ياوالدي ياوالدي
رساله الى اب
كم كنت حليما في ألامك
كم كنت هادئا في أنينك
كم كنت متماسكا في صراعك
كم كنت ثابتا في انكسارك
كم كنت كبيرا في نحولك
كم كنت بهيا في ذبولك
كم كنت مشرقا في شحوبك
كم كنت حرا في أسر سريرك
كم كنت عزيز النفس في هوانك
كم كنت قويا في ضعفك
كم كنت أبيا في وهنك
كم كنت عاليا في إنهيارك
كم كنت بطلا في إنهزامك
كم كنت حاضرا في احتضارك
كم كنت متألقا في موتك
كفارس عرف كيف يخسر معركتة بكبرياء , ألقيت بسلاحك ورحلت يا أبي
وكيف يا أبي غبت عنا وما زلت بيننا , فما زلت أراك في كل ركن وأسمعك ليلا جائلا في أرجاء البيت وأستيقظ فجرا على رائحة قهوتك الصباحية وعلى طقطقة الفناجين وخطوات قدميك
وكيف رحلت عن أرضك وما زلت مزروعا فيها ,فها أنت هناك في الحاكورة تمارس طقوسك العشقية مع الدالية وتقيم شعائر العبادة للزيتونات وتداعب نوار اللوز وتشتهي المشمش والتين والرمان وتستنشق السريس وتحاكي السنديان
كان أبي يعتقد أن للأشجار من النوع الواحد القدرة على التواصل مع بعضها كالانسان وكان يحدثني كيف يشعرها تحاكي جاراتها وكيف أن السروتين اللتين زرعهما بمحاذاة بعض على حدود أرضنا كانتا تكبران دائما بنفس الطول ونفس الميل كتوأمين متماثلين, وكيف حاول عبثا بإقناع السنديانة بمجاورة إحدى التينات وكانت السنديانة ضيفة جديدة إختار لها موقعا مركزيا في حاكورتة, ولكنها كانت كلما تكبر وتكاد تقترب من التينة حتى يجدها تلوي فروعها إلى الوراء الى أن تنكسر وتبدأ بالنمو من جديد , مما إضطرة أخيرا للتخلص من التينة , نسيت أن أسألة لماذا اختار السنديانة , ربما تعاطفا مع صراعها للبقاء , ربما لأن الكرمل يعشق السنديان؟ كثير من الأسئلة أردت أن أسألة إياها وكثير من الأشياء وددت أن أقولها لة وفي انشغالي في حياتي نسيت
نسيت أن أقول لك كم أنت رائع , كم أنك رجل استثنائي يا أبو الخل
ونسيت أن أقول سلمت يداك على كل ما أعطيت
منقول