بطبيعة المرأة نجد أنها باحثة عن الجمال وهذا شيء فطري فيها لا يمكننا انكاره. فمن ناحية نجد انها تميل الى التستر والتخفي وما الخجل الفطري لديها سوى رغبة حقيقية في الابتعاد عن العيون الفاحصة والمتأملة لمظاهرها البيولوجية.
من ناحية اخرى نجد لدى المرأة صفة اخرى تبدو مناقضة لصفة التستر والتخفي لديها لكنها مكملة اياها وهذه الصفة هي التظاهر . ذلك ان المرأة تريد ان تزين ظاهرها وتجمله ليتلهى به كل ناظر اليها فلا يستطيع النظر الى دخائلها بسهولة ومن هذا نفهم ولع المرأة الفطري بأدوات الزينة والتجمل واستعمال العطور.
ان زينة المرأة ليست اغراء وهي لا تقصد بزينتها التحرش بالرجال وانما هي نوع من الاهتمام بالجمال شرط عدم المبالغة فيها . ان التوازن في الماكياج والتزين هو المطلوب وهو افضل وسيلة للتعامل مع موضوع الجمال.
تتزين المرأة لنفسها :
كلنا نرغب بأن نكون جميلات لأسباب عدة.لكن السبب الأساسي هو لنستطيع أن نعجب بأنفسنا عندما ننظر لأي مرآة.ذلك أن مظهرنا الخارجي يعكس مظهرنا الداخلي فكلما كنا جذابين جسديا كلما كانت أمورنا تسير على ما يرام.
تتزين المرأة للآخرين :
كلنا نتغذى معنويا من نظرة الآخرين الينا : من الزوج , من الرفاق , من الجيران , من الأقارب ,... وهذا لا يعني أننا مسجونين ضمن هذه الفكرة لكننا بحاجة للنظرة الايجابية من الآخرين لنشعر أننا نحيا وأننا لن نمر دون أن يلاحظوننا.
تتزين المرأة للرجل :
تتزين المرأة وتكون اجمل في نظر الآخر المرغوب. لماذا؟ ليرغب بها أكثر وليكون فخورا بها عند لقاء الأصحاب والأقارب.
اذن الماكياج ليس تصرفا سخيفا كما يبدو في الظاهر بل هو تصرفا أساسيا في حياة المرأة.

لم يهاجم الماكياج من قبل الرجال؟
تمت محاربة الماكياج من قبل المفكرين القدماء والحديثين ( سقراط, افلاطون,....) وذلك لاعتباره وسيلة متصنعة لخداع الرجل.لكن من جهة اخرى نرى أن الرجل الذي يكره التصنع والماكياج يهوى أن يقع في شباك هذا الاغواء لأنه يعتبر أن كل الجهود التي تبذلها المرأة لتتزين وتظهر كأنثى مرغوبة من قبله هي برهان على أهميته وعلى أنه مركز اهتمامها مما يمنحه قيمة أكثر على المستوى النفسي.
لم يهاجم الماكياج من قبل النساء ايضا؟
بالفعل ان الماكياج يثير النقد او الاحتقار لدى بعض النساء اللواتي تتباهين بالجمال الطبيعي والشفاف, الجمال المطمئن للرجال كونه ثابتا ودائما : نفس الوجه, نفس الصورة,...وكانها تقول له : " لا تخف, سأكون دائما كما أنا الآن ".
كما أن البعض منهن يستعملن القليل من الماكياج ولكنهن يرفضن الاعتراف بأهميته أو بالاستمتاع به. ربما لاعتبارهن بأن الماكياج هو تصرف تافه أو هو دليل خضوعهن لرغبات الرجل.
من الناحية النفسية :
يمكن تفسير الماكياج لدى المرأة , من الناحية النفسية, على أنه ليس فقط للاغواء ولكنه لاعادة تنظيم وترتيب وتركيب الوجه وكأنه اعادة بناء لهوية سبق وأضعناها.مع الاشارة الى أن كلمة تجميل (cosmetique) تأتي من كلمة (cosmos) التي تعني تنظيم العالم.
اذن عندما تتزين المرأة فهي لا تهرب من ذاتها وانما هي تفتش عن ذاتها. فالماكياج يلمس كيان المرأة ويؤثر عليه وعلى رغبتها في الحياة أو في العودة الى الحياة. فهي تبحث من خلاله عن هويات مخبئة او مختفية بداخلها بسبب معاناة ما : مرض, صدمة, كآبة سابقة, ...لتعيد اظهارها وابرازها في المجتمع.
اذن لا يمكن تفسير التزين على انه تصرف تسعى من خلاله المرأة للاغواء ولكسب الاعجاب فقط بل تسعى المرأة عن طريق الماكياج للتعبير عن ذاتها , لاظهار نفسها ولاعادة تنظيم عالمها.