لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: إمكانيات فهم القرآن

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية السهـم

    منتدى التنمية البشرية
    تاريخ التسجيل
    03 2009
    الدولة
    نجران
    المشاركات
    2,240

    U20 إمكانيات فهم القرآن

    إمكانيات فهم القرآن


    الحمد لله وبعد،،

    أخبرنا الله في كتابه بأن هذا القرآن كتاب هداية للناس، كما قال تعالى (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ)[البقرة:185].

    لكن هل هذا كل شيء؟ يعني هل يتفاوت الناس في فهم القرآن بحسب المعايير المادية المحسوسة فقط: الاستعدادات العقلية، المعرفة المسبقة باللغة، الخ؟

    أم أن الناس يمكن أن يتفاوتوا –أيضاً- في فهم القرآن بحسب (المؤهلات الإيمانية)؟

    الحقيقة أنه جاءت إشارات في كتاب الله تؤكد أن المؤمن التقي ينكشف له من معاني القرآن ما لا ينكشف لغيره، كما قال تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)[البقرة:2]..

    فبالله عليك قارن بين قوله عن القرآن في أواخر البقرة (هدى للناس) وقوله عن القرآن في أول البقرة (هدى للمتقين) يستبين لك أن هداية القرآن على مراتب، وأن هداية القرآن العامة تكون للناس جميعاً، ولكن يتشرف أهل التقوى بهداية خاصة، فيها قدر زائد من العلم والمعرفة..

    ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن المعاصي حجاب يحول بين القلب ودقائق القرآن .. فأي حرمان تسببت فيه خطايانا ..

    غُمّت علينا معاني القرآن الخاصة بسبب غيوم الذنوب.. وهل وراء ذلك من شؤم؟!

    أَقرأُ القرآن .. وتمر بي الآية .. وأتأملها.. وأشعر أن فيها معانٍ خاصة كلّ بصري أن يراها بسبب ما اقترفته الجوارح .. فيصيبني من الحسرة والألم ما الله به عليم ..

    أَقرأُ الآية .. وأعلم أنه قد تصفحتها عيون الأتقياء قبلنا في عصور مضت، وتنعمت بمعانٍ، وتجلت لها معارف، وتفتحت لها تصورات.. لأنها قلوب تستحق.. فتزداد حسرتي.. وأردد (هدى للمتقين)..

    وأتذكر قصص السلف التي رويت في تراجمهم، وما ذكر عن تهجدهم بالأسحار، وقيام بعضهم الليل كله بآية يرددها من كتاب الله، وجاء هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي ذر عند النسائي أيضاً..

    أتذكر هذه المشاهد من قيام بعض السلف ليلة كاملة بآية واحدة وأقول في نفسي: يا ترى كم هي المعاني التي فتحت لهذا المتهجد في قيام الليل حتى أصبحت قراءة الآية لا تزيده إلا شغفاً بإعادتها!

    أتخيله وهو يتلوا، ثم يعيدها مرةً أخرى، وكأنما لم يرتوِ منها بعد، فيعيد تلاوتها ويغوص عقله في معانيها.. وتنسكب عليه من معاني الآية ما يحجب عن القلوب المنهكة بخطاياها..

    أتخيل هذا المتهجد وهو يغص بعبراته، وتضطرب لحيته، في زاوية قصية قد اضطجع الليل على جوانبها.. لا تسمع فيها إلا صوت آية واحدة، لا تنتهي حتى تعود مرةً أخرى ..

    الآية واحدة والمواجيد أصناف..

    بل إن الله تعالى جعل في نفس كل مسلم برهاناً على هذه المسألة، وعلى سبيل المثال: تجد المسلم حين يقرأ القرآن وهو في صفاء الصوم، أو خلوة الاعتكاف: ينفتح له من المعاني والتأثر والاهتداء، ما لا ينفتح له وهو يصلي بلا خشوع –مثلاً- ويهذّ قصار السور بهذرمة المستعجلين!

    بل إن الآية الواحدة ذاتها تقرؤها مرة فتطير بها في أفلاك الإيمان، وتتمنى أن تجد أحداً تحدثه عن معانيها بانبهار.. وتستغرب كيف فاتت على الناس هذه الآية؟! ثم تقرؤها في حالٍ أخرى ولا تسترعي منك أي انتباه!

    الآية واحدة .. لكن القلب استيقظ مرة .. وتغشّاه النعاس أخرى!

    فإذا كانت النفس الواحدة يتفاوت فهمها بحسب أحوال زكائها، فكيف بالنفوس المتعددة المتباينة في مدارج السلوك إلى الله؟!

    القلوب الحية تجري في مضمار المعاني القرآنية .. والقلوب المكبلة بالخطايا ما زالت تزحف في الخطوط الأولى!

    ويظن بعض المنتسبين للثقافة الليبرالية ممن يقحم نفسه في تفسير النصوص الشرعية أن قدرته على فهم النصوص تساوي أو تزيد على (أهل التقوى) .. ولا يستطيع عقله المصنّع خارجياً أن يستوعب أن أئمة الدين الذين لهم (لسان صدق عام) في الأمة؛ قد منحهم الله قدراً زائداً في فهم القرآن والاهتداء به..

    ويدفعهم إلى هذا التصور محركات مختلفة، منها تشربهم التام للمعايير المادية الحسية، وجهلهم بالمعايير الإيمانية الغيبية ..

    وأحياناً يكون هذا الأمر مدفوعاً بما يمكن تسميته (الغرور الثقافي) فهو يشعر أن اعترافه بأن (أهل التقوى) يتمتعون بقدر زائد في فهم القرآن أن هذا يقدح في كبريائه المعرفي، ويخلق تراتبية إيمانية في نطاق العلم ترتطم بأوهام المساواة الأرضية..

    مثل هؤلاء يحتاجون أن يتدبروا قول الله (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى)[فصلت:44] فانظر كيف أن القرآن واحد، والأثر في الاهتداء به متفاوت، فهو لأهل الإيمان (هدى وشفاء) وهو لمسلوبي الإيمان (وقر وعمى)!

    ومثل هؤلاء يحتاجون أن يتدبروا قول الله (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)[الإسراء:82]فالقرآن لأهل الإيمان (شفاء ورحمة) ولمن ظلموا أنفسهم (خسارة).

    وكما أن أهل الإيمان يتفاوتون في إيمانهم، فالهدى والشفاء والرحمة يتفاوت بحسب ما في القلوب من الإيمان.

    وكما أن مسلوبي الإيمان يتفاوتون في فجورهم، فالوقر والعمى والخسارة تتفاوت بحسب ما في القلوب من الفجور.

    وإذا تأملت ظاهرة العلم في كتاب الله، وبشكل أدق مصادر وينابيع العلم؛ وجدت إشارات القرآن لما يؤكد هذا المعنى، فالقرآن في مواضع كثيرة يوضح أن (العلم) ليس بفضل المتعلم، وإنما بفضل الله، تأمل قول الله مثلاً (وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ)[البقرة:282] وقول الله(تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ)[المائدة:4] وقول الله (كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)[البقرة:239]، ولاحظ فيها نسبة الأمر إلى معلم آدم ومفهم سليمان سبحانه..

    بل لاحظ كيف يشير بالفعل المبني للمجهول (أوتوا) إلى المصدر الخارجي للعلم (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)[العنكبوت:49] وقول الله(قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)[النحل:27] واستعمال التعبير (أوتوا) إذا أتى ذكر العلم جاء في مواضع متعددة في كتاب الله.

    هذه الظاهرة التي نبّه عليها القرآن، ودلّت عليها وقائع الأحوال؛ يمكن استثمار دلالاتها في عدة نطاقات، فمن ذلك:

    أن المرء إذا مرت به حالٌ إيمانية وشعر بزكاء نفسه وصفاء إيمانه فلينتهز الفرصة وينشر مصحفه ويقرأ كتاب الله ويتدبره، ويتمعن في مضامينه ودلالاته وهداياته، ويستجلي ما وراء الدلالات المباشرة، فكما أن الطالب يختار أصفى الأوقات للمذاكرة، فكذلك المؤمن يختار أزكى لحظاته للتدبر، بل وليدوّن في مثل هذه الحال سوانح المعاني التي تمر به..

    ومن ذلك أن المحب للعلم والمعرفة الشرعية يضع نصب عينيه أن منزلته في تحقيق العلوم الشرعية وحسن الاستدلال من النصوص مربوط بتقواه لله، وأنه كلما ازداد تقوى وورعاً فإن الله يفتح عليه في تحرير المسائل الشرعية والاستدلال عليها.

    ومن ذلك أن طالب العلم يراعي في اختيار الشيخ الذي يدرس عليه، أو يعتني بترجيحاته؛ ديانة الشيخ وتقواه ونسكه وورعه، فإن الشيخ التقي العابد يوفق للحق، كما قيل لإمام أهل السنة الإمام أحمد رحمه الله: من نسأل بعدك؟ فقال (سلوا عبد الوهاب الوراق، مثله يوفق لإصابه الحق)[بحر الدم لابن عبد الهادي، 103]

    فرشح الإمام أحمدُ عبدَ الوهاب الوراق برغم أنه أقل علماً من بعض أقرانه بسبب أنه أكثر صلاحاً وتقوى منهم، حتى أن الإمام أحمد قال مرة (من يقوى على ما يقوى عليه عبد الوهاب)..

    وفي هذه المسائل تفاصيل إضافية أخرى تستحق أن تبسط في غير هذا الموضع، كمسألة مصدرية (الإلهام) في مبحث مصادر المعرفة، ومسألة (القلب المعمور بالتقوى إذا تكافأت عنده الأدلة أو انعدمت، فرجح بمجرد رأيه؛ فهو ترجيح شرعي في حقه) ونحو هذه المسائل.

    والمراد فقط الإشارة إلى دور (الإيمان) في (العلم)، وأن الإيمان ليس مطلباً مستقلاً عن العلم لا صلة له به، وأن وسائل العلم ليست محصورة في الوسائل والبرامج الحسية المادية.

    ولذلك كله قال الله عن القرآن تارة (هُدًى لِلنَّاسِ) وقال عنه تارة (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)، فالأولى هداية قرآنية عامة يشترك فيها الناس، والثانية هداية قرآنية خاصة يختص بها أهل التقوى.

    والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه

    أبو عمر
    شوال 1433


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    اللهم أنزل على أهلنا في سوريا من اليقين والسكينة والطمأنينة والثبات، أضعاف ما نزل بهم من الكرب والبلاء.

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الأغر
    تاريخ التسجيل
    01 2007
    المشاركات
    3,536

    رد: إمكانيات فهم القرآن

    بحث قيم وماتع اخي الفاضل
    غير ان هنا تنويها احببت اضافته ولك التعليق
    هنا في هذا الباب ترد ثلاثة الفاظ التفسير والتاويل والتدبر
    فالأولان يدركان الا بتحصيل العلوم الشرعية ومدى التمكن منها
    كالعلم بالاصول وفهم كلام العرب والناسخ والعلم بالحديث والتبحر فيه
    وغيرها من الادوات اللازمة لعلم التفسير فلو وجد اتقى اهل الارض
    لا بصر له بعلم الاصول او اللغة لما قبل قوله بغير علم فما دون هذا
    فكيف بعلم التفسير.
    اما التدبر فهو ما يدركه المؤمن حال قراءته للقرءان الكريم بخشوع
    وما يستلزم قبل ذلك من حضور ذهن وعقيب ذلاك من تأثر.
    وجزاك الله خير اخي الفاضل
    سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلأَ انْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية نسايم ليل

    المنتديات الإسلامية
    تاريخ التسجيل
    10 2010
    المشاركات
    15,462

    رد: إمكانيات فهم القرآن

    يقول الشيخ المنجد لابد لنا من وقت لقراءة أحد تفاسير القرآن كمثال التفسير لابن كثير

    ومن عرف تفسير القرآن الكريم تدبر أثناء قراءته أو سماعه

    جزاك الله خير

    ورزقك الجنة بلا حساب ولا سابق عذاب

    أحب الصالحين ولست منهم ....لعلي أن أنال بهم شفاعة
    وأكره من تجارته المعاصي ...ولو كنا سواء في البضاعة







  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية غزوله

    ركن الصحة والأسرة
    تاريخ التسجيل
    03 2010
    الدولة
    انا في عالمي المجهول
    المشاركات
    23,865

    رد: إمكانيات فهم القرآن

    جــــــــــزاك الله خيرا
    في ميزان حسناتك يارب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبوإسماعيل
    المشرف العام
    تاريخ التسجيل
    06 2003
    الدولة
    صامطة
    المشاركات
    28,326

    رد: إمكانيات فهم القرآن

    سبحان الله العظيم

    وإني لأتعجب من مدعي الثقافة والمعرفة
    وخاصة بعض كتاب الصحف من رجال ونساء ، عندما يخوضون في آيات القرآن ويفسرونها على أهوائهم وبحسب ثقافاتهم
    ويرون أن بعض العلماء والمشايخ متشددين وأصحاب غلو ، وربك لا يزيد الظالمين إلا تبارا
    مثل اليهود والنصارى الذين يقرؤون القرآن ويبحثون فيه عن العيوب والنواقص والله مبهتهم .
    وخاصة في المسائل التي أضحت حديثهم مؤخرا وفي هذا الزمان الأعوج
    مثل مسألة القوامة ومسألة الحجاب وحقوق المرأة ووووو وغيرها من المسائل التي أثاروها بنية سوداء مقيتة وتحريضية
    يستغفلون بها ضعفاء العقول والعامة من الناس .

    ليتهم يعلمون أن فهم القرآن وإدراك لطائفه ليس لهم فيه نصيب ، وأن ذلك خصّ الله به الراسخين في العلم
    العابدين المتقين الذين يقرؤون القرآن آناء الليل وآناء النهار
    ويتدارسونه بينهم ويتأملون معانيه وكلماته وخفاياها .

    موضوع رائع جدا
    نسأل الله أن يجزي كاتبه خير الجزاء
    وأن يجزيك خير الجزاء أخينا السهم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية السهـم

    منتدى التنمية البشرية
    تاريخ التسجيل
    03 2009
    الدولة
    نجران
    المشاركات
    2,240

    رد: إمكانيات فهم القرآن

    شكرًا لمروركم


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    اللهم أنزل على أهلنا في سوريا من اليقين والسكينة والطمأنينة والثبات، أضعاف ما نزل بهم من الكرب والبلاء.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •