بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
كلمة لله
من الغريب في مجتمعاتنا أن صاحب الكلمة الطيبة مستهجن قوله غالباً، تارة يظن الناس أنه يقول الكلام الطيب لمصلحة دنيوية، أو لمنفعة مادّيّة، أو يعتقدون أنه يتملق الأشخاص فيمدحهم، وبأن غايته المكر والخداع، لا الخير والمودة، فتُطلق الأحكام المُسبقة قبل أن يحصل التعامل والتجربة.
والحقيقة أن الأصل في التعامل حُسن الأخلاق، وطيب الكلام، والتودد للآخرين لا لمنفعة ولا لمصلحة، وأن يقول المسلم الكلمة الطيبة لا يقولها إلا لله، فليقدّم حسن الظن، وليتعهد كلّ إنسان نفسه، فيقرن القول بالعمل، وليخلص في ذلك كله لله تعالى .
أما من إستحل مايريد سواءً كان غافلاً أم جاهلاً , وهو يخوض في إثمٍ عظيم غير مبالي بعواقبه نقول له توقف معنا هنا للحظة :
المسألة الأولى : معنى الإستحلال .
الإستحلال هو : إعتقاد حـِـلِّ الشيء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
« والاستِحلالُ : إعتِقادُ أنها حلالٌ له » .. ( الصارم المسلول 3/971 ) .
وقال العلامة إبن القيم – رحمه الله – :
« فإنَّ المُستحلَّ للشيء هو : الذي يفعله مُعتقِداً حِلَّه » .. ( إغاثة اللهفان 1/382 ) .
وقال الإمام إبن عثيمين – رحمه الله – :
« الاستحلال هو : أن يعتقد الإنسان حلّ ما حرّمه الله » .. ( الباب المفتوح 3/97 ، لقاء : 50 ، سؤال : 1198 ) .
المسألة الثانية : بماذا يـُـعرَفُ الاستحلال ؟
يـُـعرَفُ الاستحلال بإقرار المرء على نفسه بأنه يعتقد الحـِـلـِّـيـَّـة ،
وذلك إما بالتصريح بـ اللسان ، أو بـ الكتابة .
والدليل على ذلك :
أن الإعتقاد محلـُّـه القلب ،
ولا سبيل لمعرفة ما في القلب : إلا بالإقرار الصريح .
وبرهان ذلك كله :
حديث الرجل الذي قتل في المسلمين ولما تمكن منه أسامة بن زيد - رضي الله عنه -
نطق بالشهادة ، فقتله أسامة - رضي الله عنه -
فلما بلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال له :
" أقتلته بعدما قال : لا إله إلا الله ؟! " ( البخاري 4269 ، 6872 ) .
" أفلا شققتَ عن قلبه لتعلم أقالها أم لا ؟! " ( مسلم 273 ) .
" فكيف تصنع بـ لا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟! " ( مسلم 275 ) .
قال أسامة - رضي الله عنه - :
فما زال يكررها عليَّ حتى تمنـَّـيتُ أني أسلمتُ يومئذٍ ( البخاري 4269 ، 6872 مسلم 273 ) .
قال الخطـَّـابي - رحمه الله - :
" وفي قوله ( هلا شققتَ عن قلبه ) دليل على أن الحكم إنما يجري على الظاهر ،
وأن السرائر موكولة إلى الله سبحانه " ( معالم السنن 2/243 ) .
ففي هذ الحديث ثلاث فوائد :
1. أن الإعتقاد محله القلب .
2. عدم جواز الأخذ بالقرائن للحكم على ما في قلوب الناس .
3. عدم جواز الاجتهاد للكشف على ما في قلوب الناس .
يقول الإمام إبن قتيبة رحمه الله :
أحببت لك أن تجري على عادة السلف، في إرسال النفس على سجيتها، والرغبة بها عن لبس الرياء والتصنع، ولا تستشعر أن القوم قارفوا وتنـزهت أنت، ولا أن القوم ثلموا وتورعت أنت، يعني: إياك إياك أن تظن أن الناس تلطخوا وأنت بريء، ووقعوا وأنت سالم، وارتكبوا بعض الموبقات والذنوب وأنت بعيدٌ عنها؛ فإن هذا داء العجب والكبر الذي ربما كان محبطاً للأعمال والعياذ بالله ..!
الحذر ثم الحذر يامن تسيء الظن ويامن تحكم على مافي قلوب الناس
وهي في علم الله سبحانه .
الإعتقاد محله القلب ... فاعتقد في قلبك الخير وأحسن الظن بمن حولك .
اللهم إنا نسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك
اللهم أرزقنا قلوبًا سليمة وأعنا على إحسان الظن بالآخرين
جزاك الله خير أختي الكريمة على هذا الطرح المهم
أسأل الله أن يوفقك وينفع بكِ