تـــوبـةُ غـــــريــب
جازانُ.. طيرٌ مِن طُيورِكِ قادمٌ
مِن أسْرهِ.. مِن حفرةِ الشيطانِ
سَلَبُوهُ أغنيةَ الصباحِ.. وريشَهُ
كمْ حَنّ للوديانِ والأغصانِ
* * *
مِنْ ظُلْمةِ المَنْفَى أتيتكِ نادماً
بملامحِ المُستَهلَكِ السّهرانِ
أقبلتُ -يا جازانُ- أبكي شائقاً
جهّزتِ ماذا للفتى الولهانِ؟
* * *
جازانُ عُذرا.. ما عرفتُ حبيبتي
إلا بحُضنِ كئيبةِ الأحضانِ
لله ما أقسى فراقَكِ! .. إنهُ
غَرَقٌ ببحرِ الهم والأحزانِ
لله ما أقسى فراقَكِ! .. إنهُ
سَكَرَاتُ موتٍ في لَظَىْ بُركانِ
* * *
جازانُ يا أصلَ الجمالِ ونبعَهُ
من يُنقذُ الغُرَبَا من الحِرمانِ؟
وردُ الجبالِ.. نسيمُها.. غاداتُها
جَعَلَ الصخورَ مِن الغرامِ تُعَانِيْ
والسَّهْلُ في خُضرِ الثيابِ.. وفوقَهُ
كم حُلوَةٍ زَرَعَتْ هوىً بجَنَانِي
مَن عاشَ في جازانَ بضعَ دقائقٍ
سيظنها هيَ جنةَ الرحمانِ!
* * *
جازانُ.. قلبُكِ سَاكِنُوكِ.. وخدُّكِ الـ
فُلُّ النديُّ.. وبحرُكِ العينانِ
الليلُ فيكِ.. نجومُهُ سُمّارُهُ
ما الليلُ دونَ مجالسِ النُدْمانِ؟
في كل شبرٍ منكِ.. قُبلة عاشقٍ
عطْرٌ.. ومِنْ شِعْرِ الهَوَى بيتانِ
لا شوكَ فيكِ.. ولا عَناءَ.. ولا أَذَىْ
فيكِ الحديدُ يَرِقُّ للإنسانِ
* * *
جازانُ يا جازانُ.. إنّيْ حائرٌ
ماذا تقولُ عن الهوى شَفَتانِ؟
أنتِ الربابةُ في يدِ الفنّانِ
أنت المُدامةُ في يَدِ النشْوانِ
جازانُ يكفي أنَّ فيكِ حبيبتي
هلْ بعدَها سيقالُ: ما أشقاني؟
تلكَ التي ما إنْ دخلتُ جِنانَها
إلا اكْتَوَيْتُ بلفحَةِ النيرانِ
آهٍ وآهٍ.. كم أحبُّ عذابَها!
ما الحبُّ دونَ مَرَارَةِ الهجرانِ؟!
* * *
جازانُ.. شاطئُكِ الجميلُ سَكِيْنَتِيْ
لا شأنَ لي ببقيةِ الشطآنِ
إنَّ الغروبَ لَلَعنةٌ إنْ لم يَكُنْ
وأنا هنالِكَ أستعيدُ زَماني
* * *
جازانُ.. جربّتُ الفراقَ.. وجدتُهُ
كُفْراً.. وإني صادقُ الإيمانِ
إني أتوبُ من الفراق فسامحي
قلبي.. ومُنّي -دُمْتِ- بالغُفرانِ
فإذا رجَعْتُ إلى الفراقِ حبيبتي
لا تغضبيْ.. لا تدمعيْ لِهَوَاني
أناْ مَنْ سيسهرُ ليلةَ الحرمانِ
أناْ من سيسكبُ دمعةَ النَدْمانِ
أبو همام اللَّغبي