بتال القوس
من الإنصاف أن يختم الأهلي موسمه بلقب، ولذلك لم أفاجأ بنتيجة مباراته أمام النصر في ختام كأس خادم الحرمين للأبطال، فالأخضر قدم فريقا متوازنا، يضم الكثير من القدرات التي مزجت بين الخبرة والشباب.
القائد تيسير الجاسم قدم أفضل مواسمه منذ انضمامه لأخضر جدة، العُماني الحوسني يواصل عروضه الجامحة بكل القمصان التي ارتداها ودافع عن ألوانها، المكسب الكبير الكولومبي بالومينو أصبح ورقة جوكر في يد مدربه، معتز الموسى يتصاعد مستواه ويتألق يوما بعد يوم، ناهيك عن جيل الشباب خريجي درجاته السنية، الجيزاوي، باخشوين، الحربي والموهبة القادمة ياسر الفهمي، وأمام هؤلاء المهاجم البلدوزر فيكتور سيمونس وخلفهم أبو الحطات البرازيلي كماتشو، ويقودهم مدرب متوازن واقعي، لِمَ لا ينتصرون؟
يحسب للأهلي ورجله الكبير خالد بن عبد الله، الابتعاد عن العشوائية والعمل الذي تقوده الأماني فقط، في عهد سيطرة البلوي ومحمد بن فيصل على الصفقات المحلية الكبيرة، لم يدخل أهل الأخضر في السوق المجنونة بأسعارها الخيالية آنذاك، واتجهوا إلى البناء من القاعدة بوضع الأسس ورصف اللبنات لبنة لبنة بثقة وصبر وإيمان بالخطى التي ترسم الطريق إلى الهدف، وصل منتخبنا للشباب إلى المونديال بعد غيبة وكان الأهلي صاحب التمثيل الأكبر في صفوفه، وكان نجمه المتفرد في كولومبيا ياسر الفهمي، وكذا الحال في منتخب الناشئين.
وعندما أصبح الهلال في عهد عبد الرحمن بن مساعد يوقع الصفقات العالمية مع لاعبين أجانب، لم يستفزهم الأمر وينقادوا للصيحات الجماهيرية التي تطالب بتقليده، واتباع طريقته، وكأن لسان حالهم يقول: لكل شيخ طريقة، وشيخنا يؤمن بالخطط بعيدة الأمد.
صبر ساسة الأهلي والتفتوا إلى بناء فريقهم، لم يدخلوا في الصراعات الإعلامية على المستوى الرسمي، وإن سيقوا إليها في مرات كثيرة، غلفت الحكمة والهدوء خطابهم الإعلامي، تركوا الجماهير تقابل الجماهير، والإعلام يواجه الإعلام، والعقل يقود المسيرة ويوجهها فوصلوا إلى أهدافهم بأسرع ما توقع المنافسون.
ما حدث ليس نصر بطولة وكأسا ترفع، وعبارات فرح، بل انتصار لفكر خالد بن عبد الله الذي كان ينادي به منذ سنوات، ليس للأهلي بل للكرة السعودية كلها، لا أتحدث عن كأس الأهلي الأخيرة، ما أعنيه هو القدرة على صناعة فريق.
ثلاثة أندية فقط في السعودية يمكنها أن تستمر في المنافسة طويلا، الهلال بماله وقوة رجاله وهيبته وإن اختفى عمله المميز سابقا في تخريج المواهب، الشباب بقدرة رئيسه على التحدي وميله في الفترة الأخيرة إلى التخطيط العلمي، والأهلي بمؤسسته، أما الباقون فلن يعودوا ما لم يعرفوا أن العشوائية والتغني بالتاريخ يسكنان عقول الحالمين فقط، والأحلام يبددها نور الصباح.