عقدان من الزمن أمضاهما عبد العزيز السيف في "جمع رأسين في الحلال". وتمكن خلال هذه الفترة من تزويج نحو 572 رجلاً وامرأة، «من دون مقابل». ويستعيد السيف الذي يعمل رئيساً للجنة التوفيق بين الزوجين في مركز التنمية الأسرية في الدمام في حديثه لـ«الحياة» ذكريات ومواقف مرت عليه أثناء عمله، أبرزها أسرع زواج قام فيه بدور «الوسيط»، إذ «لم يتجاوز الساعة والنصف الساعة بين الخطوبة، والرؤية الشرعية، وعقد القران».
ولا ينسى السيف، «إعادة رجل لزوجته المطلقة التي تزوجها من خلال المركز، إذ تقدم الزوج بعد طلاقه من زوجته، إلى المركز طالباً الزواج من امرأة أخرى، بمواصفات معينة. وبعد البحث والتقصي من خلال مركز المعلومات الذي نعتمد عليه في عملنا، ونسجل فيه بيانات المتقدمين في القسم الرجالي، والمتقدمات في القسم النسائي، بعد التنسيق معهن، عثرنا على سيدة تتطابق مع المواصفات المطلوبة من جانب الزوج المُطلق، لنتفاجأ لاحقاً أنها طليقته، فعاد وتزوجها مرة أخرى»، مضيفاً «دورنا ليس التزكية، وإنما مساعدة الباحثين عن الستر وتزويجهم، وفقاً لما يتناسب مع كل منهم».
وعن شروط هذه المهنة ومعاييرها، يقول: «لا بد أن يكون ممتهنها يخاف الله، ويتقيه في السر والعلن، كونه يتعامل مع أسرار، وجوانب خاصة جداً تجب المحافظة عليها، وعدم إفشائها بين الأسر». واعتبر الشروط التي يطالبون الزوج بها «تحفظ حقوق الزوجة وأسرتها، وتؤمّن مستقبلها». وأضاف «نطلب من المتقدم تعريفاً بالراتب، وتزكيةً من إمام المسجد الذي يصلي فيه، للتأكد من جدية المتقدمين من الرجال».
واعتبر الدور الذي يقومون به «مهماً جداً، كونه يساهم في تكوين أسرة نتوسم فيها الخير، وتساهم بشكل أو بآخر، في بناء المجتمع». ولا يقتصر دور السيف في التوفيق بين الزوجين فحسب، إذ يشمل أيضاً «درس حالات الأسر التي تستدعي ذلك، وإصلاح ذات البين، كالذي يحدث مع متعددي الزوجات، خصوصاً عند تقدم أحدهم بطلب الزواج، فنقوم بدرس حاله، ونكتشف أحياناً عدم حاجته للزواج، وإنما لحل بعض المشكلات التي تحيط به وبأسرته، لتعود المياه إلى مجاريها»، مشيراً إلى أهمية الدور الذي يقومون به والذي «بدا واضحاً من خلال الجهات الرسمية»، مستشهداً بتوجيه أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز، بافتتاح أربعة مراكز للتنمية الأسرية في المحافظات.
ويصف السيف بعض الخطّابين والخطّابات «غير الرسميين»، بـ«السماسرة الذين يسعون للكسب المادي على حساب المجتمع، من الذكور والإناث، وفي شكل عشوائي»، معتبراً التعامل معهم من خلال المكالمات الهاتفية «أمراً يدعو إلى الريبة، فالتعامل يتم مع أشخاص مجهولين». كما اعتبر من وصفهم بـ«الدخلاء»، «إحدى العقبات التي تواجه عمل الخطّابين والخطّابات الرسميين الذين يعملون في مراكز التنمية الأسرية، إذ تكون الثقة مفقودة، نتيجةً بعض التصرفات غير المسؤولة التي تصدر منهم، سواءً من الرجال أو النساء». وأشار إلى تجربة بعض القنوات الفضائية في لعب دور الوسيط في الزواج، مرجحاً «عدم مصداقية كثير من المتقدمين والمقبلين على الزواج، إذ يقومون بالترويج لأنفسهم لأغراض دنيئة»، معتبراً عمل تلك القنوات «غير صحي، لعدم جدواها، وصعوبة ضبطها، إضافة إلى نتائجها غير المقنعة».
وانتقد السيف، توجه المتقدمين للخطّابين والخطّابات غير الرسميين، بأعداد أكبر من أمثالهم الرسميين. وقال: «لا تزال نظرة المجتمع قاصرة، خصوصاً تجاه الخطّابين والخطّابات، إذ يعمدون إلى التعامل مع غير الرسميين، ظناً منهم بأنهم سيمنحونهم السرية في التعامل، إضافة إلى توقع بعض المتقدمين بأن ما يقومون به خطأ أو عيب. ونحن في المركز نتعامل مع المتقدمين بكل سرية».
واستشهد في هذا الصدد، بقصة رجل «قام بإبلاغنا عن وجود أربع بنات لديه، ويرغب في تزويجهن. وبعد خروجه بنحو ربع ساعة؛ حضر إلى المكتب شاب يرغب في تزويج شقيقاته الأربع، وبعد مقارنة المعلومات تأكدنا أن المتقدمَين كانا يرغبان في تزويج البنات أنفسهن». وأضاف «قمنا بتزويجهن من دون علم الوالد بزيارة ابنه، والعكس».
وعن الإعلانات التي يروّجها عدد من الخطّابات، من خلال نشر أرقامهن في ملصقات، يتم وضعها بالقرب من أجهزة الصرف الآلية، اعتبر السيف «غياب الإجراءات والأنظمة، وعدم تفعيلها للحد من ذلك، عاملاً مساهماً في انتشار تلك الظاهرة»، مضيفاً «حتى بعض المكاتب العقارية دخلت على الخط، وبات بعضها يمتهن دور الوسيط، سعياً إلى الكسب المالي». ورجح ان يكون عدد الخطّابات يفوق نظرائهن الرجال، «كونهن يستطعن الدخول إلى المنازل، ويتم الترويج لهن في أوساط النساء والرجال أكثر من الخطّابين»، مشيراً إلى عدم وجود إحصائية «دقيقة» لهن. إلا أنه توقع من خلال خبرته وجود نحو مئتي خطّابة، وقرابة 18 خطّاباً في الشرقية، غالبيتهم العظمى من غير الرسميين.