عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من صلى صلاة الصبح ، فهو في ذمة الله ، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء ، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم )) رواه مسلم .


الـشـرح

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ في باب التحذير من إيذاء المسلمين والضعفة والمساكين ونحوهم ، ثم ساق المؤلف قول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) [الأحزاب:58] .
والأذية : هي أن تحاول أن تؤذي الشخص بما يتألم منه قلبياً ، أو بما يتألم منه بدنياً ؛ سواء كان ذلك بالسب ، أو بالشتم ، أو باختلاق الأشياء عليه ، أو بمحاولة حسده ، أو غير ذلك من الأشياء التي يتأذى بها المسلم .
وهذا كله حرام ؛ لأن الله سبحانه وتعالى بين أن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإنما مبيناً .
وفهم من الآية الكريمة أنه إذا آذى المؤمنين بما اكتسبوا فإنه ليس عليه شيء مثل إقامة الحد على المجرم، وتغريم الظالم ، وما أشبه ذلك ، فهذا وإن كان فيه أذية ، لكنها بكسبه ، فقد قال الله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر) [النور: 2].
ولا حرج في أن يؤذي الإنسان شخصاً بسبب كسبه هو وجنايته على نفسه ، فإن ذلك لا يؤثر عليه شيئاً .
ثم أشار المؤلف إلى أحاديث تدل على التحذير من أذية المؤمنين ، ومنها ما سبق من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الله قال : ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )) فالذي يعادي أحدا من أولياء الله ؛ فإن الله تعالى يعلن عليه الحرب ، ومن كان حرباً لله تعالى ؛ فهو خاسر بلا شك .
قال أهل العلم: وأنواع الأذى كثيرة ، منها أن يؤذي جاره ، ومنها أن يؤذي صاحبه ، ومنها أن يؤذي من كان معه في عمل من الأعمال ـ وإن لم يكن بينهم صداقة ـ بالمضايقة وما أشبه ذلك ، وكل هذا حرام والواجب على المسلم الحذر منه .