خوسيه بيرو
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ولد خوسيه بيرو سنة 1922, بمدينة صانطاندير بشمال اسبانيا, شاعر ينتمي للجيل الشعري لمرحلة ما بعد الحرب الأهلية أو ما يطلق عليه النقاد في أسبانيا بجيل 1936 الشعري, قضى أربع سنوات أسيرا بعد أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها, وهي تجربة وجودية حساسة ستطبع بعمق حياته وشعره, في كتابات خوسيه بيرو يتداخل الوعي الاجتماعي برؤية ذاتية حميمة ومتفردة وهو ما يجعل قصائده شبيهة بعوالم تمارس فيها الذات وعيها وتؤسس مزادتها لتمنح للحياة معنى ووجودا منفلتا يشبه وميض الضوء, وهو حين يحكي تجاربه يكون أقرب الى استعادة نهر لمجراه, لسيرته التي عمقتها الجراح والرؤى في شفافية مهووسة بالتماعات الحروف والكلمات السائلة بقوة بين أحجار الزمن.
قال فرانسيسكو أومبرال عن قصائد بيرو:
<<هي قصائد منشغلة بالايحاءات قصائد لا تحجب بنيتها المعقدة ضوء الصباح.
وتجد اطروحتها دائما خاتمة غنائية لعقدتها>>.
ودون أن يلغي بيرو الجذور الغنائية والحميمية لتجربته الشعرية, وإيغاله العميق
في تفاصيل الذات الانسانية, عرف بيرو كيف يطور قصائده باتجاه الملحمية والسردية الشعرية
خصوصا في عمله الأخير <<دفتر نيويورك>> .
- تماثيل مسجاة - ما الذي أعرفه عن نفسي.
- يومية - دفتر نيويورك.. وغيره
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
وفيما يلي نقدم لكم قصيدة من كتاباته الكثيرة هذا الأديب, الذي ظل الى الآن
محتجبا عن النقل إلى اللغة العربية


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


(ذكرى البحر)
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
كيف تضطرب تحت الغيوم الرمادية
يا صفيحة دقيقة من معدن الطفولة
كيف يحطم غضبك الشكيمة
يا قلب الغيمة
كيف أراك بعيوني الواهنة
أية صورة لك تلك التي تبدع الحلم
في مهل فليحطمك الهواء المنكسر إلى أجزاء
أنت الذي تحفظ في المرمر المالح
صورا حية تموجها الريح
أنت الذي تحرك في الفجر الناعم
أصوات الروح
أنت الذي تغذي بحليبك المر
ظلال الشطآن, الخطوات المنسية
قلق من أن يكون فوق بطنك الأخضر
قراصنة مجانين.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
مضيت تجتاح في ارتعاش
ظلالا أغرقت عيونها في هدوئك
اليوم تبلل ذكراك جبهتي مثل مطر بارد
لو أعود الآن للتجوال عبر شطآنك
لو يصيبني كل شيء بالدوار عبر جسدك
لو يعير جسدك الآن لجسدي أسمالا باردة
لو عاريا , متعبا أكون الآن
فأنا أكثر بنوة لك
لو أن الخريف العائد إلى حضني
يحمل إلي الخبز البارد في منقاره
يا صفيحة دقيقة من معدن الطفولة
كل منسي سيبقى كاملا :
سياط, حبال بها كنت تجلدني
رياح تجأر
كل شيء سيغدو من جديد جميلا
رغم أن مخالبك ستخدش جسدي
رغم أن صباحاتك ستكون شموسها
أشد سوادا أثناء رجوعك.
الوصول إلى البحر
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
حينما غادرتك,
قطعت على نفسي وعدا بأن أعود
وعدت, تشق قدماي بلورك الصافي
كأنما ذلك تعميق للبدايات
كأنما هو انتشاء بالحياة
الإحساس بالنمو الأكثر عمقا
لشجرة ذات أوراق صفراء
والجنون بطعم فاكهتها الزاهية
كأنه الإحساس بالأيدي مزهرة
وهي تلامس الفرح.
كأنه الإصغاء للنغمة الحادة
للرواه والنسيم.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
حينما غادرتك,
قطعت على نفسي وعدا بأن أعود
كان الفصل خريفا , وفي الخريف
وصلت مرة أخرى إلى شطآنك
(من تموجاتك يولد الخريف
كل يوم أكثر جمالا )
والآن إذ أفكر فيك
بشكل مستديم, إذ أومن...
(الجبال التي تحتضنك
بها نيران مشتعلة
والآن إذ أشتهي التحدث إليك
إشباع ذاتي من فرحك
إنما أنت عصفور من ضباب
ينقر خدي
والآن إذ أشتهي أن أمنحك
كل دمي, إذ أشتهي...
(ما أجمل أن أموت في حضنك أيها البحر
حينما تغدو حياتي لا تحتمل
أرض بدوننا
فليخفق العالم حول ذاته
في ألم!
يبدو العالم كما لو أنه يصحو
من الحلم, أكثر جمالا من ذي قبل.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الحجر اليوم أشد تحجرا
معدني أصم.
الغيمة اليوم ليست تلك التي
كنا نرى,
هي أكثر غرابة وغموضا
أشد تكونا من أدخنة نائية
وضئيلة لنار مشتعلة
تعدو الريح, ريح الجنوب المبحوحة
المتوحشة والعارية
يعدو المهر المجنون,
فتحركك حوافرهما العطرة
كل الخليقة المشرعة أمام عيني.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
يمضي الضوء مع الضوء
وشجر الحور الأسود
مع شجر الحور الأسود
والطائر مع الطائر
وحدي أنا أوجد وحيدا .
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الماء هنا راكد
وأنا أطل على الماء.
أرى نفسي منعكسا في العمق
كما هو الحال دائما .
يسألني الماء عنهم
وأنا لا أجيب
(لا أريد أن يعرف كيف انتهى كل شيء)
فيخفق العالم حول ذاته
في ألم!
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
في كل جدار, في كل انعكاس للضوء
في كل قلب صيف أحمر,
يسأل الواحد,
عتاب أصم.
ليس زمني هو الذي يأتي إلي .
العودة أنا من يبادر بها
واليأس يغمر أعيني المتعبة
التي تحاول أن تغدو جارحة
لعمق الأشياء,
أن ترى ذاتها في الجذع
الصافي للنهر ذاته مرتين.
الأرض بدوننا!
كم تبدو قدمي متعبة!
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ما أشد إيلام سيولة الزمن النابض
النازف دفقات !
تبدو الأشياء اليوم أشد وهمية
مثل أشكال مخلوقات من كوكب
آخر يحيا بدوننا:
ماء ينعكس ساكنا في عمقه
وعاء يحتويني,
مرآة لا ألامسها,
ألم يكن يجب علي أن أرى ذاتي
أنا الآخر محطما
وحينها, أجل يا إلهي
سأحس إنني وحيد !
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي