قال ابن بطال - رحمه الله -: "في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله، ورسوله، وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف؛ لأن المعاصي تُذِل أهلها، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم يوجب حداً، وإذا تمحَّض حق الله فهو أكرم الأكرمين، رحمته سبقت غضبه؛ فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يُجاهر يفوته جميع ذلك.
من أسباب المجاهرة بالمعاصي:
ما السبب الذي جرَّأ أولاء الناس على أن يجاهروا ويبارزوا المولى في عليائه بذنوبهم ومعاصيهم؟ أين عقولهم؟ أين قلوبهم: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}
إن هؤلاء الأقزام ما ركبوا هذا المركب الصعب مع المولى - جل وعلا - إلا بأسباب منها:
1. قلة مراقبتهم لربهم العزيز، فلما ضعفت المراقبة في قلوبهم أو انعدمت تجرؤوا على بارئهم؛ فجاهروا بذنوبهم.
2. الجهل بقدر الله - تعالى -، وعدم معرفته حق المعرفة قال الله - تعالى -: {وما قدروا الله حق قدره }
3. ضعف الخوف منه - تعالى -؛ فكانت حالهم فقط في لهو وضحك واستهزاء {وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ}
4. رفقاء السوء: وهذا من أعظم الأسباب الحاملة على هذا الذنب الفظيع؛ فإنهم يزينون للمذنب ذنوبه، ويمدحونه عليها، قال الله - تعالى - واصفاً ذلك في اختصام أهل النار: {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين}يعني كنتم تزينون لنا المعاصي، وتدّعون أنها طاعات؛ فالخمر مثلاً تقولون "مشروب روحي"، والزنا "حق شخصي"، وهكذا إلى نهاية سلسلة الإضلال والتزييف من رفقاء السوء الأشرار الذين رباهم إبليس الذي حكى الله - تعالى - عنه أنه اتخذ نفس ذلك الأسلوب فقال - تعالى -: {فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ...}، بل إن أراد ذلك المذنب المسكين العودة إلى ربه، والتوبة إليه؛ جرَّه هؤلاء الرفقاء وسحبوه وجاؤوا له من بين يديه، ومن خلفه، حتى يعيدوه إلى شباكهم إلا من رحم الله من عباده.
مخافة الله في النفوس ... آوآه يانفسي توبي
وفقكـ الله لما يحبه ويرضاة
شكراً لكـ![]()