الإلحاح في الدعاء

أخي الحاج: فارج الله تعالى في ذلك اليوم ولا ترج سواه، وجعلني الله وإياك من الملحوظين بتلك المواطن بالإجابة وبلوغ المنى.


إنه موسم الطاعات
أخي الحاج: هل بحثت في قلبك وأنت تغادر الأوطان وتفارق الإخوان، لم هذا التجشم؟!

لا شك إن كل حاج خرج أو لم يخرج من موطنه إذا فتش في قلبه، أحس بتلك الفرحة والنشوة التي خالطت ضميره وهو ينوي قصد البقاع الطاهرة، رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [إبراهيم:37].

كم من قلوب ذابت شوقاً للحلول بتلك الربوع الطاهرة.

أخي المسلم: لا شك أنها أيام الطاعات وموسم القربات فالكل يردد شعار التوحيد: ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك ). وفي حديث أنس بن مالك عندما حج النبي حجة الوداع، قال أنس رضي الله عنه: { صلى رسول الله ونحن معه بالمدينة الظهر أربعاً والعصر بذي الحليفة ركعتين ثم بات بها حتى أصبح ثم ركب حتى استوت به على البيداء حمد الله وسبّح وكبّر ثم أهل بحج وعمرة وأهل الناس بهما } [رواه البخاري ومسلم والنسائي].

أخي الحاج: هكذا افتتح النبي حجه، بحمد الله وتسبيحه وتكبيره، { ثم لم يزل رسول الله يلبي حتى بلغ الجمرة } [رواه البخاري من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما].

أخي: هل استشعرت معنى التلبية؟ وهل اعتقدتها وأنت ترددها؟

فأنت في قولك لبيك ) مجيب لنداء ربك إذا أمرك بحج بيته. أي: إجابة بعد إجابة إو إجابة لازمة.

أخي الحاج: وأنت في خير البقاع كيف تذهب عليك هذه الأيام في غير الطاعات ولفضل هذه الأيام وانشغال الخلق فيها بالطاعات يغتاظ إبليس ويصيبه الذل والصغار، عن طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله : { ما رئى الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما أرى يوم بدر..} [رواه مالك: الموطأ].

أخي الحاج: إنها أيام الغفران فلا تضيعها سدى، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: { ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو يتجلى ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ } [رواه مسلم والنسائي وابن ماجه].

أخي.. الطاعات.. الطاعات.. ولن يُضل الله عبداً التمس مراضيه. وأعانني الله وإياك على التقوى.


تزودوا.. تقوى الله خير الزاد

أخي الحاج: من عادة الناس إذا نووا الخروج إلى الحج تهيأوا لذلك بالنفقة وكل ما يلزمهم، إذ أنهم مقبلون على سفر طويل وهو أمر جميل.

ولكن أخي الحاج: هنالك زاد لابد لك منه، وإن لم تتزود به ذهب حجك باطلاً، أتدري ما هو هذا الزاد؟ إنه التقوى ). فلا خير في حج يخلطه صاحبه بالمعاصي، فإنها أيام الطاعات وأسواق التقوى، فالذي يعصي الله فيها هو الخاسر عاجلاً وآجلاً. قال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:197].

أخي الحاج: فلتكن تجارتك الرابحة تقوى الله تعالى حتى ترجع بحج مبرور، فقد نهاك الله في الآية السابقة عن الرفث والفسوق والجدال. و( الرفث ): يطلق على الجماع وعلى التعريض به وعلى الفحش في القول. وقال الإمام ابن حجر: ( هو أعم من ذلك وهو المراد بقوله في الصيام: { فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث } و( الفسق ) أخي الحاج: أصله الخروج ويطلق على الخارج من الطاعة فعن ابن عباس وابن عمر وعطاء والحسن وجماعة ( الفسوق ): إتيان معاصي الله عز وجل في حال إحرامه بالحج. و( الجدال ) قال القرطبي لا جدال في وقته ولا في موضعه ).

أخي الحاج: إحرص أن تكون من أولئك الداخلين في قوله : { من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه } [رواه البخاري ومسلم] أي: بغير ذنب. قال ابن حجر: ( وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات ).

أخي: وقال : { والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة } [رواه مسلم].

قال الحسن البصري: ( الحج المبرور هو أن يرجع صاحبه زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة ). وقال القرطبي: ( قال الفقهاء: الحج المبرور هو الذي لم يُعص الله تعالى فيه أثناء أدائه ) فلتكن أخي من الفائزين بثمرة حجهم، وما أسعدك يومها.

÷ يتبع ÷