قال الله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) [التوبة: 5] .
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى )) متفق عليه .
عن أبي عبد الله طارق بن أشيم رضي الله عنه، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ؛ حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله تعالى )) رواه مسلم .


الـشـرح

قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ: باب حمل الناس على ظواهرهم ، وأن يكل الإنسان سرائرهم إلى الله عز وجل.
أولاً : اعلم أن العبرة في الدنيا بما في الظواهر ؛ اللسان والجوارح ، وأن العبرة في الآخرة بما في السرائر بالقلب .
فالإنسان يوم القيامة يحاسب على ما في قلبه ، وفي الدنيا على ما في لسانه وجوارحه ، قال الله تبارك وتعالى: ( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) [الطارق: 8 ،9 ] ، تختبر السرائر والقلوب. وقال تعالى: ( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) [العاديات : 9 ـ11 ] .
فاحرص يا أخي على طهارة قلبك قبل طهارة جوارحك . كم من إنسان يصلي ، ويصوم ، ويتصدق ، ويحج ، لكن قلبه فاسد .
وهاهم الخوارج حدث عنهم النبي عليه الصلاة والسلام ؛ أنهم يصلون ، ويصومون ، ويتصدقون ، ويقرؤون القرآن ، ويقومون الليل ، ويبكون ، ويتهجدون ، ويحقر الصحابي صلاته عند صلاتهم ، لكن قال النبي عليه الصلاة والنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي (( لا يجاوز إيمانهم حناجرهم )) (238) لا يدخل الإيمان قلوبهم .
مع أنهم صالحو الظواهر ، لكن ما نفعهم . فلا تغتر بصلاح جوارحك ، وانظر قبل كل شيء إلى قلبك ، أسأل الله أن يصلح قلبي وقلوبكم . أهم شيء هو القلب .
رفع رجل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قد شرب الخمر فجلده ، ثم رفع إليه مرة أخرى فجلده ، فسبه رجل من الصحابة ، وقال : لعنه الله ، ما أكثر ما يؤتى به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام .
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لا تلعنه ؛ فإن يحب الله ورسوله ))(239) فالقلب هو الأصل ولهذا قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ) [المائدة:41] .
أما في الدنيا بالنسبة لنا مع غيرنا ، فالواجب إجراء الناس على ظواهرهم ؛ لأننا لا نعلم الغيب ، ولا نعلم ما في القلوب ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وقد قال النبي عليه الصلاة والنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ((إنما أقضي بنحو ما أسمع))(240)
ولسنا مكلفين بأن نبحث عما في قلوب الناس ، ولهذا قال الله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [التوبة: 5] ، يعني المشركين إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ؛ فخلوا سبيلهم وأمرهم إلى الله ، إن الله غفور رحيم .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ، وحسابهم على الله )) .
وبذلك يكون العمل بالظواهر ؛ فإذا شهد إنسان أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ؛ عصم دمه وماله ، وحسابه على الله ؛ فليس لنا إلا الظاهر .
وكذلك أيضا من قال لا إله إلا الله ؛ حرم دمه وماله ، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام