يقولون أن النظر إلى ألبوم صور قديم , يعتبر غوص في الذّاكرة بطريقة هادئة , وأجمل الألبومات هي تلك التي لانحملها إلاّ في عقولنا ,
في ذاكرتي صور كثيرة , لأحداث وشخصيات وأيام , كان لها تأثير مباشر أو غير مباشر , بحياتي وأخلاقي كذلك .
الحديث الذاكرة , يقودني إلى جدّتي " حفظها الله " , جدتي التي أقول لأصدقائي ممازحاً أنّها أكبر من الدولة , لأنها من مواليد 1332 هـ _ ماشاء الله ,
هذه الشخصيّة تقاطعتُ معها منذ نعومة أظافري , وتعلّقتُ بها لدرجة أنني كنت لا أفارقها_ حينما نتواجد في جازان _
كانت ثريّة دينياً وتعلّمت القرآن في صغرها , وكانت تسرد لي تاريخنا , وتاريخ المنطقة بعين معايشة لتلك الحقبة ,
جعلتني أتعلّق بطريقة كبيرة بالأنساب والتاريخ ,
وفي الجزء الآخر من الذّاكرة , يستقرّ جدّي الشيخ الشاعر حسن بن علي أبوطالب القاضي , بكلّ ثقله الأدبي والفكري , وبكل تفاصيل حياته
جدي الذي أخذتُ من مكتبته وأنا طفل صغير كتاب في علم العروض كان يدرّسه لطلبة المعهد العلمي , فحفظته عن ظهر قلب ,
وشاءت الأقدار , أن أقف بعد سنين طويلة وأحداث كثيرة بين يديه , وأسمعه بقصيدة صغيرة جداً ابتسم لها , وكانت هذه الأبتسامة دليل رضى .
جدّتي , جدّي , وكلّ من أحمل في جسدي من دمائهم , وكلّ من نتصاهر ونتراحم معهم ,
كانت ومازالت " صلّة الرّحم " السراج الذي أحرص على انارته كلّ حين , لألتمس منه نورا ,
في هذه الأيام المباركة , وتحت هذه الأجواء الجميلة والعليلة والممطرة ,
بحقّ , " صلة الرحم " هي من جعلني مختلفاً , أدبياً واجتماعياً وفكريّاً وثقافيّاً .