نميل أحياناً إلى اللُّطف الزائد. فحين نجد بعض الناس يُسيئون التصرُّف، نخشى أن نتصدَّى لتصرُّفهم، ونُؤثِر أن نكون لطفاء فحسْب.
فإذا تردَّى صديق في علاقة محرَّمة، أو سَلَكَ قريبٌ سبيل الإدمان، نغضُّ الطَّرْف عن الأوضاع ولا نتصدَّى لهما.وحين يتَّكل صديقٌ غير مخلَّص على الأعمال الصالحة للحصول على الحياة الأبديَّة، نظلُّ صامتين دون التكلُّم عن المسيح وموته الكفّاري على الصليب. غير أنَّه يجب على المؤمنين ألاّ يُساوموا على إطاعة الله في سبيل الإبقاء على اللطف في المعاملة.
قال قاضي محكمة عُليا في الولايات المتّحدة: «إنَّ كثيرين ممَّن يعرفون الأفضل، محاولةً منهم أن يتصرَّفوا حضاريّاً، يُخفِّفون من وجهات نظرهم التي يتمسَّكون بها بشدَّة حتّى يتجنَّبوا الظهور بمظهر المنتقِدين العيّابين. وهكذا يُعلِّقون ألسنتهم، ليس في الشكل فقط بل في الأساس أيضاً. ولكنَّ هذا ليس تمدُّناً، بل هو جُبن، أو قُل في أفضل الحالات: خداعٌ ذاتيٌّ حسن النيَّة».
ولكنْ في متّى 9 لم يُعنَ المسيح بأن يظهر بمظهرٍ لطيف. فقد واجه المعلِّمين اليهود بلا مُداراة قائلاً: «لماذا تُفكِّرون بالشرِّ في قلوبكم؟» (ع 4). ولا عناه أن يظهر بمظهرٍ حضاريّ لمّا شبّه الفرِّيسيِّين بقبور مبيّضة لكنّها «مملوءة عظام أموات وكلَّ نجاسة» (23: 27). فإنَّه تصدَّى لهم بكلِّ جرأة وفضحَ خطاياهم.
ففي بعض الأحيان لا يكون حسناً الظهورُ بمظهرٍ حسن.
ربَّما كان الإفراط في اللطف قِناعاً للجُبن.