الدرس الأول:
(لله رب العالمين)
من هذه المدرسة الركن فهو الإعلان الصارخ والنبأ العظيم بتجريد التوحيد لله رب العالمين إنه الإعلان للتوحيد منذ اللحظة الأولى التي يتنافس فيها الحاج بالنسك وحتى اللحظة الخيرة التي يفرغ فيها منه ، فتلبيته توحيد وطوافه توحيد وسعيه توحيد ووقوفه يوم عرفه توحيد ومبيته عند المشعر الحرام توحيد ورميه الجمار توحيد وحلقه ونحره توحيد وإفاضته توحيد ووداعه توحيد { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } فلا خير في الدنيا بلا توحيد ولا نصيب في الآخرة بلا توحيد فمن أجله أسست المله ومن أجله شرعت القبلة ومن أجله خلقت السماوات والأراضون ومن أجله خلقت الأنس والجن والملائكة أجمعون والعبد الموحد هو من أقر لله بالربوبية المطلقة والألوهية الخالصة وأثبت لربه أسماؤه الحسنى وصفاته العليا فهو موصوفٌ بالجمال منعوت بالكمال والعبد الموحد يعلن بكل قوة ورجولة وشجاعة أني لا أعبد إلا الله ولا أخضع لأحد سواه ولا ادعو إلا هو ولا أذبح إلا له ولا أقسم إلا به ولا أتوكل إلا عليه ولا أخاف إلا منه وأن مقاليد السموات والأرض بيده وأن مفاتيح الغيب والكبرياء والجبروت له وحده فالحكم حكمه والأمر أمره والشرع شرعه أحق من عبد وخير من ذكر وأكرم من سئل واجود من أعطى ومتى تغلغل هذا الشعور في حس المسلم وأعماق ضميره اتضحت له معالم الطريق وتجلت أمامه طرائق الحياة وعرف من هو ومن يكون وإلى أين النهاية وما هو المصير وعرف لمن يسلم قيادة ولمن يخضع رقبته ولمن يصرف ولائه ، وعرف بمن يصول وبمن يجول وبمن يخاصم ولمن يحاكم ، كما أن العبد المسبح بحمد خالقه سيلحظ هذا إن كان ذا فطنة وذكاء .
إن كثرة أعمال الحج وتواصلها وارتباطها بكيفيات وأزمنة محدودة سيلحظ أن هناك مشرعاً واحداً هو الله جل جلاله له المشيئة المطلقة والإرادة النافذة في تشريع ما يشاء وفرض ما يريد مسلمٌ لشرعة ويخضع لحكمة ويعلم يقينا أن كل شرع خالف شرع الله فهو شرع باطل . وكل أمر خالف سنة نبيه فهو رد قال الله تعالى { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ } وقال أيضاً : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا }
يتبع بإذن الله