ما هكذا... يا مجلس الشورى
حمود أبو طالب*
=========
هل يمكننا أن نتفهم التصريح الحاد لرئيس مجلس الشورى الدكتور صالح بن حميد، كما نقلته صحيفة المدينة يوم الاثنين، حين يقول: "إن المجلس لا يهرب من المسؤوليات، وهو شجاع، وليس جباناً..."، من ناحيتي قد أجد عذراً إلى حد ما لانفعال الشيخ صالح، لأن النقد الذي تعرض له المجلس مؤخراً من داخل قاعته ومن خارجها، ربما يكون سبباً كافياً لتوتر الأعصاب. وإذا كان الشيخ صالح يؤمن بالصراحة وحتمية البحث عن الأصح وضرورة النقد، فإننا نرجوه أن يتقبل كلامنا هذا بصدر رحب ونية حسنة..
لو لم يبادر عضو المجلس الدكتور خليل بن عبدالله الخليل بقول ما قاله تعليقاً على التبريرات التي أوردتها الهيئة العامة للمجلس بخصوص عدم مناقشة قيادة المرأة للسيارة، لو لم يبادر بذلك لجاءت الانتقادات متوالية من كل مكان، لأنه كان الأفضل أن يُقفل الملف بصمت على أن يتم قفله بمثل الذرائع التي جاءت في تصريح المجلس، وهو تصريح لا نعرف هل اطلع عليه الأعضاء قبل خروجه إلى وسائل الإعلام أم لا، وإذا كانوا اطلعوا عليه، فكيف سمحوا لأنفسهم أن يوافقوا عليه؟
دعونا نتحدث بشجاعة كالتي نعرفها عن مجلس الشورى، ونقول إنه لم يكن صعباً التنبؤ بما سيؤول إليه ملف قيادة المرأة للسيارة منذ اللحظة الأولى التي طرح فيها الموضوع، لقد كان رئيس المجلس في زيارة لكندا آنذاك، ولكنه اتصل بنائبه لتجميد الموضوع حتى يصل، ونحن لا نتذكر موضوعاً أثار اهتمام الرئيس في سفراته الرسمية مثل هذا الموضوع.. ومنذ ذلك الوقت، فإن المؤشرات كانت تدل بشكل أو بآخر على نهاية كالتي أعلنها المجلس، ولو أننا لم نكن نتوقع أن تأتي بتلك الصيغة..
من حق الدكتور خليل أن يقول ما قاله، لأنه في مجلس مستقل محترم ولأعضائه حرية طرح الرأي باستقلالية. ولا أظن أحداً سوف يختلف مع الدكتور خليل في قوله بأنه لا يرى مبرراً نظامياً ولا أدبياً لتجنب نقاش القضية وطرحها في المجلس بصرف النظر عن تأييدها من عدمه، لأن المجلس هو الميدان الطبيعي لمناقشة هذه القضية التي انقسم حولها المجتمع، وأن هذا هو دور البرلمانات في العالم. أي أن تناقش القضايا التي تختلف بشأنها الأنظار للإسهام في فهمها وتوجيهها الوجهة السليمة.. والدكتور خليل لم تكن تنقصه الفطنة والحصافة لمعرفة الأسباب حين أشار إليها بقوله: "أم إن في ذلك اكتراثاً بمشاعر شريحة واحدة من المجتمع، وترك بقية الشرائح الاجتماعية التي تختلف طموحاتها وثقافاتها وزوايا معالجتها لهذه القضية...".. الأمر كذلك يا دكتور خليل، والكل يعرف هذه الحقيقة، وكنا قد أشرنا إليها مبكراً حين تعامل المجلس مع هذه القضية بانفعال لافت للنظر عند طرحها..
إننا نكرر القول مع الدكتور خليل إن الأهمية لا تكمن في الموافقة على قيادة المرأة للسيارة من عدمها، ولن تتوقف مسيرة الحياة إذا لم يوافق المجلس على هذا المشروع، وإنما القضية الخطيرة هي تنصل المجلس من دوره بشكل انتقائي تجاه بعض القضايا التي يجب أن يكون الجهة الرئيسة التي تبت فيها، ليرتاح ويريحنا.. إنها سابقة في مسيرة المجلس الذي نتمنى أن يتطور..
كلمات تم تحريفها في المقال :
دعونا نتحدث بشجاعة كالتي نعرفها عن مجلس الشورى = كالتي يدعيها مجلس الشورى
إنها سابقة = سابقة مقلقة
الذي نتمنى أن يتطور = حذفت ( لا أن يتراجع )
الوطن / 22 فبراير 2006