مَـصِـيرُ أنوثـةٍ تـتـألــّـم !!!
صَـوْتُ صُراخٍ وعويلٍ قادمٌ من ناحيةِ باب
الطوارئ الجنوبي... ما هذا العويلُ وتلكَ
الجلبة ؟...سألَ الحاضرونَ مِنْ مَرْضى
ومرافقين... وبعدَ لحظاتٍ...انجَـلـَـتِ الغـُـمّـة
ودَخلَ الأهْـلُ يحملونَ فتاةً ربيعيّةَ العُـمْـر وهي
تتلـَـوّى من شدّةِ الألمِ ، وكأنـّـها تذوقُ عذاباً
لا تسْتحِـقـُّـه !!!
وضعوها على سريرٍ شاحبٍ قـَـدْ سئمَ المرضى !!!
وضعتْ المسكينةُ رأسها على حافـّـةِ ذلكَ السرير
وهيَ تنظرُ نحْوَ وجه أمّها وتتمنى لوْ تقولُ لها
شيئاً يُزيلُ بريقَ الدّمْـعِ من عينيها...
جاءت ممرضةٌ من رحمِ المَجْهول وأسْـكـَـنـَـتْ أُنبوباً
وريديّـاً في يدها اليمنى وأخذت منهُ مَـا يمْلأُ نِصْـفَ
حُـقـْـنةٍ دَمَــا...وزرَعَـتْ في عَـضـَـلـَـةِ مُؤخـّـرَتِهَـا
حُـقـْـنـَـةَ فولتارينٍ صُـنِـعَ في مكانٍ خارجَ الوطن !!!
كانَ وجْـهُ المسكينة شاحِباً وجَافاً وكأنّ عُمْـرَهـَـا
ألـْـفُ سنةٍ مما نعُـدُّ نحنُ البشر !!!
وضعت تلكَ الممرضةُ محلولاً ديكستروزيّـاً في ذلكَ
الوريدِ المغلوبِ على أمْـره...وأسْـكَـنـَـتْ أنفها أنبوبينِ
صغيرينِ يَحْـويانِ هواءً أوْ مَـا يُـطـْـلـَـقُ عليهِ اصطلاحاً
-أكسيجين-...نامت تلكَ الفتاةُ الحالمة لمدّةِ نصفِ ساعة
ثمّ أفاقـَـتْ مذعورة وكأنها رأت كابوساً مميتا...
صرخت بأعلى صوْتِها...أمي ، أمي، أمي...
أريدُ أن أموتَ يا أمي...لـمْ أعُـدْ أُطيقُ صبراً !!!
هذا المرضُ اغتالَ جَمَـالي...اغتالَ أُنوثتي...اغتالَ
حـَتـّـى كينونتي...ما الفائدةُ مِـنْ حياتي يا أمي؟
ما الغايةُ مِنْ جَمَـالي وسِـحْـرِ أنوثتي وأنا أعْـلـَمُ
أنّ كُـلّ شئٍ سيذهَـبُ هباءً منثورا...
مَـنْ سيتزوّجني يا أمّـاه...وأنا مصابَـةٌ بهذا
الدّاءِ الوراثي الذي أورثتيني إيّـاه... مَـنْ
سيُغامِـرُ ويتزوّجُ بي وهوَ يَـعْـلـَـمُ أنـّـهُ سيحصلُ
على أبناءٍ يقضي - ثلثَ عمْرهِ – معهم بطوارئ
المستشفيات أوْ أسِــرّةِ التنويمِ الدّاخلي !!!
صَـرَخـَـتْ الأمُّ بوجْـهِ ابنتها المسكينة وقالت وهي
تبكي والدموعُ تنهمرُ من عينيها... أرجوكِ يا ابنتي
سامحييني...فـأنا لمْ أكُـنْ أعْـلـمُ شيئاً عَـنْ مرَضِـي
عندما تزوّجني والدُك...أرجوكِ سامحييني...
وبينما هما يتعاتبان...جاءَ تقريرُ المختبر الذي
كشفَ أنّ كميّـةَ هيموجلوبينها ثمانيةُ جراماتٍ فقط..
انتهى المحلولُ الوريديّ وما زالت الفتاةُ تتألم...
قاموا ومزجوا دماءَها بمورفينٍ سَـكّـنـَـها كـَـسِـحْـرٍ
فرعَوْنيّ !!!
خـَـرَجَـتْ تلكَ الفتاةُ من طوارئ المستشفى وهيَ
تلعَـنُ شيئاً يُـسَـمّـى " أنيميا منجليّـة" وتسألُ نفسها
متى يا تـُـرى ستعودُ مَـرّةً أخرى لذلكَ السّريـرِ
الشـّـاحِــب والملئ بالألـَـمِ والذكرياتِ المريرة.
منقول
رابط من المنتدى لنفس الموضوع
http://www.samtah.net/vb/showthread.php?t=24025