(53)


عيون الماس




كنت منذ الصغر
أسهر الليل محتفياً بالقمر
أرنو إلى أول وجه أصادفه
ثم أدعو ..
منذ أن كنت طفلاً عرفت الدعاء
وتعودت أن أستجير السماء
نجمة
نجمة
ثم أفقدها في ليالي الشتاء
أنت تدرين
كنا ننام على السطح في الصيف
والنوم فوق السطوح
مجاورة لطمأنينة الله !
نحصي النجوم
ونراقب كيف تصير الغيوم
أوجهاً ورسوم
تختفي ثم تطفو
بينما نحن نغفو
وتهاويلها في كرانا تعوم
غير أني
كنت أبقى أتابع وجه القمر
كم أطلت السهر
تحت هالته
كم حلمت به زورقاً في نهر
وأنا فيه أسبح بين الغيوم
وألم النجوم
ثم يصبح بدراً
أتدرين
كنت أخاف من البدر
تشعر أمي
فتضم عظامي إليها
وتهمس لي أن أسمي !
مرة في أصيل
راعني وهو يصعد بين النخيل
قانياً كان
محتقناً كالقتيل
فارتعبت لمنظره في السماء
عندما نمت ليلتها
كنت أحلم أني
أعوم على بركة من دماء
منذها
وأنا أتجنب أن أتأمله
حين يغدو بهذا البهاء !
تعلمين لماذا أحب القمر ؟
دافئاً وحميماً أحس به
ورحيماً أحس به
رغم معرفتي أنه لا يدوم
ورغم الذي يعتريني لغيبته من وجوم
ستقولين لي : والنجوم ؟!
قد تأملتها
وتحملتها
في ليالي الهموم
كنت أحسبها نجمة نجمة
كم بدت لي بعيده
لا يلاذ بها ..؟
كم بدت رغم كثرتها لي وحيده ؟!
إنها خالده
أنا أدري
فستين عاماً تأملتهن
وواحدة واحده
كنّ يرمقنني بعيون من الماس
نائية
بارده !
غير أني عشقت القمر
كانت أمي تقول له :
يا حبيب
ولدي لايغيب !
ومع الوقت خيّل أنه يستجيب
فعلقت به
وكأن بيننا
خيط حب غريب ..


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي