( وما أدراك ما الحب ..!! )أعود إليكم أحبتي من جديدٍ بعد أن تولّى رمضان غضبان أسِفـًا على من قصّر ومبشرًا أهل الإستقامة بحظّهم من التقوى , ثمّ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
سأتطرّق في هذه الحلقة عن عنوانٍ مثيرٍ للغاية وداءٍ ينخر في عقول المتسمّرين أمام هذه الشاشات البيضاء , عن ذلك الساكن في قلوبنا المتلهّف لسحر البيان وعذوبة الألحان , عن الحب وما أدراك ما الحب !!.
إنّ الحديث عن الحب يتطلّب مني الصمت لا الكلام , والتأمّل لا الهذيان ( والصمتُ في حرم الجمال جمالُ ) , يتطلّب مني التوقف والحداد على أرواحٍ مضتْ في سبيل هذين الحرفين , ضخّت الدم من عهد قيس إلى يومنا هذا , و ستزال على ذلك إلى أن ينقضي الجمال والحُسن , وهيهات ما دام في الكون ( مكياج ).
هذا الحب الذي شتّت العقلاء وزاد طين الجهلاء بلّة , تراهم خشوعـًا وفي الأصل ذلّة , مطمئنين ظاهرًا وفي الداخل ألف علّة , ولو تأملنا بالعقل مرّة لوجدنا أن عالم الإنترنت لا يُمطر أبدًا بغيدٍ حسانٍ ولا برجالٍ صناديد بالمجان , وإنّما (يجعل الخبيث بعضه على بعضٍ فيركمه ) ثم يلقيه في مكان سحيق .
إن الحديث عن الحب أمرٌ متشعبٌ , والعلاقات جلّها في هذا العالم ( الغير ثقة ) تنتهي إلى زوالٍ أو إلى نكال , فالرجل لن يتزوج من امرأةٍ تعرّف عليها عن طريق (الكيبورد) وإنْ تشدّق في خضمّ المتعة والحديث بذلك , فلماذا نبدأ إذن ؟ ما دامت النهاية معروفة , ثم إنّ المرأة في تكوينها عاطفيّةٌ يستميلها الغرام بل ويغويها عذب الكلام .
خدعوها بقولهم حسناءُ … والغواني يغرّهنّ الثناءُ
وما زلتُ متمسكـًا برأيي الذي أطلقه دومـًا للآذان في أنّ المرأة هي من تترك للرجل سبيلاً لها , فلو كانت في السوق محتشمة ما تُعرّض لها , وأيضـًا لو كانت في المنتديات بردودها متزنة ما تعمّد إليها أصحاب الغوايات , والأمر كلّ الأمر في يد المرأة فمتى اتزنت أو احتشمت سلِمتْ ومتى غوتْ سيبارك لها الشيطان .
نظرةٌ فابتسامة فسلامٌ … فكلامٌ فموعدٌ فلقاءُ
ما أسوأ مباركة الشيطان للعابثين بالمشاعر وما أشد إيلامه على قلوب الغارقين هوىً من غير توبة نصوح , والله إن أشدّ ما يؤلمني قلوبـًا تُقطف أمام ناظريّ وأوقاتـًا تذهب هباءً منثورًا , ثم إنْ كان من إفاقة ففي الوقت الضائع , هذا إن كان .
فكـّروا معي وأجيبوا , من سوف يرفض الحب ؟ بالتأكيد لا أحد , فنحنُ عندما نعيشه نريده ولا نبتغي بدلاً عنه أبدًا أبدا , لأنّ فيه طعمـًا ما عشناه مع والدٍ أو والدةٍ أو أخٍ أو أخت , فالحب عندما يولد عن طريق الشبكة العنكبوتية حبٌ فريدٌ ما جرّبه آباؤنا من قبل ولا أجدادنا , فتجد اللذة حاضرةً والمتعة في القلب وارفة , فباتصالٍ تشعله وبرسالة تلّطفه وبكلمة ترّققه , وهكذا من شتى طرق التواصل بين المحبين في هذا الجيل , ثمّ ماذا … ثمّ ماذا … , مالذي سنجنيه إذا صار لنا محبٌ أو محبةٌ نضيّع عمرنا وأوقاتنا في سبيلهما , أليس الله القائل ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ) , فانظروا إلى النصيب في الآخرة , وفي الدنيا سوادٌ مقيمٌ في ضحى القلب لا ينفك إلا بتوبةٍ نصوح .
يا أخي ويا أختي ..
كلنا يخطيء (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) لكنّ الأدهى هو الإستمرار فيما كان من خطأٍ والإنغماس في الحب المحرّم ( ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ) , فإمّا رجعتَ في أول الطريق الخطأ خيرٌ وأكمل من الرجوع في نهايته , فإنكَ ستكلّف نفسك جهدًا ووقتـًا وعمرًا مضاعا .
فاتقوا الله في قلوب العذارى … فالعذارى قلوبهنّ هواءُ
والله الهادي إلى سواء السبيل .
14/10/1432