ورقة الخريف

[طائر من الشرق]

مناجاة ليل


باأيها الليل أنت الأمــن والخطرُ
وأنت ياليل أنت الجدب والمطـرُ
*
ففيك ياليل أذناب معـــربدة
وفي ثناياك دمع الحـــرّ ينهمرُ
*
وفيك ياليل أذكـــار وأدعية
وفيك بحــر الهوى طاغٍ ويزدهرُ
*
كم بات يقتات من أمجــاده بطل
وكم جبــان بفعل الخبث يستترُ
*
وكم وضيعٍ هوى في درب غاويةٍ
وكم شريفٍ على الأهـواء ينتصرُ
*
كم بات باللـــيل باكٍ إثْر زلته
وكم مُبـــاهٍ بذنب فيك يفتخرُ
*
وكم سعــيد دنا من باب خالقه
وكم شقــي بحبل اليأس ينتـحرُ
*
من يصحب الليل قد يظفر بحكمته
إذا دجا الليل ضـاءت بالدجى عِبرُ
*
أمَّا الذين إذا مالليـل خالطــهم
باتوا على الـزاد والأهواء هم بقرُ
*
ومن يبيت بذكر الله مؤتلــــقا
طعامه الــذكر والتسبيح هم بشرُ
*

[طائر من الشرق]

لخيلٌ تحــرث الأرجاء عــدْواً
أحـب إلى الشــآم من الغـذاء

وفرســان تجوس الأرض فجراً
أعــزّ من التوسـل والبكــاء

فكم بالشــام باكية وثكـــلى
وكم فيها ترمّل من نســــاء

وكم دار بها أهـــل كــرام
فأضحت بالــدمار وبالخـواء

وكم في القلب أحبــاب وقربى
فأمســـوا بين مقتول ونـاء

أجاعوا الشعب من شيخ وطفل
كما منعوا المريض من الدواء

وما علـموا بأن الموت عـزٌّ
وأنَّ العـمر مرهون القضـاء

فصبرا في سبـيل العز صبراً
فعاقبة الظـلام إلى إنجــلاء

أيا جزار إنَّ النصـر آآآآآتٍ
وتُوْطَأ بالقبـاقب والحـذاء