نزف من فاوصل الضيف
*
*
منذ سنين خلت
كنت أعيش الغربة والوحدة . .
تنقضي ساعات كالدهر وأنا بين جدران أربعة . .
كنت أسامر الحرف أوراقا وأقلاما ومدادا ونزفا . .
كنت أحتسي الهم قصرا . .
وكان الألم يتلبسني عنوة . .
فقمت أسكب المعاناة على أوراقي ودفاتري كتابة ورسما
فراق . . غربة . . ألم . . وحدة ووحشة . . ليل سرمدي . .
شتاء قارس . . أحلام وخيالات وتطلعات وأمنيات شتى .
كنت في زهرة الشباب وعنفوانه وآماله وطموحه .
قرأت كثيرا . .
وكتبت كثيرا . .
مرت السنون طيا كطيّ السجل للكتب ..
لملمت أوراقي وذكرياتي وأودعتها خزانتي .
وفي غمضة طرف
وجدت نفسي في معترك الحياة وزمهريرها
وبعد زمن . .
التفتُّ إليّ . .
فوجدت نفسي قد غدوتُ محاربا
في معترك يكبر شيئا فشيئا . .
نسيت الحرف والقلم
نسيت الفراغ . .
أسابق الزمن ويسبقني . .
أسترق منه برهات ، لأبحث عن حلول لمشاكلي ومشاكل من حولي
ألهث دائما . . حتى أثناء استراحاتي المسروقة منه .
عصفت بي المشاغل عصفا . .
أصحوا من عز نومي وإرهاقي على هاتف ينادي
أو باب يُطرق . .
أدور في دوامة من الضجيج
أخرج لهدف . . وبرأسي مائة هدف . .
وفي منتصف الطريق
يضيع مني الطريق . .
لم أستطع التوقف . .
ولم أستطع إرجاع الزمن . .
ولم أستطع الهرب . .
العجلة تدور . .
واشتعل الرأس شيبا 0
0 0 0
أغمض عيني أحيانا . .
وأحلم أني وحيدٌ بأحد الشطآن . .
أتكئ على جزع نخلة . .
وأحتضن الحرف . .
كم أفتقده
كم أشتاق إليه . .
كم أحبه وكم هو ينعشني ويروح عني . .
أريد أن أبقى معه وحيدا . .
ولكن هيهات . .