قـال تعالى :يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (الحج - 5 )
مسكين ابن ادم ... ضعيف ... ضعيف جدا .. تتناوشه الاعراض وتستبد به الامراض ... تحاصره الهموم والغموم ... يتغير في لحظه ... يمرض في لحظه ... يموت في لحظه .. يمتلئ شبابا ... ويمتلئ شبابا .... ويمتلئ هرما .. يتوقد ذكاء ... يذهب عقله كله أو بعضه أو ... إيه إيه إذ يعشو البصر ... ويسقط الحاجبان ويثقل السمع وتضعف ذاكرة الايام ... وتتكاثر الاسقام .. وترق العظام ... ويعسر المنام ... ويعاف أو يرد ما غلا وحلا من الطعام ...
لهذه الايه الكريمه أخوات وشبيهات :
* من سورة النحل : وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70)
* من سورة الروم : ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً (54)
* من سورة يس( وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ}(68)
* من سورة غافر( ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا )(67)
سبحان الله رب العالمين .... لاحظ الآيات وقارنها بأعمار الخلق إذ تجري عليهم سنين ألأيام والدهور ؟ وصدق الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه
( أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين )
هز ألإمام الزمخشري ألأعطاف في تعقيبه على ألآية الكريمه
وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا)
قال : أرذل العمر الهرم والخرف حتى يعود كهيئتع ألأولى في أول طفولته ضعيف البنية سخيف العقل قليل الفهم ....
بَيّنَ أنه كما قدر على أن يرقيه في درجات الزيادة حتى يبلغه حد التمام فهو قادر على أن يحطه حتى ينتهي به الى الحاله السفلى
(لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا)
أي ليصير نَسّاءً بحيث إذا كسب علما في شئ لم ينشب أن ينساه ويزل عنه علمه حتى يسأل عنه من ساعته : يقول لك من هذا :فتقول فلان : فما يلبث لحظة إلا سألك عنه
وأرفق بنا أبو حيّان وحاول أن يخفف من وقع كلام الزمخشري قائلاً ( وقد نرى من علت سنه وقارب الماء او بلغها في غاية جودة الذهن والادراك مع قوة ونشاط ونرى من هو في سن الاكتهال وقد ضعفت بنيته ..
فإننا نرى كثيراً من حفظة القرآن ودعاة الإسلام أتم ما يكون صحة ونضارة ووقاراً وما أحكم ما قال معمرلما سئل عن تمام صحته وجوارحه فقال : حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر ؟! ... ولتلتزم أخـي الـقـارئ دعاء النبي: ( اللهم إني أعوذ بك من البخل ، واعوذ بك من الجبن واعوذ بك أن أرد إلـى ارذل الـعمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر )
لـكن حذار من الرعونة والاغترار فإن من يرد إلى ارذل العمر يبقى صفحه مفتوحه للتدبر ... فبعد العلم ، و بعد الرشد ، وبعد الوعي .. إذا هـو يرتد طفلاً طفلاً في عواطفه وانفعالاته ... طفلاً في وعيه ومعلوماته ... طفلاً فـأقل شـيئ يرضيه وأقـل شيئ يبكيه ..طفلاً في حافظته فلا تمسك شيئاً
فيا صاح اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك
قبل أن تقرع سن الندم ؟!