تُأكد في هذا السرد الواقعي مقولة الأول :

كل من لاقيتُ يشكو همّه
ليت شعري هذه الدنيا لمن ؟

أحسنتَ أيها الشفق في كتابة هذه الهواجس التي نراها أمامنا ومن خلفنا ولربما هي بالفعل غير مجدية عند تسريبها لمن حولنا , فلن نجد حلاً أقلّ من الدعاء - ونعم الحلّ - لكنني لستُ مع (الفضفضة) .
فإما يكون عدوًا فيشمتُ بي أو صديقـًا فيحزن مثلي وفي كلا الحالتين لا جديد .

أعجبني في ذلك قصة لشريح القاضي ..
يروي أحد الناس قائلا سمعني شريح أشكي بعض ما همّني وغمني لصديقي قال فوجدني أشكو شكوى مرا ً فقال لي شريح :
يا ابن أخي إياك والشكوى لغير الله عز وجل إن من تشكو إليه لا يخلو أن يكون صديقا ً أو عدوا ً.
أما الصديق فتحزنه وأما العدو فيشمت بك ، ثم قال يعلمني :
انظر إلى عيني هذه وأشار إلى إحدى عينيه فقال والله ما أبصرت بها شخصا ًولا طريقا ًمنذ خمس عشرة سنة ولكني ما أخبرت أحدا بذلك إلا أنت في هذه الساعة ثم قال :
أما سمعت قول العبد الصالح يعقوب الذي قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله فاجعل الله عز وجل مشكاك ومحزنك عند كل نائبة تنوبك فإنه أكرم مسؤول وأقرب مدعو.

ورأى ذات يوم رجلا يسأل آخر شيئا ًويبدو أنه بدأ يطلب بإلحاح وتذلل.
فناداه وقال له : يا ابن أخي من سأل إنسانا ًحاجة فقد عرّض نفسه للرق أي صار رقيقا ً إن قضاها لك فقد استعبدك بها وإن ردها عنك رجعت ذليلا ورجع هو بخيلا ً.

كلام عجيب إذا أعطاك إياه صرت عبدا ً له وإن لم يعطك إياها صار بخيلا ً وصرت ذليلا ً.
فإذا سألت فلا تسأل الناس وإذا استعنت فاستعن بالله .