الطريقُ إلى رؤية فيروز , وسماعها , هو عبورٌ إلى الماضي , تماما كالدخول في قصص الأطفال
وقصة من ألف ليلة وليلة ,
في مدينة " جونية " الجبليّة الساحليّة , وفي ساحل علما بالتحديد , كانت هنالك جارة القمر
تنتظرُ عشّاقها ومحبيها من كافة دول العالم , وتركت بيروت وصخبها , وحملت شعبها معها لفوق تلّةٍ مرتفعة امتدّ عليها مجمع platea , في ليلةٍ ممطرة وشتائية
ازدحم الحضور الذي فاق عددهم 4000 , وبدأ توافدهم منذ وقت مبكّر جداً , بحضور رسمي من أكثر سياسيي لبنان ورؤساء أحزابهم , والفنانين والفنانات كأليسا ونادين لبكي والإعلامية جومانة بوعيد , والكثير جداً ,
,
والسيء والجميل في نفس الوقت , حين دخولك لمواقف السيارات في المجمع , يبدأ حرّاس الأمن في توزيع ورقة كتب فيها ممنوع التصوير أو اصطحاب آلات التصوير أو الجوالات أو أي جهاز تسجيل ,
ويظهر هنا الملصق فوق بوابة المجمع الرئيسية و في المدخل يتم توزيع الجمهور بحسب قيمة البطاقة
التي كانت تبدأُ من 40 دولار ووصولاً لـ 300 دولار , علماً بأن 300 دولار نفقت منذ وقت مبكر , وربما كانت مخصصة للزعماء وأهل السياسة والفنانين ,
فجلب لي صديقي بطاقة بـ 150 دولار منذ أسبوع ومقعدي كان رقم c23 ^_^ أمام المسرح مباشرة ,
بدأ الحفل في تمام التاسعة والربع بتوقيت بيروت ,
وأطلّت فيروز من خلف الستار , قائلة " مسيتكم بالخير ياالجيران " فضجّت القاعة بالتصفيق ووقف الحضور جميعاً لأكثر من دقيقتين تقديراً لآخر عمالقة الطرب في الوطن العربي وقوفاً , فبدأت بالغناء وهي تنحني ترحيباً بمحبيها , وغنّت " طلع القمر وعى حبيبي " وكأنها ترسم لوحة داخلها فيروز ذاتها , !
وعلى مدى نحو ساعتين غنت فيروز من اغاني الاخوين رحباني القديمة "تعا ولا تيجي" و"القمر بيضوي ع الناس والناس بيتقاتلوا". و"على جسر اللوزية" و"طيري يا طيارة" و"دوارة ع الدوارة" و"وضيعتنا".
كما ادى الكورس المؤلف من ثمانية اشخاص اغاني للاخوين رحباني وزياد رحباني منها "بدنا الطرقات" و"على مهلك" و"عتم يا ليل" و"مراكبنا ع المينا" و"شواطينا".
اما في الجزء الثاني من الحفل فغنت فيروز من الحان نجلها زياد رحباني "في امل" و"صباح ومسا" و"حبيت ما حبيت" قبل ان تعود لتغني من الحان الاخوين رحباني "فايق والا ناسي" و"ويا مغزال".
وكانت مفاجأة الحفل ان حملت الدف وادت مع الكورس تلك الاغنية التي كانت قد قدمتها مع المطرب اللبناني الراحل نصري شمس الدين في معرض دمشق الدولي وتقول في نهايتها "ان ما سهرنا ببيروت بنسهر بالشام".
وحينها وقف الجمهور جميعاً بطريقة هستريّة وكانوا يصفقون ويصرخون لفيروز ولبيروت معاً , وماأروع السهر في بيروت ,,!
وختمت حفلتها باغنية "عللي عللي" قبل ان يعيدها تصفيق الجمهور لتغني
"جينا لحلال القصص" و"راجعين "
واختفت فيروز ومازال الجمهور يطالب برجوعها وكانوا يضربون بأرجلهم في خشبة المسرح , فعادت مرة أخرى وكانت تشير إلى الفرقة فعزفوا وغنّت معهم "بكره برجع بوقف معكم.. إزا مش بكرة بعده أكيد " هذه الأغنية التي بكى معها الكثير من محبيها , لأن الستّ فيروز غنتها بطريقة حزينة جداً وتوحي بالوداع ..!
ووقفت الى يمين الخشبة في مواجهة الجمهور والاوركسترا بقيادة هاروت فازليان والمؤلفة من نحو 30 عازفا وثمانية منشدين.
خرجنا من الحفلة في تمام الثانية عشرة والنصف تقريباً , وكان المطر ينهمر بغزارة , في جو بارد جداً , وكان صوت فيروز يطاردنا للخارج , في ليلة لاتُنسى أبداً من ذاكرتي , وذاكرة كلّ من رأى فيروز وسمعها , وكما قلتُ لأحد أصدقائي اللبنانين وزوجته , حين سألني عن سبب حضوري من السعودية , قلت فيروز هي امتداد رائع للموسيقى العربية الطربيّة , وهي بحقّ آخر العمالقة وقوفاً , والحضور لفيروز هي أمنية كبيرة جداً , وقصة سأدوّنها في مذكراتي بخطّ بارز , فيروز هي الصوت الذي يملأُ مابين السماء وأجسادنا , وهي ماقبل الفجر , ومابعد العشق بقليل !
,
وكما أسلفتُ لكم , فقد كان التصوير داخل القاعة ممنوع جداً , ويتم التفتيش بأجهزة للكشف , لكن أخذنا بعض الصور من المواقع المتخصصة المسموح لها بالتغطية , وبعض الصور الخارجية بكاميرتي ,
وهنا تسجيل من اليوتيوب واحد فقط للحفل , أعتقد انه لصالح قناة الجديدة , بلإتفاق مع السيدة ريما الرحباني ابنة فيروز , ومديرة حفلاتها .
أتمنى لكم أوقاتاً ممتعة ,
وأياماً رائعة
وانتظروا بقية صور الرحلة في موضوع مستقل!!