يمكن تلخيص الهزيمة النفسية والمعنوية التي يتعرض لها المسلمين في هذا العصر واسباب ضعفهم بما يلي:


1 - غياب تأثير المسجد :

فان المسجد في كثير من بلاد المسلمين اليوم تؤدي فيه الصلوات الخمس فحسب. بل في بعض المساجد أن المؤذن يؤذن قبل أن يفتح المسجد . واذا اراد أحدُ ان يتنفلَ كثيراً بعد الصلاة قال له المؤذن : جزاك الله خيراً . صل في بيتكَ.
هكذا اصبح المسجدُ لاداء هذه الركعات فقط . فغابت مهمة المسجدِ عن حياة الامة .فوصلت الامة الى حال يرثى لها. على حين كان المسجد في حياة الرسول صللى الله عليه وسلم هو منطلق القيادة والرّيادة والتخطيط والعلم والتعليم.



2 - قلة العلماء العاملين :

الذين ينذرون أنفسهم لبذل العلم ونشره أنك اليومَ تجدُ في كل بلدٍ من بلاد المسلمين آلافاً من حملةِ المؤهلات العليا( الماجستير والدكتوراه) في التخصصات الشرعية. ولكن عندما تبحث ُ عن العلماء العاملين المبلِّغين. الذين يجاهدون بعلمهم في سبيل الله لرفع الجهل عن الأمة.فأنك تجدهم قلّة يُعدّون على الأصابع.


3 - سوء خطط التعليم في مراحل الدراسية المختلفة في البلاد الاسلامية :

فأن خُططَ التعليم في كثير من البلاد الاسلامية سيئة للغاية : اما خطط علمانية أو يسارية أو مستوردة من الشرق أو الغرب . والقليل منها ما يوجدُ في خططها بصيص من نورٍ.


4 - ضعف الهم والعزائم :

فتجدُ أنّ الشيخَ يبدأ في درس من الدروس العلمية ومعه عدد كبير من الطلاب . ثم يأخذ العدد في التناقص حتى لايبقى مع الشيخ الا قلة يعدّون على أصابع اليد.

والعلّة في هذه الظاهرة أن الحماس هو الذي يطغى على حياتنا ويحكم تصرفاتنا وقلّ بيننا من يتصف بالثبات وبعد النظر وسعة الأفق والتصرف عن اقتناع وتأمل مع الجدية وتحمل المصاعب.



5 - انفتاح الدنيا والانشغال بملذاتها وحطامها :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( فوالله لا الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا . كما بسطت على من كان قبلكم . فتنافسوها كما تنافسوها. وتهلككم كما أهلكتهم)) رواه البخاري ومسلم.

فأصبح الكثير يحزن لما يصيبه في دنياه اكثر من حزنه لما يصيب آخرته.



6 - كثرة وسائل الترفيه واللهو :

ونحوها من المعوّقات التي تقعد بالمرء عن معالي الأمور وتشغله عن الغايات السامية.
انّ الشباب والفراغَ والجدَه
مفسدةٌ للمرء أيّ مفسده



7 - التخصصات الجزئية التي أضعفت العلوم الشرعية:

لقد كان العالم في السابق عالماً بعامة فنون الشرعية : من تفسير وحديث وعقيدة وأصول وفقه .. أما الان فالفقه مثلاً ينقسم الى قسمين : فهناك متخصصون في الفقه ومتخصصون آخرون في أصول الفقه. وعلى هذه الشاكلة فصلت علوم الشريعة بعضها عن بعض وأصبحت الجامعات تخرج لنا أنصاف متعلمين تسأل أحدهم فيعتذر عن الأجابة بأن ذلك ليس من تخصصه !! والمصيبة أن ذلك صار أمراً مستساغاً مسلّماً.
فلنلق نظرة خاطفة الى ما كان عليه بعض علماء الأمة السابقين . كاطبري مثلاً .ان نظرت اليه في التفسير فهو في القمة أو في الحديث فهو في الذروة أو في اللغة فهو قوي العبارة سليم الاسلوب وهكذا.
وكأبن تيمية الذي نجد كتبه تحقق في أقسام مختلفة من أقسام الكليات الشرعية فبعضها في قسم التفسير وبعضها في قسم الحديث وبعضها في قسم العقيدة وبعضها في قسم الفقه وبعضها في القضاء وفي الدعوة وفي التاريخ وفي السياسة الشرعية.

فتأمّل وقارن بين علم هؤلاء وعلم أولئك.


8 - الانهزام النفسي أمام بعض العلوم المادية والنظر الى التخصصات الشرعية نظرة دونية:

فمثلاً يجتمع بعض الشباب في مجلسٍ ويسأل بعضهم بعضاً : أين تدرس؟ فيقول بكل زهوٍ وافتخار : ادرس في كلية الطب . ثم يرفع الآخر رأسه ويقول : أدرس كلية الهندسة . ثم يطأطئ الثالث رأسه ويقول : معدّلي ضعيف فدخلت كلية الشريعة.
هذه مأساة لا بد أن نعترف بها في واقعنا المؤلم في أغلب بلادنا الاسلامية.
ومن عجائب اقلاب المفهومات أنك تسأل بعض المتعلمين : اين تخرجت؟ فيقول: تخرجت في أمريكا - يقولها بكل أعتزاز- وتسأل الآخر السؤال نفسه . فيقول : لم يسمح لي أبي فدرست في داخل بلدي- يقولها بمرارة-

هذا كله ناجم عن الهزيمة النفسية التي أدت الى تشوه التصورات وتحوّل النظرات فصرنا الى حال من الضعف والتأخر يرثى لها.

ان العزة كلّ العزة في دراسة العلوم الشرعية والعناية بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولكن الطعنات النّجل التي وجهتها وسائل التغريب الى جسد الأمة التي مازالت ترجع القهقرى عن مقومات عزها واسباب ريادتها وأن هذه الطعنات أدت الى الهزيمة النفسية المقيتة فأفرزت ما أفرزت من الويلات.


منقول نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
.......