس في لبّه من طرفها أثَرٌ --- ولو تطاير منه الشائك المَرِقُ
..أقضّ مضجعه خودٌ تسامره --- وما تصرّم منها حبلها الوَثِق
..خريدةٌ تطرق الألباب موهنةً--- متى ينام بعسعاس الدجى الخَرِق
..صُداقها من نثار الدرّ يخطبها--- من الدهاقنة الغوّاصة iiاللبِقُ
..ومَن يراعته إن سلّها جَذِلاً --- تبسّمت شفةٌ قد حاكها القلق
..وإن براها غضوبا أمطرت شهبا--- يكاد منها بياض الطرس يحترق
..إذا تلاها محبٌّ قد سلا رجعت--- له الصبابة واستهواه من عشقوا
..وإن تنفّس ريّاها ذوو خوَرٍ --- إذا الوطيس غشى ،لم يثنهم فَرَقُ
..وإن تلاها أسارى الحزن لاح لهم ---وميضُ برقٍ بقفر البيد فانطلقوا
..وتملأ الكون أنغاما معتّقةً --- يشدو بها للزمان الشاعر الحَذِقُ
سعود الصاعدي >> طارقة السحر