بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
• • •
دين الله كامل ومنهج الإسلام شامل يتضمن مبادئ الأخلاق السامية وذلك لإيجاد مسلم طاهر كريم سليم القلب نزيه المشاعر عف اللسان ويربي الاسلام المسلم على معرفة حقوق الآخرين وعلى حفظ الحرمات وعلى رعاية الأعراض والقيام بواجب الأخوة الإسلامية ويحذر من الوقيعه في أعراض المسلمين وذلك كله لايجاد وحدة اسلامية حقيقية وللمحافظة على تماسكنا المجتمعي ونبذ كل ما يعكر الوحدة الجميلة بدءاً من منع تخطي الرقاب يوم الجمعة ومنع أكل الثوم والبصل في مواضع لأن في ذلك أذى لمشاعر الآخرين مروراً بالتحذير من الغيبة والنميمة ومنع نقل الكلام على وجه الإفساد ومنع السخرية والاستهزاء من المسلمين والسباب والشتم انتهاء بمنع القتل كل ذلك للحفاظ على مجتمعنا وحفظاً لحقوق الآخر ، فاسلامنا دين كامل عبادة وخلق .
من الامراض التي تفشت في مجتمعاتنا ومجالسنا ، عادة وقف الاسلام منها موقفاً صارماً وواضحاً
وهي الغيبة
وهي ذكر العيب بظهر الغيب وهي من أخطر الأمراض ، نابعة من شهوة الكلام وهي أسهل الشهوات انطفاءاً
الحلم زين والسكوت سلامة
فاذا نطقت فلا تكن مهدارا
ما إن ندمت على السكوت بمرة
لكن ندمت على الكلام مرارا
وقف شرعنا الحنيف موقفاً حاسماً بتنفير أكيد وتنكيل شديد يقول جل جلاله
[أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ]
جعل ذلك مما تنفر منه الطباع السليمة فاكل لحم المسلم بعد أن يموت من الاشياء التي لا يتصورها الانسان وشئ مستقذر للغاية ، لذلك فالغيبة والولوغ في الأعراض مستقذر شرعاً ولذلك جاء الاسلام بمنهج رشيد يمنع الناس من الغيبة ويقول جل جلاله
[وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ]
وشرعنا الحنيف اخوتي لم يكتفي بتحريم الأشياء المستقذرة بل سد كل الطرق المؤديه اليها فنراه يقول
[ ولا تخطوا خطوات الشيطان ]
فهو يضع الاحترازات والسياج والحجاب لمجتمع سليم واطهر وكريم لتحقيق الامن الاجتماعي ووصولاً لأطهر الغايات فنراه يقول في الآيات في الزنا
[وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلا ]
فكانت هذه الآية بمثابة صخرة تغلق ابواب المزالق الي الزنا كلها وعمم الشرع الحنيف الحكم على الفواحش فلم يقل لا تفعلوا الفواحش فقط بل قال
[وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ]
أي لا تقربوا كل منزلق يؤدي للوقوع في الفواحش
والشئ نفسه بالنسبة للغيبة فقال تعالي
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ]
ففي هذه الآية سد لكل ذرائع الولوغ في الغيبة فالشخص يبدأ بسوء الظن ثم يتجسس ليؤكد ظنونه ثم يطلق لسانه في عيوب الناس ويكون بذلك خالف ثلاث أوامر صريحة في آية واحدة والعياذ بالله
وتجد شخصاً يبرر لنفسه بمسوغات واهية فتراه يقول :
كل الناس يعرفون وانا لم آتي بشيء جديد هذا الكلام حقيقة
مهلاً أخي
هذه هي الغيبة على الحقيقة وقال ابن عباس رضي الله عنه
[ في القرآن غيبة و إفك وبهتان ، الغيبة أن تذكر العيب الذي هو فيه بظهر الغيب وهو يكره ذلك ، والبهتان أن تقول ما ليس فيه ، والافك أن تردد ما وصلك من أخيك دون أن تعلم أن هذا فيه أو ليس فيه ]
جاء في البخاري في المفرد عن النبي صلي الله عليه وسلم
[ من ستر عورة أخيه المسلم كان كمن أحيا موءودة من قبرها ]
من الذي يستطيع أن يحي موءودة من قبرها فاذا وقفت على عيب أو خلق ورأيته بأم عينك فعليك أن تمسك عن هذا وتستره ولو أنك أخبرت أحداً من الناس كان هذا غيبة وهي عين الغيبة التي قال فيها ابن الذهبي
[ أجمع العلماء على أن الغيبة من الكبائر ]
أعمالنا أخوتي الكرام ليست بحر وافر حتي نضيف اليها ببساطة احدى الكبائر فلنوقد شموع الاحتراس من تلكم الآفات التي تقضي على حسناتنا وتلكم السيئات التي تثقل كاهل ميزان سيئاتنا كبيرة من الكبائر ، قال صلي الله عليه وسلم
[ إن من أربى الربا استطالتك في عرض أخيك ]
الربا سيء ، الربا بضع وسبعون حوب أدناها كأن يأتي الرجل أمه في الاسلام ولدرهم من ربا يضعه الرجل في جوفه أشد عند الله من بضع وثلاثين زنية أجل الربا وأعلاه استطالتك في عرض أخيك فلنحذر كل الحذر إخوتي عن مزالق الجحيم وسعير جهنم عبر اقفال كل الأبواب المؤدية اليها فلا أحدنا يرغب ان يأتي أمه وليس بوسعنا تحمل ذاك الإثم وسوء الفعل وننوء عن ذنب استطالتنا في عرض أخوتنا .
• • •
إخوتي
أولسنا نحب النبي صلي الله عليه وسلم
أولسنا نأتمر بأمره
أولا نذكر خطبة الوداع يوم كان وضع لمجتمعنا النظام وطريق الفلاح والتماسك والوحدة الاجتماعية ويرسم له الأحكام ويخط له الطريق الذي يسلمه ويؤمنه فقال في يوم العاشر من ذي الحجة في مكة المكرمة
[ ألا إن أموالكم ودمائكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ]
ألم تكن هذه موجهات الحبيب أولم يقل
[ كل المسلم على المسلم حرام ، ماله ، ودمه ، وعرضه ، وألًا يطن به إلا خيرا ]
فنحن كثيراً ما تضيع عندنا حرمات المسلمين والمصيبة أن ذلك عندنا يكون لغرض التسلية والضحك أو جذب الانتباه لا حول ولا قوة إلا بالله رحماك ربنا بشر مخطئون
• • •
الغيبة إخوتي أسرع من السرطان انتشاراً في جسد إيماننا ويا لها من سرطان فلنبادر إخوتي باستئصال ذلك السرطان قبل أن يقضي على آخر قلاعنا وتدك أحلامنا في الوصول لجنة عرضها السماوات والأرض .
هل ترغب أن تنخر وجهك وصدرك بمنشار ومسامير ، هل ترغب أن تسيل الدماء من وجهك على أظافرك النحاسية يومئذ وهي غائرة في جسدك وصدرك محدثة ابلغ الأذى ، هل تحتمل هذا العذاب
قال صلي الله عليه وسلم في سنن أبي داؤود
[ مررت ليلة أسري بي بأقوام لهم أظفار من نحاس ، يخمشون وجوهم وصدورهم الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراض المسلمين ]
يري بعض الفقهاء أن الغيبة تبطل الصيام وبعيداً عن اختلاف العلماء في ذلك أهمس في أذنك أخي هل ترضي أن يكون دينك محل اختلاف بين العلماء ففريق يقول صيامك باطل والفريق الآخر يقول صيامك صحيح ثوابك شحيح ، هل ترتضي هذه المذلة أخي
لذلك إخوتي يجب أن نحارب الغيبة وأول الخطوات الكف فوراً والإقلاع حالاً عن الغيبة ونتذكر أننا ما نلفظ من قول إلا لدينا رقيب عتيد
ثاني الخطوات لابد من حسم المغتابين في مجتمعاتنا زد عن عرض أخيك في وجه كل من تكلم بغيبة فقد جاء فى الحديث الذي رواه الترمذي وحسنه
[ من ردَّ عن عرض أخيه رد اللّه عن وجهه النار يوم القيامة]
ولو سمع إنسان شخصا يغتاب أحدا فرضي بكلامه واستلذه ولم ينكره كان شريكا في الغيبة ، لأنه رضي بذكر أخيه بالعيب .
ثالثها لابد من نشر التناصح والتناغم لا التفاضح بين المسلمين حتي نصل لغاية السلامة والحفاظ على المجتمع المعافى
رابع الخطوات لابد من حسم الشائعات وحمل النفس على إحسان الظن بالمسلمين
وأهم الخطوات الثناء على من اغتبت والدعاء له توبة لله عز وجل والانشغال بالذكر والاستغفار الذي نحن في أحوج ما نكون إليه
هذا ونفعنا الله وإياكم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم