الشيخ " خالد الراشد "
عشت حياتي من 18 إلى 26
بين تيارين مختلفين
بين التشدد و الوسطية
كانت فترة التشدد عندما بدأ غزو العراق
و حصل ما حصل في الفلوجة و غيرها
شاهدت مقاطع فيديو لتلك المآسي
و أثر في نفسي ذلك المسن الجريح
الذي قتل بالمسجد على يد الأمريكان
و كنت أستمع لبعض الخطب الحماسية
و أخذتني حماسة و عنفوان الشباب
و لقرب العراق و لحدوده المباشرة مع السعودية
بدأت أفكر بالجهاد
فألتزمت و أصبحت شخصا آخر منطوي على الأنترنت
أبحث عن طريق يقودني إلى العراق
فلاحظ والدي ذلك التغير
فصارحته بما أريد
فقد كان تعامله معي كصديق لي
فناصحني كثيرا و أقنعني بأن لا جهاد صحيح
دون رضى الوالدين و أنه غير راضي أبدا
و كان هناك إبن عمي ذو السبعة و عشرون ربيعا حينها
يقنعني بالعكس
بأنه عندما يتم الإعتداء
على شبر من أراضي المسلمين
يصبح الجهاد فرض عين
و لا حاجة لرضى الوالدين في ذلك
و كنت ألجأ إليه في هذه الأمور
بحكم كبر سنه و علمه الشرعي
و شعر والدي بأني لم أتغير
فكان تارة يناصحني
و أخرى يهددني بتسليمي للأمن
لكي أعترف بمن يغرر بي
و يضمن بذلك حمايتي من الإنزلاق في هذا المنحدر
فهدأت قليلا لأجعل والدي
يتيقن بأن الفكرة تلاشت من رأسي
كنت حينها في الرياض
فسافرت إلى إبن عمي في الخبر
و أنا كلي شغف و لهفة إلى الذهاب معه للعراق لأنال الشهادة هناك
و صلت و صليت معه الجمعة في اليوم التالي
بجامع فهد بن مفلح السبيعي - رحمه الله - بالثقبة
و كان إمام و خطيب الجامع
الشيخ / خالد الراشد - عجل الله فرجه و فك أسره -
و تعرفون هذا الشيخ جيدا
عندما تسمعه لا تستطيع إلا أن تحبه و تجله
خطر في بالي ذلك اليوم
أن آخذ مشورته
و يكون هو من يحدد ذهابي من عدمه
فقد كنت متردد لأن والداي لم
يسمحا بذلك
و أخاف من أن لا يكتب لي جهاد بعصيان أمرهما
عدنا إلى بيت عمي بعد الصلاة
و بعد صلاة المغرب إستأذنت
و خرجت بمفردي إلى الثقبة
لأقابل الشيخ الراشد
إنتظرته خارج المسجد حتى أتى
قبيل أذان العشاء بقليل
سلمت عليه و قلت له أني أريدك بموضوع مهم جدا
فقال لي أهلا بك و بعد الصلاة
إذا فرغت من أداء السنة الراتبه
تقدم إلي
فقلت الأمر لا يحتمل أن يسمعه أحد
فقال : أنتظرني هنا إذا
أي عند سيارته
صليت العشاء و خرجت أنتظره
فأتى و أصر إلا أن أذهب معه إلى البيت
و أصريت أنا بالرفض
و أتفقنا أن أركب في سيارته
و أسرد له قصتي
فحكيت له القصة كاملة
فقال لي الكثير الذي لا يسع المكان لذكره
و ختمها بقوله بالحرف الواحد
"عد إلى والداك و جاهد نفسك على ألا تعصي لهم أمرا
و سيكتب بإذن الله لك أجر محاولتك "
فتراجعت عن تلك الفكرة
فكانت كلمات الشيخ
نقطة تحول فكري لدي
و حمدت الله أني لم أنساق لذلك
فكم مقدار الألم و الأسى
الذي كنت
سأسببه لوالداي بفعلتي تلك
رغم إيماني بصحتها و شرعيتها
و لكن لرفضهما أسباب
فهما بحاجتي أشد إحتياج
أشد من حاجة العراق و الجهاد لي
فقد ذهب إبن عمي - رحمة الله -
للعراق و استشهد بالفلوجة
تاركا خلفه زوجته و ابنه
كان الخبر كالصاعقة علي
و رأيت الأسى و الألم الذي إجتاح عمي و عائلته بفقدانه
فأستعشرت حجم ذلك الألم
واقعا تجسد أمام عيني
لما كنت سأخلفه ورائي من مأساة و ألم و حزن
دعواتي للشيخ الجليل
أن يفك أسره و يفرج همه
و يعيده سالما إلى أهله و إبنه
و سأضل أدعو له
و أذكره بالخير لجميل نصحه
و تغير مسار حياتي لطريق الصواب
شكرا شيخي الفاضل فقد جعلتني مختلفا