دخل الغرفة التي بها زوجته بالمستشفى بدا عليه القلق ولكن ما إن عرف أن المولود ذكر حتى استنار وجهه كالقمر
ابتسامة عريضة كاديصيح فرحاً لولا الحياء أن يسمعه أحد
هذه الفرحة الكبيرة أرسلت رسالة سلبية للزوجة كادت تطفئ فرحتها بالمولود الثاني إذ سرعان ما تذكرت فرحته
قبل سنتين عندما أبلغته بأنالمولود أنثى ...المستشفى نفسه وما تغيرهو الغرفة التي تلقى فيها الخبر
ولكن شتان ما بين الفرحتين.
وفاء وسامر سعيدان بلعبتيهما لم يناما فرحا في اليوم الثاني كسر سامرلعبته بالخطأ وأخذ ينظر إلى أخته
أعطيني لعبتك
لا ليش كسرت لعبتك
أعطيني وأخذ يبكي بصوت مرتفع
حضر أبوه ...فهم الموقف ...أخذ لعبة وفاء فذهبت باكية إلى أمها وكم تكرر الموقف .
واستمر الوضع اهتمام مبالغ فيه بسامر وجفاف نوعاً ما في مشاعره تجاه وفاء لم يكن كرهاً فهو يهتم بهما في كل
الأمور من مأكل وملبس عدا في المشاعر وتقدير ذاتيهما.
في الدراسة كانت وفاء متفوقة أكثر من سامر وفي الصف الثالث الثانوي قسم علمي عادت إلى البيت تكاد تطير
فرحاً فقد حصلت على تقديرممتاز وعندما عرف والداها النتيجة عانقتها أمها وهنأها أبوها وكانا في انتظار نتيجة سامر
الذي يدرس بالصف الأول الثانوي والذي دخل بعدلحظات وقد حصل على تقدير جيد جداً فعانقه أبوه وقسمات وجهه
تنطق بالسعادة ثم وعده بالهدية التي يطلبها كان الفرق واضحاً في فرحته وكان له الأثر البالغ سلباً على وفاء خاصة
إنها في سن أحوج ما تكون لعطف وحنان أبيها....ذهبت لغرفتها وقد انطفأت شمعة الفرح ولحقتها أمها التي
قرأت ما جرى فوجدتها حزينة لتقوم باحتضانها وتهون الأمر قائلة أبوك يحبك ولكنه طبع معظم الرجال.
أطلق الحرية لسامر يذهب حيثما أراد مع أصدقائه دون أن يسأله كدليل على حبه له بينما وفاء قلما تخرج مع أمها
وأسرتها سواءً للزيارات أوللترفيه وأغلب وقتها مع أمها التي أحسنت تربيتها
حال سامر لم يعجب أمه فسألت أباه في غضب
ما تقول لي وين يسهر سامر كل ليلة؟!!
يسهر وين ما يبغى ما عاد طفل
طيب مين أصحابه وكيف أخلاقهم؟!!
أصحابه هم زملاؤه في المدرسة وبعدين تحصليهم يلعبون بلوت ويتابعون الأفلام والمباريات
أنت تدري أنه يرجع كل يوم بعد طلوع الشمس وينام حتى أن صلاةالظهر والعصر يصليها مع صلاةالمغرب؟؟!!
لم يجب وخرج متضايقاً من هذه العصبية التي كانت عليها زوجته.
مضى سامر في طريق الخطأ ومن أضاع الصلاة فهو لما سواها أضيع ولما بلغ العشرين من عمره تعرف عن طريق
أصدقائه ببعض الفتيات وأصبح يلتقيهن دون خوف من والده والذي انشغل عنه بمشاريعه التجارية بل إن الحالة
المادية الجيدة لوالد سامر كانت سبباً في حصول سامر على مايريد فكل طلباته مجابة
في أحد الأيام خاطبه ولده
يا سامر سمعت أنك تسهر مع بعض الفتيات؟؟!!
سامر وقد ألجمته المفاجأة لا لا هذا الكلام غير صحيح
لا يابني الخبر صحيح فقد تأكدت بنفسي
بابا أنا.... ولم يجد ما يقوله وزاد خوفه وقلقه
يا سامر ياحبيبي لا تخاف مني وخاف من ربك كيف لو تموت على هذا تذكر عذاب الله تب إلى ربك.
أنزل رأسه في الأرض ....أوعدك لا أمشي في هذا الطريق مرة أخرى
فرح والده بوعده وعانقه وسمح له بالذهاب.
في إحدى الليالي وهو عائد سمع ابنته تتحدث في التلفون بصوت منخفض ثم أقفلت السماعة وخرجت إلى أمها
دزن أن تنتبه لوالدها.
دخل غرفتها واتصل على الرقم الذي وجده في الكاشف فرد عليه رجل...هلا وغلا عمري
أقفل السماعة دارت به الدنيا...تحامل على نفسه ...كان يعلم أن مقابلة وفاء لأحد الشباب والخروج معه أبعد من
(اجتماع العرب على كلمة واحدة) ولكن مجرد الحديث مع غريب فإنها القاضية.....كيف لو يعرف الناس بهذا؟!!
في هذه اللحظات كانت وفاء تشكو لأمها
أمي منذ ثلاثة أيام يزعجني أحد الشباب بالتلفون
..وأيش يبغى؟!!
يقول يبغى يتعرف
وأيش رديت عليه؟؟
في المرتين الأول والثانية قفلت السماعة على طول وذحين لما اتصل قلت له لا تسبب لنا مشاكل واتق ربك وقفلت
السماعة.
وليش ما كلمتيني من أول؟؟
ما قدرت أحزنك وأهمك ولكن لما اتصل للمرة الثالثة كان لازم أعلمك عشان تخبرين بابا يشوف له حل.
أشرق وجه أمها فتربيتها لم تذهب هباء...إشراقة رضا هنا وغروب غضب أعمى هناك
عندما خرجتا أذهلهما الغضب الذي بدا على وجه أبيها والذي قال ما إن رآها وا فضيحتاه وا عاراه تضعين وجهي في
الأرض يا .......كادت هذه الكلمة بقسوتها وسياطها اللاهبة ومفاجأتها أن تسقطها أرضاً قبل أن تسقط فعلاً إثر
صفعة قوية غاضبة.