عذراء الشرق
عذراء جميلة ، باسمة المحيّا ترقد
بين أحضان كنيسة المهد معانقة مآذن المساجد في ثوب الراهبات
مشرقة كأنما نور الشمس انجلى بعد ليل شتاء طويل
مسحة من حزن تمتزج بجفنيها تخفيها هالة من خدود وردية
كانت رائعة و هي تقبّل وجنة السماء في شوق يهزّ النبضات
لمحتها و هي تحتضر بعد لحظات من ميلادها .. لم يشأ لها القدر
أن تفرح بوجودها القدسي ، خطفتها يد الغدر و استبيحت عذريتها
تحت هيكل مزعوم ... يقصده قوم يسمّون (( شعب الله المختار ))
صلبوا ما تبقّى من جسدها العاري على مرأى ملايين البشر
تتعالى أصواتهم ضاحكة لتملأ أرجاء المكان و الكلّ صامتون
و استمرّت مسرحية التعذيب ليحتثّوا بقايا من خصلات شعرها الغجري
ألقوه على مذابح طقوسهم اللعينة و أتموها ببضع ترانيم ..
كانت هنا و الآن اختفت بسمتها البريئة بتآمر من القدر و بعض من أشباه البشر
يا عذراء الشرق يا قدسنا ، يا فلسطين الروح ، طاهرة أنت
و ستبقين مهما فعلوا بك ، قبلة العشق لقلوبنا و محراب الابتهالات
يا سيّدة تاهت في جمالها العيون ، لا تذرفي دمعك لا تحزني
أعلني زفاف العمر فثراك الطاهر مهبط الأنبياء
زغردي يا عذراء فشهداؤك اليوم يزفّون إلى الجنان
و افرحي بطعم العيد على شفاه الأطفال الثائرين
يا زهرة المدائن يا حرقة في القلب تسكننا
نهواك إلى آخر خفقة و قطرة من دمانا
يا ملهمة العاشقين ، و ثورة الفاتحين
يا قصب الزيتون ، يا بساتين الكرم ، و سفح التفاح
يا موطن السحر أنت يا قرّة للعين
عذرا منك فلم نكن بقدر ذاك الحب و لن نكون
فأنت فوق كل اعتبار ات الكلام و فوق شعارات الانتماء الصارخة
هوية ضائعة أنت يا فلسطين .. فإلى متى تسكنينا و نلفظك كأنما سمّ يجتاح أوردتنا
و تبقين وحدك عنّا تصرخين
وجع لانهائي .. كون بلا حدود .. انفطام و منفى
و لا زلت قبلة كلّ الموحدين