 |
|
 |
|
(ذكرى البحر)
كيف تضطرب تحت الغيوم الرمادية
يا صفيحة دقيقة من معدن الطفولة
كيف يحطم غضبك الشكيمة
يا قلب الغيمة
كيف أراك بعيوني الواهنة
أية صورة لك تلك التي تبدع الحلم
في مهل فليحطمك الهواء المنكسر إلى أجزاء
أنت الذي تحفظ في المرمر المالح
صورا حية تموجها الريح
أنت الذي تحرك في الفجر الناعم
أصوات الروح
أنت الذي تغذي بحليبك المر
ظلال الشطآن, الخطوات المنسية
قلق من أن يكون فوق بطنك الأخضر
قراصنة مجانين.

مضيت تجتاح في ارتعاش
ظلالا أغرقت عيونها في هدوئك
اليوم تبلل ذكراك جبهتي مثل مطر بارد
لو أعود الآن للتجوال عبر شطآنك
لو يصيبني كل شيء بالدوار عبر جسدك
لو يعير جسدك الآن لجسدي أسمالا باردة
لو عاريا , متعبا أكون الآن
فأنا أكثر بنوة لك
لو أن الخريف العائد إلى حضني
يحمل إلي الخبز البارد في منقاره
يا صفيحة دقيقة من معدن الطفولة
كل منسي سيبقى كاملا :
سياط, حبال بها كنت تجلدني
رياح تجأر
كل شيء سيغدو من جديد جميلا
رغم أن مخالبك ستخدش جسدي
رغم أن صباحاتك ستكون شموسها
أشد سوادا أثناء رجوعك.
الوصول إلى البحر

حينما غادرتك,
قطعت على نفسي وعدا بأن أعود
وعدت, تشق قدماي بلورك الصافي
كأنما ذلك تعميق للبدايات
كأنما هو انتشاء بالحياة
الإحساس بالنمو الأكثر عمقا
لشجرة ذات أوراق صفراء
والجنون بطعم فاكهتها الزاهية
كأنه الإحساس بالأيدي مزهرة
وهي تلامس الفرح.
كأنه الإصغاء للنغمة الحادة
للرواه والنسيم.

حينما غادرتك,
قطعت على نفسي وعدا بأن أعود
كان الفصل خريفا , وفي الخريف
وصلت مرة أخرى إلى شطآنك
(من تموجاتك يولد الخريف
كل يوم أكثر جمالا )
والآن إذ أفكر فيك
بشكل مستديم, إذ أومن...
(الجبال التي تحتضنك
بها نيران مشتعلة
والآن إذ أشتهي التحدث إليك
إشباع ذاتي من فرحك
إنما أنت عصفور من ضباب
ينقر خدي
والآن إذ أشتهي أن أمنحك
كل دمي, إذ أشتهي...
(ما أجمل أن أموت في حضنك أيها البحر
حينما تغدو حياتي لا تحتمل
أرض بدوننا
فليخفق العالم حول ذاته
في ألم!
يبدو العالم كما لو أنه يصحو
من الحلم, أكثر جمالا من ذي قبل.

الحجر اليوم أشد تحجرا
معدني أصم.
الغيمة اليوم ليست تلك التي
كنا نرى,
هي أكثر غرابة وغموضا
أشد تكونا من أدخنة نائية
وضئيلة لنار مشتعلة
تعدو الريح, ريح الجنوب المبحوحة
المتوحشة والعارية
يعدو المهر المجنون,
فتحركك حوافرهما العطرة
كل الخليقة المشرعة أمام عيني.

يمضي الضوء مع الضوء
وشجر الحور الأسود
مع شجر الحور الأسود
والطائر مع الطائر
وحدي أنا أوجد وحيدا .

الماء هنا راكد
وأنا أطل على الماء.
أرى نفسي منعكسا في العمق
كما هو الحال دائما .
يسألني الماء عنهم
وأنا لا أجيب
(لا أريد أن يعرف كيف انتهى كل شيء)
فيخفق العالم حول ذاته
في ألم!

في كل جدار, في كل انعكاس للضوء
في كل قلب صيف أحمر,
يسأل الواحد,
عتاب أصم.
ليس زمني هو الذي يأتي إلي .
العودة أنا من يبادر بها
واليأس يغمر أعيني المتعبة
التي تحاول أن تغدو جارحة
لعمق الأشياء,
أن ترى ذاتها في الجذع
الصافي للنهر ذاته مرتين.
الأرض بدوننا!
كم تبدو قدمي متعبة!

ما أشد إيلام سيولة الزمن النابض
النازف دفقات !
تبدو الأشياء اليوم أشد وهمية
مثل أشكال مخلوقات من كوكب
آخر يحيا بدوننا:
ماء ينعكس ساكنا في عمقه
وعاء يحتويني,
مرآة لا ألامسها,
ألم يكن يجب علي أن أرى ذاتي
أنا الآخر محطما
وحينها, أجل يا إلهي
سأحس إنني وحيد !

|
|
 |
|
 |
|