[ 2 – 6 ]

وصل سالم وأحمد مدينة بيشاور الباكستانية حيث بيت الأنصار وفيه يتم استقبال العرب وكانا قد كونا صورة عن شظف العيش الذي ينتظرهما

وأن آخر عهدهما بالطعام اللذيد قبل ركوب الطائرة وما أن وضعت السفرةوأحضرت المقبلات حتى هيئا نفسيهما للحياة الجديدة ...لحظات وأحضر

الطعام المتنوع ومن ضمنه اللحم فنظرا إلى بعض وضحكا.

توجها بعد ضيافتهما إلى مركز التدريب الأفضل والأطول مدة حيث يقضي المتدرب شهرين يتدرب لياقياً إلى جانب التدريب على الأسلحة الخفيفة والثقيلة

كان البرد قارصا فالثلوج تغطي كل مكان وكان هذا هو التحدي الأكبر لهما.

وضع أحمد أفضل قليلاً فقد درس بأبها وعاش جوها البارد شتاءً بينما سالم لم يغادر حر ورطوبة جازان وأقصى مكان وصله الدرب شمالاً

مر ما يقرب من الشهر والنصف غادر سالم إلى بيشاور للعلاج حيث أصيب بآلام شديدة في مفاصل أصابع القدمين جراء البرد ورافقه أحمد

خاصة بعد إن علم بأن ملهمه وقائده في المعسكر الصيفي أبا البراء موجود في مركز تدريب آخر وهو أقل برودة من مركزهم هذا.

التقيا في المركز الجديد بأبي البراء وفرح أحمد بلقاء قائده السابق ولم يكن أبو البراء أقل فرحاً منه.

قائد المركز رجل قوية الشخصية مهاباً طويلاً وسط بين النحافة والبدانة لا يعرف للضحكة سبيل من سوريا وفي إحدى المرات وأثناء التدريبات

اللياقية التي تستلزم شخصين معاً حيث يحمل أحدهما الآخر على كتفيه بقي مجاهد يمني لم يجد معه أحد وهنا تقدم القائد السوري وحمله فقال اليمني

(سبحان الذي سخر لنا و ما كنا له مقرنين) فضحك السوري للمرة الأولى.

حاول أحد المجاهدين فك شفرة هذا القائد فتجرأ وسأله

_ لماذا لا تضحك يا قائدنا؟؟!!

_ وكيف اضحك وقد رأيتهم يقتلون أبي وأمي وعائلتي؟؟!!

_ سأل بصعوبة ودهشة....من قتلهم؟؟!!

_ النظام البعثي السوري قتلوا المسلمين في مجزرة حماة ودفنوهم في مدافن جماعية لم يرحموا طفلاً أو امرأة .

هنا انهار هذا الليث وجرت دموعه فزادته مهابة وحباً في نفوسهم ولم يملك أحمد نفسه فبكى تأثراً بالموقف.

هذا القائد رآه أحد المجاهدين لاحقاً في بيشاور وسلم عليه فيقول كان ينظر في الأرض متواضعاً يتكلم بصوت منخفض فأين ذلك الليث؟؟!!!

إنها الأمانة التي حملها هذا المسلم فعندما كان قائداً استلزم ذلك أن يكون قوي الشخصية حتى يصنع رجالاً أشداء على الكفار وعندما كان خارج

نطاق عمله ظهرت طيبته وتواضعه.

انتقل أحمد وسالم مع أبي البراء إلى مركز آخر وهو المركز الرئيسي الذي يتواجد غالباً أبو البراء وإنما تواجده في المركز الأول كان لمهمة فقط

كان أبو البراء في هذا المركز من المقربين من القائد الجزائري أبي بنان والذي قتل لاحقاً – رحمه الله - .

بعد أن أتم سالم وأحمد التدريب في فترة بسيطة نظراً لما تدربا عليه سابقاً إضافة إلى إتمام المجاهدين المتواجدين في المركز تدريبهم جمعهم القائد

وقال: أتممتم التدريب وأصبحتم مؤهلين للانضمام إلى إخوانكم في مختلف الجبهات ولكنني أذكركم بأن الجبهة ليست كهذا المركز فهناك من يقتل

وهناك من يصاب إصابات خطيرة فمن أراد الانسحاب فله ذلك.

ولكن


وإذا كانت النفوس كباراً ###### تعبت في مرادها الأجسام ُ

لم ينسحب أحد ولم يكونوا يجهلون ما قاله وتوكلوا على ربهم لينصرهم.

في الليلة الأولى كان مكان نومهم الخنادق التي لم يروها من قبل وقد تم تحذيرهم من الألغام على جانبي الطريق الذي لا يتجاوز عرضه مترين

وقد حرسا لمدة ست ساعات متواصلة وبعد أن أنهت فترة الحراسة وذهبا للنوم كان أحد الشخصين الذين استلما منهما الحراسة وهو يمني الجنسية قد

غفل فخرج عن الطريق فأصيب بلغم حيث كسرت ساقه.

في الصباح عرفا بما حصل لأخيهم فدعوا له بالشفاء وتمنيا لو رأيا ذلك حتى يحسا فعلاً بأنهما دخلا أرض الخطر فيكفيهما تلك الأشهر الثلاثة التي

يسمعان فيها عن الشهادة وبعض الكرامات.

ذهبا مع مجموعة لإحضار الماء فسقطت بجوارهم قذيفة هاون تطايرت شظاياها من حولهم نظرا لبعض وتنفسا الصعداء وابتسما فقد عاشا الخوف

الحقيقي لأول مرة وكان هذا الاختبار الفعلي الذي يبحثان عنه.

لم يكن العرب بنفس الدرجة من التقوى أو الثقافة الدينية أو الهدف من ذهابهم لأفغانستان فهناك من يجاهد لإعلاء كلمة الله ورغبة في الشهادة

وهناك من يقاتل رياءً وسمعة وقد حدث ذلك في العصر النبوي وهناك من ذهب لمعرفة نوايا المجاهدين إذا رجعوا لبلدانهم خاصة مصر وبلاد

المغرب العربي لوجود صراع بين الإسلاميين وحكامهم أما الدول الخليجية فقد ذهب أبناؤها بعلم ومساعدة دولهم فقد وقفت الدول الخليجية

ضد الغزو الروسي نصرة لإخوانهم وخوفاً من الضررالمحتمل بسيطرة الروس على أفغانستان وهو ذات السبب الذي جعل أمريكا تقف مع

المجاهدين وتمدهم بصواريخ سكود التي لعبت دوراً حاسماً في هزيمة الروس .

يزيد (فلسطيني): الحكام العرب كلهم كفار

عادل (سعودي) وقد ألجمته المفاجأة: اتق الله...ماذا تقول؟؟!!

يزيد: ولماذا الحدة والغضب؟؟!!!

عادل: ولكنك تكفر ملكنا حفظه الله بقولك هذا!!!!!

يزيد : لا أرى فرقاً بين حكام العرب

عادل: ألا ترى ما فعله ملكنا للمسلمين عندكم وفي كل مكان؟!! ألا ترى اهتمامه بالحرمين الشريفين؟؟!! ودعمه للفقراء والمنكوبين في مشارق الأرض ومغاربها؟؟!!

دعمه للجهاد الأفغاني بالمال والرجال أليس دليلاً واضحاً على زيف دعواك.

يزيد : اهدأ قليلاً ولتناقش بعقلانية

عادل: حسناً

يزيد: أليس الربا حرام؟؟

عادل: بلى

يزيد: ألا تتعامل البنوك بالربا؟؟

عادل: بلى

يزيد: ألا توجد في مكة وبجوار الحرم بنوك وقد اعترفت بأنها ربوية؟؟

عادل: بلى

يزيد : ما حكم من يحكم بغير ما أنزل الله؟؟

عادل: كافر

يزيد: إذاً عندكم ربا والحكومة لا تمنعه أي إنها لا تحكم بما أنزل الله وبالتالي فهي كافرة كسائر الحكومات العربية.

لم يجد عادل ما يرد به فقد كان يدافع عن حكومة بلاده بسبب عاطفته فقط

كان أكثر من شخص يستمعون للحوار رأى بعضهم أن قول يزيد مقنع ورأى الآخرون عكس ذلك ومنهم سالم الذي سأل

يا يزيد: كم أنواع الكفر

يزيد: نوع واحد

سالم : بل نوعان يايزيد ولم يندهش يزيد وحده بل كل الحاضرين استغربوا فهم يعرفون أن هناك إيمان وكفر واحد

أدرك سالم سر استغرابهم فأكمل الكفر نوعان: كفر يخرج من الملة وهو

خمسة أنواع: التكذيب - الإباء والاستكبار مع التصديق – الإعراض - النفاق – الشك (الظن).

وكفر لا يخرج من الملة ولكن صاحبه على خطر عظيم مثل: كفر النعمة – الحلف بغير الله – قتال المسلم.

وبعد أن فصل ووضح تلك الأنواع قال :

ويرى العلماء إنه لا يجوز الخروج على الحاكم إلا في حالتين:

الأولى: أن يكون الحاكم كافر كفراً بواحاً لا لبس فيه والتكفير لا يكون إلا من العلماء المشهود بعلمهم وخشيتهم لله.

الثانية: أن يكون لدى المسلمين الخارجين عليه القوة العسكرية الكافية للتغلب عليه.

فهل ينطبق هذا على من ذكرت من حكام الخليج يا يزيد؟؟!!!

اقتصر هذا الحديث على القليل من الموجودين لم يكن بينهم أحمد ولم تأتي مناسبة أخرى للخوض فيه.