حظيت حين نشأتي بأب (رحمه الله) يعشق القراءة ويوجه بالإطلاع...ولذا كان البيت لدينا فيه مكتبة رائعة ..تضم الكثير من أمهات الكتب من شتى أنواع العلوم والمعرفة..مما أعرفه عن سيدي الوالد (رحمه الله) أن مجلسه العامر والذي كان مفتوحاً للجميع وجلسته المعهودة الوقت والمكان لدى الناس ..أن أساسها القراءة ولذلك كان الإقتتاح للجلسة بقراءة كتاب وحين الجلسة سحب كتاب من المكتبة للتأكد من معلومة..لازلت أتذكر..كثير من معالم هذه الجلسة..حين يأتي الكثير من المشائخ....من خلال هذه السيناريو المتكرر والتراكمي ..
عشقت( القراءة) ..بل ووصلت في مرحلة مبكرة لإدمانها..وكنت كغيري من جيل ..قرأ مجلة ماجد الشهيرة..
والعربي المعروفة..ودواين نزار المهربة ..وكتب السيرة ..والتاريخ ..وبعض التفسير..بل مما أذكره عن نفسي..حينما أسعد بلحظة أكون ضيفاً على والدي بمكتبة المعهد العلمي الشهيرة ..لأني أتجول كثيراً حيث أعشق.

من خلال هذا السيناربو ..للمرحلة العمرية..قرأت بعض كتب المستشرقين..واللغويين..ويلزم للقراءة ..أن تتجول الأسئلة في الذهن..وتبقى عالقة في الخاطر....وكنت قبل أكثر من ثلاثين عام ..أحد طلاب المعهد العلمي في صامطة ..حين كان المعهد به جهابذة علماء يمثلون المرحلة الثانية للمعهد..حيث الشيخ أحمد النجمي رحمه الله والشيخ زيد المدخلي والشيخ علي عريشي(جحاف)رحمه الله..والأستاذ هزاع آل بشير..والشيخ أحمد علوش والشيخ محمد مصلح والشيخ محمد عطيف والشيخ أحمد نعيم والشيخ محمد صلوي والشيخ محمد دعيشي ...الخ

ماسبق كله مقدمة
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الحدث : في منتصف ذات يوم ..من عام 1409هـ وفي الدور الثاني بالمعهد العلمي في صامطة ..حيث قاعة الصف ثاني ثانوي (ب)..يدخل علينا ..معلم..مربي..شيخ..تجد حظوة الخير بتواجده ..عرفته كثيراً..تتلمذت على يده..درست بعض الدروس في مسجده ..سعدت بتوجيهه..شرفت بالقراءة عليه..بل حظيت بلمحات تربوية خاصة
ذلكم هو ..شيخنا..ووالدنا...الشيخ أحمد بن يحيى النجمي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

وقاعة مليئة ..بالشباب ..من كثير من قرى المحافظة وبعظهم من قرى الحكامية ..والجميع ..نهم بالقراءة..عاشق للإطلاع..حريص على المعلومة..مجتهد في درسه..نسمع منه طرح العلماء..ويتلقى مِنا أسئلة متنوعة..ولم لاتتنوع الأسئلة في حضرته ..فهي فرصة..قد لاتتكرر..يدق الجرس...ينتهي الدرس..يبقى في مجلسه حيث كرسي المعلم في أول الصف..يبقى ..ليتلقى باقي الأسئلة..يبقى ليشرح معلومة لمن أراد توضيح..يبقى للفتوى..فهو مفتي الجهة عموماً

في ذات يوم ..وبعد انتهاء الدرس..جلس الشيخ..تواردت الأسئلة من الطلاب..منها في المنهج..ومنها في شتى المعارف..كنت مندساً حينها بين تلك الجموع أسأل..عدة أسئلة ..تراكم بعضها من قراءة خارجية ..وبعضها من دروس سابقة..سألته..عن غيبيات كثيرة..عن الملائكة وعالم الغيبيات..بعد أن سألته في فترات عن الصحابي الجليل خالد بن الوليد..وإشكاليات العزل...سألت من هنا ..وهناك الكثير في لحظات متفرقة..في تلك الحصة أو الفسحة التي لم يغادر فيها ..سمع سؤالي..ثم أجاب على أسئلة غيري..!!
وكأني به يقول : مهلاً ..أريد أن أُجيبك جواياً يغير كثيراً من حياتك..ويجعلك مختلفاً...

ثم بادرني..بالجواب..بصوت الأب..بتوجيه المربي ..بحرص الشيخ :
أي بُني ..أوَ..إذا عرفت زاد ذلك في إيمانك ؟
أي بُني ..أوَ هذا مما يُتعبد به ؟
لاتحرص على مالم يُتعبد به ..أو مالم يزيد في إيمانك..أو لايعلقك بخالقك.
وبإبتسامته الوقورة..غادر القاعة.

مِن هذه اللحظة..تحولت كثير من مفاهيمي نحو القراءة والإطلاع..بعدها بعام واحد فقط ..كنت أجد هذه الكلمات دائماً..حينما أتجول في مكتبة الجامعة بأبها..أو أتجول في معرض كتاب..أو أزور مكتبة..واستمرت معي هذه الإلماحة من شيخنا ..في اختيار ما أقرأ..إلى يومنا هذا.


أجدني الآن..أقولها..بصوت مرتفع..وقد قلتها مع نفسي..ولأصدقائي..أن هذه اللحظة ..وهذه الإلماحة ..جعلتني مختلفاً.

حيث وجهت ..القراءة..ووصفت الإطلاع..لدي