لا ألومها فهي تتحدث بعاطفتها كأم .
إختصار رسالتي إلى : حمزة نجيب كاشغري
يقول سيد الخلق عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم : وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنّ بالمَعْرُوفِ ، وَلَتَنْهَوُنّ عَنِ المُنْكَرِ ، أو لَيُوشِكَنّ الله أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَ تَدْعُونَهُ فَلا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وقال : حديث حسن . وحسّنه الألباني والأرنؤوط .
وقال عليه الصلاة والسلام : مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلا يُسْتَجَابَ لَكُم . رواه الإمام أحمد وابن ماجه . وحسّنه الألباني والأرنؤوط .
وإذا كان الإنسان لا يستطيع الإنكار باليَدِ ولا باللسان فهو معذور ، إلاّ أنه لا أحد يُعذر في ترْك الإنكار القلبي ، لقوله عليه الصلاة والسلام : مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
لذلك من الواجب علينا أن ننكر المنكر بالأسلوب الحسن ، والكلام الطيب والرفق والعطف على صاحب المنكر ؛ لأنه قد يكون جاهل اً، وقد يكون شرس الأخلاق ، فعند الإنكار عليه بشدة يزداد شره فعليها أن تنكر المنكر بالأسلوب الحسن والكلام الطيب ، والدليل الواضح مما قاله الله وقاله رسوله مع الدعاء له بالتوفيق حتى لا تحصل النفرة ، هكذا يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، عنده من العلم والبصيرة والرفق والتحمل ما يجعل من ينكر عليه يتقبل فلا ينفر ولا يعاند ، فيجتهد الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في استعمال الألفاظ التي يرجى بسببها قبول الحق .
حمزه كونه مسلم من بيئة مسلمة , لا يعفيه إعترافه وإعلان توبته
من العقاب , وماصدر منه أمر لا يُقبل بأي حال من الأحوال ولا مكان للأعذار معه .
(وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) الحديد:25
وقفة خاصة :
تأمل هذا المشهد يامن تقرأ وكم أتمنى أن يكون حمزة من بين القراء
يارسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد فقال لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على بن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا , البخاري (3059)، مسلم (1795) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
بأبي وأمي وحالي وعيالي ومالي يارسول الله
لو كان محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام موجود لعفى عنك ياحمزة لأنه صاحب الحق , أما شعب المملكة وحكومتها والأمة الإسلامية لا تملك ذلك الحق , وكونك مسلم من بلد مسلم وتعلم الإثم الذي إرتكبته عليك بالتوبة الصادقة النصوح والعودة إلا الله ولتثبت توبتك وتكون صادقاً مع الله يجب أن تحاكم .فإن صدقت ياحمزة مع الله وتبت إليه صدقني ستجد الخير .
قال الإمام ابن الجوزي: "ضاق بي أمر أوجب غماً لازماً دائماً، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل حيلة وبكل وجه، فما رأيت طريقاً للخلاص، فعرضت لي هذه الآية: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل غم، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج... " (صيد الخاطر:153) انتهى كلامه.
ياحمزة التقوى تعني الوقاية، وهي ما يحمي به الإنسان نفسه.
التقوى : أن تجعل بينك وبين ما يغضب الله تعالى وقاية ، ولا يكون ذلك إلا بامتثالِ الأوامرِ واجتناب النواهي ، أن يراك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك .
قال ابن مسعود رضي الله عنه في معنى قوله تعالى: ( اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) [آل عمران:102]
أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ.
وقد سأل عمر رضي الله عنه أُبَي بن كعب فقال له : ما التقوى؟ فقال أُبَي : يا أمير المؤمنين لو سلكت وادٍ ذا شوكٍ كثيرٍ ماذا تصنع ؟ قال: أُشَمِّرُ عن ثيابي وأحْتَرِزُ ، أي أحترزُ مخافة أن يصيبني الشوك. فقال أُبَي بن كعب: ذاك التقوى..! فهي تشمير في طاعة الله واحتراز من معصيته .
تنبيه : حقيقة التقوى أن تخلي الذنوب كلها صغيرها وكبيرها ، وإياك ومحقرات الذنوب .
ولله درُّ ابن المعتز حيث قال :
خَلِّ الذنــوبَ صــغيــرها ... وكبيــــــرها ذاك التقـى
واصنع كَمَاشٍ فوق أرض الشوك ... يَحْــذرُ مــــا يـــرى
لاتحقِرنَّ صغيــــــــرةً ... إن الجبــالَ من الحصـــى
تفقد نفسك ياحمزة وبادر إلى ترك المعاصي
أتريد مخرجاً لك مما أنت فيه وأنت ترتع في بعض المعاصي..؟
يا عجباً لك! تسأل الله لنفسك حاجتها وتنسى جناياتها
ألم تعلم هداك الله تعالى أن الذنوب باب عظيم ترد منه المصائب على العبد:
{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى: 30]،
{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة آل عمران: 165].
حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري موقوفا ) قَالَ إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ rمِنْ الْمُوبِقَاتِ
(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في السلسلة الصحيحة ) :
أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:يَا عَائِشَةُ ! إِيَاكِ وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبَ ؛ فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللهِ طَالِبَاً .
أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في سُنَّتِهِ المُشَرَّفَة أن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه كما في الحديث الآتي :
( حديث سهل بن سعدرضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ) :
أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِيَاكُم وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَى حَمَلُوا مَا أَنْضَجُوا بِهِ خُبْزَهُم ، وَإِنَّ مُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذُ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكُهُ .
والحديث دليلٌ أوفى على التحذيرِ من صغائر الذنوب فإنها إذا اجتمعت على الإنسان ولن تكفَّرْ تُهْلِكُه .
قال المناوي رحمه الله في فيض القدير :
( إياكم ومحقرات الذنوب ) أي صغائرها لأن صغارها أسباب تؤدي إلى ارتكابكبارها كما أن صغار الطاعات أسباب مؤدّية إلى تحري كبارها قال الغزالي : صغائر المعاصي يجر بعضها إلى بعض حتى تفوت أهل السعادة بهدم أصل الإيمان عند الخاتمة اهـ . وإن اللّه يعذب من شاء على الصغير ويغفر لمن شاء الكبير ثم إنه ضرب لذلك مثلاً زيادة في التوضيح فقال : ( فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه ) يعني أن الصغائر إذا اجتمعت ولم تُكَفَّرْ أهلكت ولم يذكر الكبائر لندرة وقوعها من الصدر الأول وشدة تحرزهم عنها فأنذرهم مما قد لا يكترثون به .أهـ
قال الله تعالى :
"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "
سوف نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر كما أمرنا الله ورسوله ومن تكبر فليحمل وزره بنفسه .
قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ ، فَيَقُولُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي عِنْدَكَ ، اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهَا ، إِلا أَبْدَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا "
اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا , اللهم اختم بالصالحات اعمالنا وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن , اللهم اغفر لحينا وميتنا , اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك , اللهم اهد شيبنا وشبابنا ذكرانا وإناثا , اللهم ردهم إليك يا ربنا ردا جميلا, اللهم من أراد المسلمين ودينهم وشبابهم ونسائهم بسوء ، فاشغله بنفسه ، واجعل تدميره في تدبيره ياجبار السموات السبع والأرضين , ألا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين ، سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد بن عبدالله .
اللهم صلِّ وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان .