السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخي الكريم حكمي ـــ زادك الله من فضله ــ كم أتشرف بالنقاش مع شخص بهذا الرقي...
أخي قولك "كـــــــــــــــــــــــــافر بصريح الآية ولاتحتاج إلى فتوى فهو قد إستهزأ برسولنا صلى الله عليه
وسلم فداك أمي وأبي يارسول الله "
هنا فرق بين إطلاق الكفر على من استهزاء بكتاب الله وآياته ورسله وبين القول بأن فلان من الناس كافر فالحكم بتكفير شخص معين له ضوابطه التي لها علماءها وحتي نأمن على أنفسنا ولا نعطي لمن أراد أن يتعلق بأشباه الفرص علينا أن نتحرص من هذا .. وفي هذه الرسالة
لـ أ.د /عبد الله بن عبد العزيز بن حمادة الجبرين .. بعنوان.. ضوابط تكفير المعين ..
توضيح جلي لهذه المسألة ومما جاء فيها ما يلي ....
" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده. أما بعدُ:
فإنَّ منَ الأمورِ المعلومة المسلَّمة في عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة - التفريقَ بين الحكم على الاعتقاد، أو القول، أو الفعل بأنَّه كُفر أو شرك، وبين الحكم على المسلِم المعيَّن الذي اعتقد اعتقادًا كفريًّا، أو فَعَل أمرًا مُكَفِّرًا، أو قال قولاً كُفْريًّا.
فإنَّ الحكم على القول أو الفعل بأنه كُفْر، متعلِّقٌ ببيان الحكم الشرعي المطلَق، أمَّا الحكم على الشخص المعيَّن إذا اعتقد، أو قال، أو فعل أمرًا كفريًّا مُخْرِجًا منَ الملَّة؛ كأن ينكرَ أمرًا معلومًا منَ الدِّين بالضرورة، وكأن يسُبَّ الله - تعالى - أو يسبَّ دين الإسلام، فإنه لا بُدَّ عند الحكم عليه منَ التَّبَيُّن عن حال هذا الشخص المعيَّن في ذلك، وذلك بمعرفةِ: هل توفَّرتْ فيه جميعُ شروط الحكم عليه بالكفر أو لا؟ وهلِ انتفَتْ عنه جميع موانع الحكم عليه بالكفر أو لا؟ فإنْ توفَّرتْ فيه جميع شروط التكفير، وانتفتْ عنه جميعُ موانعِه؛ حُكِم بكفْرِه، وإن لم يتوفَّر فيه شرطٌ واحد أو أكثر مِن شروط الحكم عليه بالكفر، أو وُجِد لديه مانع أو أكثر من موانع التكفير؛ لم يُحْكَم بكفرِه "
" وقال الشيخ عبدالله بن عبداللطيف، وأخوه الشيخ إبراهيم بن عبداللطيف، والشيخ سليمان بن سحمان - رحمهم الله تعالى -: "ومسألة تَكْفِيرِ المُعَيَّن مسألة معروفة، إذا قال قولاً يكون القول به كفرًا، فيقال: مَن قال بهذا القول فهو كافِر؛ ولكن الشخص المُعَيَّن إذا قال ذلك لا يُحْكَم بكفره، حتى تقومَ عليه الحجة التي يكفر تاركُها"
فالمسلِم قد يقع في بعض أنواع الكفر أوِ الشِّرك الأكبر، والتي وردتْ أدلة شرعيَّة تدل على أن الوقوع فيها مُخْرِجٌ منَ الملَّة، وقال أهل العلم: "مَن فَعَلَهَا فقد كَفَر"؛ ولكن قد لا يُحْكَم على هذا المسلم المعيَّن بالكفر، وذلك لِفَقْد شرط مِن شروط الحكم عليه، أو وُجُود مانِع مِن ذلك.
ومِن شروط الحكم على المسلم المُعَيَّنِ بالكُفْر:
- أن يكونَ عالمًا بتحريم هذا الشيء المُكَفِّر، وسيأتي مزيد تفصيل لهذا الشرط عند ذِكْر مانع الجهل - الذي هو ضِدُّ العلم - إن شاء الله تعالى.
- ومنها: أن يكونَ متعمِّدًا لفِعْله[10].
- ومنها: أن يكونَ مختارًا، وذلك بألاَّ يكونَ مكرَهًا على قولِ أو فعل الأمر المُكَفِّر؛ كما قال - تعالى -: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106]، وهذا مُجمَع عليه بين أهل العلم.
ولأهل العلم أقوال وتفصيلات يَطُول ذِكْرها في الأمور التي يعذر فيها بالإكْراه، والأمور التي لا يُعْذَر فيها بذلك، وفي صُوَر الإكراه، وهل يدخل فيها الخوف من ضرر مُحَقَّق أو لا؟ وفي شروطِ الإكْرَاه[11]."
"ومِنَ الأُمُور التي لا يُحْكَم على المسلم المعين بالكفر بِسَبَبِها - كما سبق - أن يوجدَ لديه مانعٌ من موانع الحكم على المُعَيَّنِ بالكُفْر.
ومِن موانع تكفير المُعَيَّن: ( بإختصار )
ــ الجهل.
ــ ومن موانع التكفير للمعين أيضًا: التأويل.
ــ أن يكون مكرها..
" فلهذا ينبغي للمسلم ألاَّ يتعجل في الحكم على الشخص المعين، أو الجماعة المعينة بالكفر، حتى يتأكد من وجود جميع شروط الحكم بالكفر، وانتفاء جميع موانعه.
فتكفير المعين يحتاج إلى نظر من وجهين:
الأول: معرفة هل هذا القول أو الفعل الذي صدر من هذا المكلَّف، مما يدخل في أنواع الكفر أو الشرك الأكبر، أو لا؟
والثاني: معرفة الحكم الصحيح الذي يُحكم به على هذا المكلف، وهل وجدت جميع أسباب الحكم عليه بالكفر، وانتفت جميع الموانع من تكفيره، أو لا؟
وهذا يجعل مسألةَ تكفير المعين من المسائل التي لا يَحكم فيها على شخص أو جماعة، إلا أهلُ العلم.
والحكم على المسلم بالكفر - وهو لا يستحقه - ذنب عظيم؛ لأنه حكم عليه بالخروج من ملة الإسلام، وأنه حلال الدم والمال، وحكم عليه بالخلود في النار إن مات على ذلك؛ ولذلك ورد الوعيد الشديد في شأن مَن يحكم على مسلم بالكفر وهو ليس كذلك؛ فقد ثبت عن أبي ذر، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدتْ عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك))؛ متفق عليه[44]."
"وقال ابن أبي العز الحنفي: "اعلم - رحمك الله وإيانا - أن باب التكفير وعدم التكفير، باب عظمت الفتنةُ والمحنة فيه، وكثر فيه الافتراق، وتشتت فيه الأهواء والآراء، وأما الشخص المعين، إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد، وأنه كافر؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجُوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يُشهد على معين أن الله لا يغفر له، ولا يرحمه، بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت؛ ولهذا ذكر أبو داود في "سننه" في كتاب الأدب: باب النهي عن البغي، وذكر فيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهدُ يرى الآخرَ على الذنب، فيقول: أقصر، فوجده يومًا على ذنب، فقال له: أقصر، فقال: خلِّني وربي، أبُعثتَ عليَّ رقيبًا؟! فقال: واللهِ لا يغفر الله لك، أو: لا يدخلك الجنةَ، فقبَض أرواحَهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالمًا؟ أو كنت على ما في يدي قادرًا؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنةَ برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار))، قال أبو هريرة: "والذي نفسي بيده، لتكلَّم بكلمةٍ أوبقتْ دنياه وآخرتَه"[46]؛ وهو حديث حسن، فمِن عيوب أهل البدع تكفيرُ بعضهم بعضًا، ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطِّئون ولا يكفِّرون"؛ انتهى كلام ابن أبي العز - رحمه الله - بحروفه مختصرًا[47]"
"ولذلك كله، فإنه يجب على المسلم الذي يريد لنفسه النجاة، ألاَّ يتعجل في إصدار الحكم على أحد منَ المسلمين بالكفر أو الشرك، كما أنه يحرم على العامة وصغار طلاَّب العلم أن يحكموا على مسلم معين، أو على جماعة معيَّنة من المسلمين، أو على أناس معينين منَ المسلمين ينتسبون إلى حزب معين - بالكفر، دون الرجوع إلى أهل العلم في ذلك.
كما أنه يجب على كل مسلم أن يجتنبَ مجالسة الذين يتكلمون في مسائل التكفير، وهم ممن يَحْرُم عليهم ذلك؛ لقلَّة علمهم؛ لأن كلامهم في هذه المسائل منَ الخوض في آيات الله - تعالى - وقد قال - جل وعلا -: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68][52]"
"وقال الشيخ سليمان بن سحمان - رحمه الله - في إجابةٍ لسؤال عن بعض المسائل المتعلقة بالتكفير: "الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد؛ فقد تأملتُ ما ذَكره الأخ من المسائل التي ابتُلي بالخوض فيها كثيرٌ من الناس مِن غير معرفة ولا إتقان، ولا بينة ولا دليل واضح من السنة والقرآن، وقد كان غالب مَن يتكلم فيها بعضَ المتدينين من العوام، الذين لا معرفةَ لهم بمدارك الأحكام، ولا خبرة لهم بمسالك مهالكها المظلمة العظام، وليس لهم اطِّلاع على ما قرَّره أئمة الإسلام، ووضحوه في هذه المباحث التي لا يتكلم فيها إلا فحولُ الأئمة الأعلام، وهذه المسائل قد وضحها أهلُ العلم وقرروها، وحسبنا أن نسير على منهاجهم القويم، ونكتفي بما وضحوه من التعليم والتفهيم، ونعوذ بالله من القول على الله بلا علم، وهذه المسائل التي أشرت إليها لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب، ومَن رُزق الفهم عن الله وأوتي الحكمة وفصل الخطاب"؛ انتهى كلام الشيخ سليمان بن سحمان - رحمه الله[56]."
مما ورد في حاشية الرسالة ..
" وفي المقابل فمَنِ ارتَكَبَ أحد المُكَفِّرات السابقة؛ كأن يسب دين الإسلام مثلاً، وكان مُتَعَمِّدًا لذلك، ليس عن سبق لسان أو نحوه، وكان عالمًا أنَّ هذا اللَّفظ من ألفاظ السَّبِّ والشَّتم، وكان غير مُكْرَه؛ أي: اجْتمعت فيه شروط التكفير، وانتفت عنه موانعُه؛ فإنه يُحْكَم بِكُفر هذا الشخص المعيَّن؛ لكن لا يجوز أن يَحْكُمَ عليه بالكفر إلاَّ أهلُ العلم؛ كما سيأتي بيان ذلك - إن شاء الله تعالى.
وهذا التفصيل الذي يظهر منه الفرق بين الحكم المطلق، والحكم على المُعَيَّن - موجودٌ في كثيرٍ منَ الأحكام الشَّرعيَّة، فمثلاً: قَطْع يد السارق جاء حُكمه في الشرع عامًّا مُطلقًا؛ قال الله - تعالى -: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]؛ لكن لا يجوز قَطْع يد سارقٍ مُعينٍ، حتى تتوفَّر فيه جميع شروط القطع، وتنتفي عنه جميع موانعه، فلا بدَّ أن يكونَ هذا السَّارق المُعين بالغًا عاقلاً، ولا بُدَّ أن يكونَ سرق المال مِن حِرْزه، ولا بد أن يَبْلُغ المالُ المسروق المقدارَ الذي تُقْطَع اليد بِسَرِقَتِه، ولا بُدَّ أَلاَّ توجدَ شُبهة لهذا السارق في هذا المال، ونحو ذلك، فإذا تَوَفَّرَتْ جميع شروط القَطْع، وانْتَفَتْ موانعه، وجب حينئذٍ الحكم بِقَطْع يد هذا السارق المُعَيَّن."
المصــدر

أخي الكريم أما بخصوص بيان اللجنة الدائمة في هذا الشأن فقد إطلعت عليه قبل الرد ونلحظ أن هذا البيان لم ينص على الحكم بتكفير كاشغيري شخصيا وإنما بين الحكم لمن استهزء بالله وآياته ورسوله وأنه كافر ومرتد على وجه الإطلاق وطالب البيان ولاة الأمر بواجوب محاكمته شرعا وحذر المسلمين من أن ينهجوا نهجه ..
نبرء إلى الله مما تقوله كاشغيري ونسأله عز وجل أن يجعل منه عبرة لنفسه ولغيره وأن يجعل منه سهما في نحور أسيادة المندسين وان يظهر حقيقتهم للعيان ..
هذا جهد مقل فما كان صوابا فمن الله وما كان خطأ فمن نفسي والشيطان ..
بارك الله فيك أخي كريم الأخلاق ووفقك لما يحبه ويرضاه والجميع..