قيل لهند بنت الحسن أي الرجال أحب اليك قالت البعيد الأمد الواسع البلد الذي يُوفد ولا يفد قيل فأي الرجال أبغض إليك . قالت . البرم الأفاق، اللزوم اللحاف ,الذي شربه استفاف وشملته التفاف ، ينام حيث يخاف ويشبع حين يضاف
أمّا قولها (البعيد الأمد ، الواسع البلد) فهي تشير إلى رجل عالي الهمة و طموح و توّاق إلى المعالي ، و سعة البلد تدل على العز و السؤدد ، يقول جرير في بعض ما هجا به الأخطل:
إذا أخذت قيس عليك و خندف ** بأقطارها لم تدر من اين تسرح
فما لك في نجدٍ حصاة تعدّها ** ولا لك في غورَيْ تِهامةَ أبطح !
فقال الأخطل يرد عليه (في بيت من قصيدة)
ولكن لنا برّ العراق و بحره ** و حيث يُرى القرقور في الماء يسبح !
و ترى كيف أحسن الأخطل التخلص من (الضيق) الذي وضعه فيه جرير !
قولها (الذي يوفد ولا يفد) فإن من شأن الملوك و السادة أن يبعثوا من ينوب عنهم في المناسبات و الاحتفالات و لا يذهبون بأنفسهم .
و قولها فيمن تبغض (البرم الأفّاق) تعني به الرجل الضّجر ، ضيّق الصدر ، الذي يضرب في الآفاق و لا يستقر به المقام في وطن ولا سكن ، و الرجل إذا آمنه الله من جوع و من خوف فحري به أن يستقر و ينبذ التجوال !
قولها (اللَّزوم اللحاف) مفهوم ، و قولها : الذي شربه اشتفاف ( وليس استفاف) ، نقول اشْتَفَّ الرجل الماء ، أي شربه عن آخره ولم يستبْقِ منه شيئاً ، كأنه يجزع ألا يجده مرةً أخرى!!
تقول العرب (أقبح طاعم المُقتف ، و أقبح شارب المشتف )
* أما قولها (شِملته التفاف) الشِملة اسم الهيئة من الفعل اشتمل ، و اشتمل أي غطّى جسده كله بثوبه ، كأنها تشير إلى ثقل نومه ، فهو لا تنهضه هيعة و لا فزع ،
و قد مدح أبو كبير الهذلي تأبط شراً بخفة نومه فقال:
فأتتْ به حوش الجنان مبطّنا ** سهداً، إذا ما نام ليل الهَوْجَلِ
فإذا طرحت له الحصاة رأيته** ينزو لوقعتها طمور الأخيل
ما إنْ يمسّ الأرض إلاّ منكب ** منه، و حرف الساق طيّ المحمل !!
قولها ينام حيث يخاف و يشبع حين يضاف واضح لا لبس فيه