كتبهابدمه
فرح فرحاً شديداً بزواجه من إحدى حسناوات محافظته بعد الفرح قضيا شهر
العسل في سياحة داخلية بمصايف المملكة(السودة –الباحة- الطائف) كان ثنائياً رائعاً ولكن مع
الوقت بدأ الفتور تدريجياً في علاقتهما من طرفها فقد كان راتبه لا يكفي سوى الضروري من
متطلباتهما مع متطلبات الطفلةالصغيرة (سلوى) والتي عوضت أبيها عما وجده من تغير
كانت تريد أن تلبس وتأخذ من أدوات الزينة والتجميل ما يليق بها أمام صديقاتها ولم يكن بمقدوره
ذلك.
كبرت الطفلة وكبر معها تعلقه بهافقد عوضته عن الحنان والمودة التي فقدها وهاهي الآن تبلغ
عامها السابع وتدخل الصف الأول الابتدائي.
اتصل بزوجته ليخبرها بأنه لايستطيع الحضور للغداء فقد تأخر زميله عن الحضور لاستلام دوره في
الحراسة فقالت: الغداء بدونك لاطعم له يا عمري - فكاد أن يصاب بنوبة قلبية فمنذ زمن بعيد لم
يسمع مثل هذا الكلام الجميل - وأدركت هي ذلك فضحكت ضحكة فيها الكثير من الدلع والغنج
وأتمت حديثها سأنتظرك حبيبي
بعد ساعة ونصف حضر زميله ورأى اشراقة وجهه وسأله عن السبب فلم يجب .
لم يتصل على زوجته وفي طريقه اشترى باقة من الورد ليجعلها مفاجأة لها كما فاجأته وصل البيت
حاول فتح الباب فلم يفتح فيبدو أنها تركت مفتاحها بداخله ضغط على الجرس انتظر فلم
تفتح ...لعلها نامت ولكن هذا وقت وصول سلوى من مدرستها فاتصل على جوالها فلم ترد وهنا بدأ
القلق يتسرب إلى قلبه الحنون والذي أغدق عليها ألوان المحبة والمودة دون أن تبادله في
السنوات الأخيرة عدا تلك الكلمات التي سمعها في آخر اتصال ....تذكر الباب الخلفي فهو الطريق
الوحيد للدخول مشى خطواته بسرعةوهو يفكر فيما حدث لحبيبته وفجأة توقف مذهولاً بل كاد
يتوقف قلبه فقد رأى رجلاً يقفزالجدار مغادراً بيته إلى ممر ضيق يؤدي لاحقاً إلى الشارع
عجز عن التفكير ولم يتحرك خطوة واحدة خلف الرجل بعد لحظات - من القهر والصدمة التي زادتها
كلماتها الرائعة قبل ساعتين فقط والتي لم تكن سوى استغلال وطمأنة له- جر خطواته المثقلة إلى
الباب مرة أخرى ففتحت له وهي تتثاءب وكأنها الآن صحت من نومها وقبل أن تتفوه بكلمة عاجلها
بلطمة قوية كادت تسقطها بينما يده اليسرى ما زالت تمسك بباقة الورد فقد نسيها مما رأى
وقفا لحظات جرت دموعهما وشتان بين دموع الألم التي ستنتهي ودموع القهر والاستغفال التي لا
تنتهي مدى الحياة ...ذهبت إلى غرفتها وبقي واقفاً عند الباب والذي نسي أن يغلقه وفي هذه
اللحظة دخلت ريحانة قلبه سلوى وكعادتها صرخت بابا وجرت نحوه كي يحضنها فأخذها بسرعة
وخفة وجعل وجهها على كتفه كي لاترى دموعه وهنا اختلطت دموع القهر بدموع الحزن على
صغيرته لونفذ ما خطر بباله .
فكر كثيراً في فراقها ولكن منعه أمران : الخوف على ضياع ابنته خاصة وأنها قد تعلقت به وتعلق بها
وتقدير ومحبة أهلها فقد فضلوه بسبب أخلاقه وطيبته على كل من تقدم لهم وجميعهم أغنى منه لقد
عاش صراعاً فظيعاً فيما يفعله ولكنه قرر أن يبقيها في عصمته
مر شهران كأنهما عقود من الألم والهم وانعدام الثقة حيث منع عنها الاتصال عدا مع أهلها .....
يجتمعان على سفرة الطعام من أجل ابنته وكانا عاقلين لتقديمهما مصلحة سلوى على جراحهما.
انتهت فترة مناوبته ولم يكن يدخل بيته إلا بعد وصول سلوى فخطر بباله أن يمر هذا اليوم عليها
ويأخذها من المدرسة خاصة إنهاقريبة من البيت وتذهب إليها مشياً صادف اقترابه من المدرسة
خروج الطالبات وهنا رأته سلوى فنادت صديقتها وهي فرحة ولاء هذا بابا ونادته وهي تلوح بيدها بابا
بابا وعندما كان على وشك عبورالمتر الأخير من الشارع وهو ينظر لابنته - وسلوى قلبه -سلوى
صدمته سيارة فسقط مضرجاً بدمائه وسط صراخ سلوى وزميلاتها........وصلت سلوى أولاً بابا بابا
بابا نظر إليها وقد اختلطت دموعه بدمائه ....كان مثقلاً بآلامه وجراحه الجسدية
والنفسية .....احتضنته وسقطت كتبها- بعد لحظات حزينةبكى الحاضرون على سلوى وأبيها- رأى
كراسة الرسم بقربه تناولها بصعوبةبالغة وكتب بدمه كلمات داخلها وأوصى سلوى بأن تعطيها لأمها
لم تسمع كلمات أبيها من بكائها وبكاء الحاضرين وهول الموقف ولكنها رأت ما فعله...لحظات بعدها
نطق الشهادتين وودع الحياة.
غابت سلوى عن المدرسة أسبوعين كانت تنام وهي تحتضن الصورة التي جمعتها بأبيها والتي
التقطت لهما في الصيف الماضي في السودة تصحو من نومها فزعة تصيح بابا بابا وبعد أسبوعين
من العلاج النفسي استجابت لطلب أمها بالذهاب للمدرسة وذهبت لترتيب كتبها عندما رأت
كراسة الرسم تذكرت ما خطه أبوها فنادت أمها ماما ماما بصوت عالٍ فجاءت فزعة أيش فيك حبيبتي
فقالت (وبابا بيروح الجنة كتب ثم بكت ) وناولت أمها الكراسة أخذتها بسرعة البرق وفتحت الصفحات
وألف فكرة تدور برأسها ياترى ماذا كتب ؟!! هل ياترى سامحني حتى تسمرت عيناها على إحدى
الصفحات الممهورة بدمه
حفظت حق ابنتي وحق أهلك في الدنيا لا يشرفني أن نعيش
تحت سقف واحد في الجنة...أنت طالق