وماذا بعد حمزة ؟
الثلاثاء 14, فبراير 2012
حسين بن محمد آل شامر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله :
تابعت كما تابعتم تلك المأساة الأليمة , والفاجعة العظيمة فيما جنته يدا المدعو حمزة كشغري وهي بمثابة الخنجر في خاصرة الغيورين وقد أيقظت تلك الكلمات القبيحة قلوب الناس ليدركوا مدى صدق ما يقوله الناصحون والمصلحون حول هذه الطائفة الليبرالية المتحررة من قيود الشريعة التي أوصلت أبناء التوحيد في بلاد الحرمين إلى الإلحاد 0 كما تابعت الغضبة الجماهيرية, والحمية الدينية لنصرة خير البرية , ولا أخفيكم سرا أنني في صراع نفسي وفكري مع هذه الحادثة بين تفاؤل وخوف , تفاؤل بهذه الصحوة التي ما عهدتها إلا في قضية الدمج المشهورة بعد حريق مدرسة في مكة قبل سنوات , وخوف أن تبرد هذه الصحوة وتتلاشى كما تلاشى غيرها فيبدو أننا نتفاعل مع قضايانا بعاطفة سرعان ما تنطفئ ولذلك يجب أن نربي أنفسنا على الإنجاز والمواصلة في العطاء وأن نعود أنفسنا على المبادرة لا على ردة الأفعال 0
إن ترجمة ما يدور في الصحافة تبوح بأن ثمة تآمر كبير لإسقاط قامة الدين وإزالة هيبته من نفوس المسلمين وما فعله حمزة إنما هو جس نبض للمجتمع وقد اختير هذا المعتوه ليكون كبش الفداء ومن وراءه أساتذته يغردون وعنه يدافعون وما علموا أن الله عز وجل يقول ( إن شانئك هو الأبتر ) وما شتمه إلا صاحب خرف مطبق , أو هذيان محدق
ولعلي في هذه الأسطر أن أتنازل عن الرد العلمي أو الفقهي أو العقدي في الشاتم لمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كفيت ولن أكرر ما كتب سابقا ولكن دعوني أتوقف معكم بكل صراحة ووضوح ونترك العاطفة جانبا ونستمسك بالتي هي أحسن فأحيانا تسيّرنا عاطفة ردود الأفعال والاستغراق في اللحظة الحاضرة وننسى المستقبل والأيام القادمة وكم هو جميل أن يحمل المسلم عاطفة الحب الجياشة لهذا الرسول العظيم فداه أبي وأمي ومن أجله صلوات الله وسلامه عليه لابد أن نسأل أنفسنا سؤالا : لو قبض على هذا المارق وجيء به وقتل ونرجو الله أن يتحقق هذا الأمر فهل سيتوقف العبث والمنكر الذي نراه كل يوم في إعلامنا ؟ وهل حمزة هو الوحيد الذي يتجرأ على الثوابت والمحكمات ؟ أسئلة يجب أن ندرسها بعناية ونتوقف عندها كثيرا . لا نريد ردة أفعال ثم يأتي حمزة آخر يسب ويشتم ؟ إن المطلوب منا جميعا أن نسعى لاجتثاث الفكر من جذوره حتى نسلم من كل أفّاك أثيم , أليس هناك من قال بأن الله والشيطان وجهان لعملة واحدة ؟ كلكم يعرفه جيدا ونراه اليوم بقلمه يدافع عن حمزة ويتجرأ على السب والشتم لسكوتنا عليه مدة طويلة 0 ألم تسمعوا أيضا تلك المقولة التي تقول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم متوحش ؟ ألم تأملوا مقولة السوء والاستهزاء والكفر الصريح الذي تعج به الصحف ؟ ألم تلحظوا تلك القفزة الهائلة من حقوق المرأة وقيادتها للسيارة إلى السب والقدح في الذات العلية ثم أتبعوها سبا في خير البشرية ؟ فهل حمزة هو الوحيد في بلادنا ؟
تأملوا جيدا ما قاله هذا المارق في مجلة نيوزيوك الأمريكية عندما خدع أناسا للأسف بتوبته واغتساله ليقول لهم كما قال الشاعر:
ومن بيت الكلاب طلبت عظما فقد حدثت نفسك بالمحال
ولعلي آخذ من كلامه جانبا يدعم ما أريد قوله وإيضاحه يقول : أنه كان يمارس أبسط حقوق الإنسان في حرية التعبير والفكر وأنه لم يفعل شيئا عبثا 0 وأن هناك الكثيرين ممن يحمل هذا الفكر وأن هناك من ترصد له للإيقاع به 0 انتهى كلامه قاتله الله 0
يعني هناك قوم جعلوه مادة لجس النبض وإثارة الفتنة وأنه على علاقة بهم فهو كاتب في صحيفة البلاد وله اتصالات بهم وقد اتصل به أحدهم يطلب منه الاعتذار فورا حتى لا يثير الناس 0 فهي شبكة مدعومة من الداخل والخارج ويكفي مكالمته للضابط الإسرائيلي 0 لنعود مرة أخرى إلى فضيحة زوار السفارات الذين لازالوا طلقاء أحرار لهم من الحرية أكثر من غيرهم
ومن هنا كان لزاما ألا ننظر إلى هذه القضية على أنها طيش صبياني أو بحث عن شهرة أو شاب صغير أو خطأ غير مقصود فلقد اتضحت الحقائق جليا وأصبحت الأمور مكشوفة للجميع
فما واجبنا تجاه هذه القضية وما الخطوات العملية التي نتخذها حتى نكون عاملين جادين دون أن تسيرنا العواطف فنحن بحاجة فعلا إلى برامج عملية جادة ومبادرات لإحقاق الحق ودمغ الباطل ولعلي أسوق لكم جملة من البرامج لعلها تكون منطلقا لهذه البرامج العملية 0
أولا: المطالبة بعدم فصل القضاء عن الإعلام فلماذا تفصل قضايا الإعلام عن المحاكم الشرعية ؟ فهذا الذي جرأ الكتاب على العبث والغمز واللمز واتهام الآخرين زورا وبهتانا فإذا أقام أحدنا دعوى ذهبت إلى الإعلام فكيف يكون الإعلام الحاكم والجلاد في الوقت نفسه ؟ وأرى هذه النقطة من أهم مطالب المجتمع التي لو تحققت لرأينا كيف تخنس الشياطين
ثانيا : تفعيل دور هيئة كبار العلماء وإشراكهم في شؤون المجتمع وقضاياه والمبادرة إلى الفصل في قضايا المجتمع المصيرية حتى تبقى صورتهم وهيبتهم حاضرة والتي يريد الأعداء إزالتها من قلوب الناس ولا أدل من فتوى سماحة المفتي في تأنيث المحال النسائية التي خالف فيها الوزير أوامر خادم الحرمين وفتوى المفتي بكل بساطة 0 وقد صرح الملك وفقه الله أنه في ذمة العلماء والقضاة وقد صرح سمو وزير الداخلية وولي العهد وقال دافعوا عن دينكم ولا تخشوا في الله لومة لائم فلماذا الصمت عما يجري ؟ فتبقى الكرة في مرمى كبار العلماء 0وقد أحسنوا صنعا في بيانهم ضد هذا المارق والذي جاء في وقته 0
ثالثا : تفعيل دور القضاة في مسألة الاحتساب ورفع التقارير لولاة الأمر حول الجرائم والمنكرات وتفرّق الأسر وخطورة الاختلاط والتعدي على الثوابت التي تزيد احتقان المجتمع
رابعا : الاحتساب من طلاب العلم والصالحين والغيورين بالطرق الصحيحة دون إفراط أو تفريط فولاة الأمر دائما ما يصرحون بأن أبوابهم مفتوحة للناس فهم شركاء في هم الوطن والمواطنين وكذلك الاحتساب على الكتاب ورفع أسمائهم إلى ولاة الأمر ورصد خطورة ما يقولون 0 وأنتم تلاحظون تلك الغضبة الشعبية التي لم يكن يتوقعها حمزة وأمثاله ماذا أثمرت ؟
خامسا : تفعيل دور المرأة السعودية الصادقة والمطالبة بحقوقها فليست حقوق المرأة محصورة في تبرج أو سفور أو قيادة السيارة فالنساء العفيفات الطاهرات أكثر بكثير من المتمردات فأين المستشفيات الخاصة بالنساء وأين توفر العمل الشريف البعيد عن الاختلاط ؟ والمطالبة بتوصيات مؤتمر المرأة السعودية ماله وما عليها الذي رعته النبيلة الأميرة صيته بنت عبدالله وفقها الله وكذلك التأكيد على عدم التدخل في قضايا المرأة السعودية لأن ذلك انتهاكا للسيادة
سادسا: المطالبة بمحاسبة المسؤولين الذين يخالفون الأنظمة والأوامر الملكية وسياسة البلاد والذي تتمثل في الاختلاط وتوظيف النساء عند الرجال واستغلال المرأة في مخالفة صريحة لولاة أمرنا دون محاسبة فكيف يمنع توظيف الكاشيرات ثم نجدها موظفة ؟ كيف يمنع ويجرم الاختلاط من قبل ولاة أمرنا وعلمائنا ثم يقول المسؤول أنا عبد مأمور ؟ لابد أن يكون الأمرواضحا فولاة الأمر يقولون لا اختلاط وبعض الوزراء عندما نزوره ونتحدث معه فيقول هذه أوامر عليا 0
سابعا : أن يقوم العلماء والنبلاء بزيارات متكررة لوزير الإعلام الذي نحسبه غيورا على حرمات الله وتوضيح خطورة ما يجري في الصحافة والتلفاز وفتح المجال لأبناء الوطن من العلماء والدعاة والصالحين فليس الإعلام محصورا على فئة معينة
ثامنا : إن الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن فلله الحمد البلد مليء بالأخيار من هذه الأسرة الحاكمة المباركة فيطلب منهم الدخول في مجال الإصلاح حفاظا على قيمة هذا الوطن الغالي وحرصا على بقاء ما هم فيه من خير وعافية 0وهم ولله الحمد كثر رجالا ونساء 0
تاسعا : تفعيل دور الخطباء وأئمة المساجد في توعية الناس من خطر الفكر الليبرالي وعلى وزارة الشؤون الإسلامية توحيد خطب للتحذير من فكر التخريب والتغريب وحث الناس على التمسك بالكتاب والسنة والاجتماع حول العلماء الربانيين
عاشرا: توحيد صف العلماء والدعاة وأن يوحدوا كلمتهم ضد هذا التيار وليتركوا مسائل الخلاف جانبا وليكونوا على وعي كبير من محاولة الليبراليين لنقل الصراع بين الإسلاميين ليخلو لهم الجو وليكن الداعية ذكيا زكيا فالبعض أصبح مطية ومركبا لتمرير ما يريدون
الحادي عشر : الدعاء الصادق بأن يرزق الله خادم الحرمين بطانة صادقة مخلصة وأن يكف عنه بأس وبطانة المنافقين وأن يزيده هدى وتقى هو وولي عهده الأمين وأن يجعلهم رحمة لعباد الله الصالحين 0
هذه بعض الخطوات العملية التي لابد أن تبقى في أذهاننا فالطريق شاق فبعد أيام يقبل علينا معرض الكتاب ذلك الصداع الذي أصبح يقلق الجميع , ثم بعده منتدى جدة الاقتصادي وهلم جرا في مسلسل لا يهدأ 0 فلا نريد أن يتوقف المجتمع عن المطالبة بحقه أن يعيش متدينا كريما تراعى فيه حرمة الدين والعقيدة ويحترم فيه جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم 0
نسأل الله أن يصلح الأحوال وأن يوفق ولاة أمرنا وعلماءنا وقضاتنا ودعاتنا وجميع المسلمين لكل خير والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على رسوله
كتبه حسين محمد شامر